دائمًا ما نشاهد خلال شهر رمضان الفضيل اصطحاب المصلين لأطفالهم الصغار للمسجد، رغبة في الحصول على الثواب والاندماج لساعات في تلك الأجواء، ولكن يقابل الكثير من المصلين رفض وجود الأطفال بالمسجد لكثرة حركتهم وصراخهم مما ينتج عنه تشتيت للمصلين. فيما أجمع عدد من علماء الدين، في تصريح خاص ل"بوابة الوفد"، أنه على المصلين أن يصطحبوا أطفالهم ليعتادوا على دخول المسجد، ولكن لو لم يتمكنوا من السيطرة عليهم ويزعجوا المصلين فعليهم تركهم بالمنزل واصطحابهم في الصلوات القصيرة. محمد أبو ليلة، أستاذ الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية بدار الأرقم، وعميد المعهد العالي للدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية، يقول: إنه في عهد النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"، كان الأطفال يدخلون المسجد، ذاكرًا واقعة امتطاط سيدنا الحسين فوق ظهر النبي أثناء السجود حتى أطال فظن المصلين خلفه أنه نسى أو لقى ربه، وبعد الانتهاء من الصلاة قال النبي "صلى الله عليه وسلم" إنه لم يشأ أن يزعج الحسين. وأكد أبو ليلة، أنه يجب ألا نحول بين الأطفال والمسجد والتلاحم الذي سيحدث بين الأجيال باصطحابنا لهم، حتى يعتادوا ارتياد المسجد وهم صغار ويتركز في وعيه ذلك. فيما اعترض عميد المعهد العالي للدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية، اصطحاب الأمهات لأطفالهن لو كانوا مزعجين ولا يمكن السيطرة عليهم، وفي هذه الحالة يفضل تركهم بالمنزل حتى لا يضايقوا المصلين بعلو صوتهم الذي قد يعلو على صوت الإمام، فضلًا عن تجنب العراك الذي سيحدث بين المصليات، أو المصلين مع ولي أمر هؤلاء الأطفال المزعجين. وطالب أبو ليلة بالتوسط في الأمر، فلا نتركهم بالمنزل دائمًا ولا نصطحبهم ويشتتون المصلين في وقت عبادة، ولكن يمكن اصطحابهم عددًا من المرات وليس كل يوم، قائلًا: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، والأمهات هن الأكثر اصطحابًا لأطفالهن لرغبة الأم في صلاة الجماعة وتخوفها من ترك طفلها، فلا يمكن أن نحرم امرأة من صلاة الجماعة والتراويح بالمسجد في هذه الأيام الجميلة، ولكن لو لم تستطع السيطرة عليهم وعدم إفساد صلاة الجماعة فيجب أن تصلي بالمنزل بعض الأيام أو تتركهم مع أحد ولها الثواب وستجازى لأنها ستمنع إيذاء المصلين وتشتتهم". وقال الدكتور عبدالله رشدي، الباحث بمجمع العلوم الإسلامية، وإمام مسجد السيدة نفيسة: "إذا كان الطفل أكبر من 7 سنوات ومدرك حرمة المسجد لا مانع من اصطحابه مع والديه، إما إن كان دون سن السابعة أو طفل مزعج ويسبب الضوضاء من صراخ وغيره فيعكر على المصلين لذة الصلاة، ويقطع خشوعهم، فلا يتم اصطحابه. ونوه رشدي إلى أنه على الوالدين أن يدبروا أمرهم حتى لو رغبوا في الذهاب للمسجد، فعليهم إيجاد بديل لطفلهم، إما من يجلس معه في المسجد سواء أخ أو أخت أكبر تعتني به، إما عليهم الصلاة بالمنزل ولهم الأجر والثواب. وأرجع ذلك، بأن الأولوية في الشريعة هي مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد، مستكملًا: "لو الطفل هيعكنن وهيقطع عليهم الخشوع، ولو مش هقدر أتحكم في صراخه يبقي يقعد في البيت". قال حامد أبو طالب، عميد كلية الشريعة والقانون الأسبق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إن اصطحاب الأطفال للمسجد أثناء صلاة التراويح، له شقان، أولهما هو تعويد الطفل على الذهاب والصلاة بالمسجد، والشق الثاني ما يحدث من تشويش على المصلين من وجودهم لطول فترة الصلاة. وشدد أبو طالب، على ضرورة مراعاة الشقين بأن يتم اصطحابهم في صلاة قصيرة كصلاة المغرب، أو الظهر وصلاة العيد حتى يرتبطوا بالمسجد، وفي الوقت نفسه لا يتم اصطحابهم إذا كانوا أطفالًا صغار وكثيري الحركة ويثيروا صخبًا فيؤذون المصلين.