كثير من المسلمين يهتمون بتلاوة القرآن وختمه حتى لو من دون تدبر، ولكن الله تعالى قال فى كتابه العزيز: «كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ»{ص: 29}، فى هذه الآية بين الله تعالى أن الغرض الأساس من إنزال القرآن هو التدبر والتذكر، لا مجرد التلاوة على عظم أجرها. قال الحسن البصرى: «والله ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتى أن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، ما يُرى له القرآن فى خلق ولا عمل»، وفى قول الله تعالى: «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ» {النساء: 82}، قال ابن كثير: يقول الله تعالى آمرًا عباده بتدبر القرآن، وناهيًا لهم عن الإعراض وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة»، والتدبر كما قال ابن القيم: «تحديق ناظر القلب الى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقله». حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلمين على تدبر القرآن، فعن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده». وروى حذيفة - رضى الله عنه -: «أنه صلى مع النبى - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فكان يقرأ مترسلًا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ»، فهذا تطبيق نبوى عملى للتدبر. ومن فضائل تلاوة القرآن الكريم بتدبر، أن الله تعالى ذكر فى حديثه القدسى: «من شغله القرآن وذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه» {رواه الترمذى}، وعن على بن أبى طالب - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من قرأ القرآن واستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله به الجنة وشفعه فى عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت له النار» {رواه الترمذى}. والجدير بالذكر، أن القرآن سبب نصرة الأمة وعلى مستوى الفرد هو سبب عزته، فتحضره الملائكة وتبعد عنه الشياطين، والبيت الذى يُقرأ فيه القرآن يتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض، أى يراها أهل السماء نقطة مضيئة فى الأرض والبقية يكون أسود قاتمًا كشكل السماء فى الليل.