خالف البنك المركزي المصري كل التوقعات وقام برفع أسعار الفائدة 2٪ في خطوة حاسمة للسيطرة على التضخم، والذي شهد ارتفاعًا كبيرًا بعد قرار تعويم الجنيه في 3 نوفمبر 2016، والذي صاحبه رفع أسعار الفائدة 3٪ ليرفع البنك المركزي أسعار الفائدة 5٪ في أقل من 7 شهور. وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري في اجتماعها أمس الأول رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع200 نقطة أساس ليصل إلى 16٫75٪ و17٫75٪ على التوالي. ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 17٫25٪.وزيادة سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس أيضًا ليصل إلى17٫25٪. وقال البنك المركزي المصري، إن مستويات التضخم السنوية مازالت تعكس نتيجة الإجراءات الهيكلية التي تم اتخاذها منذ نوفمبر الماضي، حيث ارتفع التضخم مدفوعًا بارتفاعات سعر الصرف وتطبيق ضريبة القيمة المضافة والتخفيض الذي تم في دعم الوقود والكهرباء والزيادات الجمركية على بعض السلع. وسجلت المعدلات السنوية للتضخم العام في إبريل الماضي نحو31٫46٪ في حين انعكس انحسار آثار الإجراءات الهيكلية على المستوى الشهري، حيث انخفض معدل التضخم الشهري من أعلى نقطة له في نوفمبر الماضي والتي سجلت 4٫85٪ حتى وصل إلى 1٫69٪ في شهر إبريل وسجل التضخم الأساسي معدلًا سنويًا 32٫06٪ في إبريل وانخفض المعدل الشهري ليسجل1٫10٪ في إبريل مقارنة بمعدل 5٫33٪ في نوفمبر الماضي. وأوضح البنك المركزي أن قرار رفع أسعار الفائدة 3٪ في نوفمبر 2016 ساهم في تحسن معدل التضخم الشهري، موضحًا أن هذا الانخفاض ليس كافيًا لتحقيق المعدل المستهدف للتضخم على المدى المتوسط، ويستهدف البنك المركزي الوصول بمعدل التضخم العام السنوي إلى مستوى 13٪ يرتفع أو ينخفض 3٪ عن هذا المستوى في الربع الأخير من عام 2018. وأشار المركزي إلى أنه يستخدم السياسة النقدية للسيطرة على توقعات التضخم واحتواء الضغوط التضخمية والآثار الثانوية لصدمات العرض التي قد تؤدي إلى انحراف عن معدلات التضخم المستهدفة. ولفت المركزي إلى تحسن أداء النشاط الاقتصادي وانخفاض معدلات البطالة، فقد بلغ معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي 3٫9٪ خلال الربع الثالث من العام المالي2016\2017 مقابل 3٫8٪،و 3٫4٪ خلال الربع الثاني والأول من ذات العام المالي على التوالي، ومقابل 3٫6٪ خلال الربع الثالث من 2015/2016 وجاء ذلك متمشيًا مع انخفاض معدلات البطالة إلى 12٪ خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي مقارنة ب 12٫6٪ خلال الربع الأول من نفس العام. ويرى المراقبون أن القرار جاء نتيجة لتوصية صندوق النقد الدولي، والذي أوصى منذ شهر بضرورة استخدام آلية سعر الفائدة لكبح جماح التضخم الذي بلغ ذروته الأشهر الماضية وبلغت معدلاته32٪، وقال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطي بصندوق النقد إن أدوات السياسة النقدية والمالية المتاحة، بما في ذلك أسعار الفائدة، يمكن أن تساعد مصر على احتواء التضخم. وقال أزعور في مؤتمر صحفي: «أسعار الفائدة هي الأداة المناسبة لإدارة التضخم في مصر، وهو أمر نناقشه مع السلطات». وقالت كريستين لاغارد، مدير عام صندوق النقد الدولي، في بداية العام إن الصندوق يعمل على مساعدة الحكومة والبنك