الرواة والمفسرون أجمعوا على أن نوحًا «عليه السلام» أرسله الله نبيًا لما قام الناس بعبادة الأصنام والطواغيت وشرع البشر فى الضلالة والكفر، فبعثه الله رحمة للعباد، وهنا يعد كأول رسول بُعث إلى أهل الأرض. كما يقال أهل الموقف يوم القيامة، وقد ذكر القرآن الكريم قصة نوح «عليه السلام» فى أكثر من موضع فى سورة الأعراف ويونس وهود والمؤمنون والأنبياء والشعراء والعنكبوت والصافات، واقتربت، كما أنزل فيه سورة كاملة بالقرآن الكريم، وقد عاش نوح حوالى ألف سنة إلا خمسين عامًا يدعو قومه إلى عبادة الله الواحد القهار، بعد ما انغمسوا فى الكفر والضلالة. كان يدعوهم إلى الله بكل أنواع الدعوة فى الليل والنهار، والسر والإجهار، بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى، وكل هذا لم ينجح فيهم واستمر أكثرهم على الضلالة والطغيان وعبادة الأصنام، بل ناصبوا نوح العداء فى كل وقت وحين، وتوعدوا من آمن بنوح الرجم والإبعاد، ونالوا منهم، وبالغوا فى أمرهم «قال الملأ من قومه» أى السادة الكبراء منهم «إنا لنراك فى ضلال مبين» قال: «يا قوم ليس بى ضلالة لكنى رسول من رب العالمين». وقد وصل الأمر بنوح «عليه السلام» أن دعا على هؤلاء الكفرة «رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارًا»، ولما اشتد العذاب بنوح وقومه المؤمنين كان أمر الله له «وأصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا إنهم مغرقون». «وقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم»، «وقال رب إن قومى كذبونِ فافتح بينى وبينهم فتحًا ونجنى ومن معى من المؤمنين»، و«أغرقنا الذين كذبوا بآياتنا أنهم كانوا قومًا عمين»، «وقيل يا أرض ابلعى ماءك ويا سماء أقلعى وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودى قيل بعدًا للقوم الظالمين». وقد اجمع أهل الأديان على وقوع الطوفان، وأنه عم جميع البلاد ولم يبقِ الله أحدًا من كفرة العبادة استجابة لدعوة نبيه نوح المؤيد المعصوم، وتنفيذًا لما سبق فى القدر المحتوم.