المركزي للسيطرة علي التضخم. في الوقت نفسه أكدت مصادر أن القرار جاء لامتصاص صدمة جديدة من ارتفاع الأسعار، ستقوم بها الحكومة خلال يوليو القادمة، حيث تتجه الحكومة لرفع أسعار المياه والكهرباء والطاقة. وكان البنك المركزي قد رفع الفائدة 3٪ في 3 نوفمبر 2016 خلال مؤتمر صحفي أعلن فيه عن تعويم الجنيه، إذ كان سعر العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة 11٫75٪ و12٫75٪ قبل التعويم، وتم رفعهما إلى 14٫7٪، و15٫75٪ على التوالي، وأعقب قرار التعويم ثلاثة اجتماعات للجنة السياسة النقدية أيام 29 ديسمبر، و16 فبراير، و30 مارس وقام البنك المركزي خلال هذه الاجتماعات بالإبقاء على أسعار الفائدة. وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع معدل التضخم السنوي العام في إبريل ليسجل 32٫9٪ على أساس سنوي، مقابل 32٫5٪ في مارس السابق عليه، بينما أعلن البنك المركزي انخفاض معدل التضخم الأساسي للشهر الثاني على التوالي ليسجل 32٫06٪ خلال إبريل الماضي مقابل 32٫25٪ في مارس. وتوقعت بنوك الاستثمار المحلية برايم وإتش سي وهيرميس وفاروس أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير في ظل توقعات ارتفاع التضخم في يوليو أو أغسطس المقبلين على خلفية رفع أسعار المواد البترولية. متوقعين توجيه البنوك الحكومية لإصدار أوعية ادخارية بعائد 22 24٪ كخطوة بديلة لرفع أسعار الفائدة. يذكر أنه عقب قرار تحرير الجنيه قامت بنوك الأهلي ومصر والقاهرة بإصدار شهادات ادخار لأجل عام ونصف بعائد 20٪ ولأجل 3 سنوات بعائد 16٪ وجمعت أكثر من 250 مليار جنيه حتى الآن. وقالت قيادات مصرفية، إن البنوك عاجزة عن توظيف الأموال بسبب ارتفاع فائدة الإقراض لهذه الأموال والتي تصل إلى 25٪ مؤكدين أن البنوك تتحمل خسائر بسبب تكلفة هذه الأموال، منوهين بأنه في حالة الارتفاع سوف تشكل عبئًا كبيرًا على البنوك الحكومية. ويأتي ذلك في الوقت الذي لم تستطع البنوك الخاصة منافسة البنوك الحكومية في العائد 20٪ وارتدت إلى العائد16٪ مما سبب لها تراجعًا في معدلات نمو الودائع. وقالت بحوث شركة مباشر انترناشيونال، إن زيادة 1٪ في سعر الفائدة تؤدي إلى زيادة 13 مليار جنيه على أعباء الموازنة، وهذا يعني أن الزيادة التي أقرها البنك المركزي المصري 2٪ ستكبد خزانة الدولة 26 مليار جنيه وهو ما يتطلب من وزارة المالية مراجعة موازنة العام المالي الجديد 2017/2018 لقرار التكلفة الجديدة في بند سداد الديون وأقساطها. ويأتي قرار البنك المركزي في الوقت الذي يعاني القطاع الخاص من صعوبة في التمويل من البنوك بسبب ارتفاع تكلفة الإقراض، وقد بلغ الائتمان الممنوح للقطاع الخاص 25٪ من إجمالي الائتمان مقارنة بنحو52٪ قبل الثورة. وتشير بحوث مباشر إلى أن رفع سعر الفائدة مجددًا يعني رفع تكلفة الاقتراض للقطاع الخاص ما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا أمام الاستثمار، ولا يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني والذي يحتاج في المقام الأول لرفع معدلات النمو وحفز النشاط الإنتاجي. ويتبقى للجنة السياسية النقدية بالبنك المركزي هذا العام 2017 خمسة اجتماعات يوم 6 يوليو، و17 أغسطس، و28 سبتمبر، و16 نوفمبر و28 ديسمبر، ويتوقع أن يقوم البنك بتثبيت الأسعار على الأقل خلال هذا العام.