تسعى حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة الى التكيف مع البيئة الاقليمية الجديدة عبر اعادة توزيع أوراقها بين قيادتيها في الداخل وفي المنفى. واعلنت حركة حماس اليوم السبت ان رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل المقيم في دمشق والذي يتعرض لهجمات من مسئولي الحركة في غزة، لن يترشح مرة اخرى للبقاء في منصبه هذا ما يفتح الباب لخلافته. ويشير عمر شبانة وهو خبير اقتصادي ومدير مركز بال ثينك للابحاث الى ان حماس تمر في عملية تحول بفعل عوامل داخلية وخارجية. ويوضح ان العديد من مسئولي حماس في الداخل يتساءلون لماذا يجب علينا ان نكون تحت الحصار الاسرائيلي من دون تولي مقاليد الحكم بالفعل في القطاع ؟. ويضيف شبانة: خارجيا تتنازعهم الآمال المعلقة على مصر، والضغط الآتي من سوريا في اشارة الى الانتصار الانتخابي الذي حققه الاخوان المسلمون في مصر وهي الحركة التي انبثقت منها حماس، والاحداث في سوريا البلد الذي يستضيف قادة الحركة المنفيين. ويشرح مخيمر ابو سعدة استاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر في غزة مع الاعمال الوحشية التي يرتكبها النظام السوري ضد الاخوان المسلمين لم تعد حماس قادرة على الحفاظ على وجودها في دمشق. ويوضح ابو سعدة ان هناك تبدلا في الادوار بين خالد مشعل الذي اعتبر طويلا متصلبا داخل حماس بسبب علاقاته مع سوريا وايران، وبين قيادات الحركة في غزة الذين ظلوا حتى الآن يقدمون انفسهم على انهم اكثر برغماتية من مشعل. ويتابع: عندما كان مشعل يحظى بدعم كامل من النظام السوري وايران قام بربط نفسه بهذا المعسكر ولم يكن قادرا على تقديم تنازلات. ومع ظهور الثورات العربية ونجاحها خصوصا في تونس ومصر أعرب مشعل عن استعداد حركته لتأييد المقاومة الشعبية السلمية خلال اجتماع عقد في أواخر نوفمبر الماضي في القاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الامر الذي وصفه ابو سعدة بالموقف الجديد. ورد القيادي في حماس من غزة محمود الزهار بالقول حسب ابو سعدة ايضا إن بإمكان المقاومة المسلحة ان تكون شعبية. ويرى ابو سعدة ان ميزان القوى اخذ في التغيير من الخارج الى الداخل حيث إن قيادة حماس في غزة موجودة على ارضها وتعتمد على عائداتها المحلية فهي لم تعد تعتمد على المساعدات المالية الاقليمية. واعدت حكومة حماس في غزة ميزانية قدرها 769 مليون دولار لعام 2012 بزيادة قدرها 22 % عن عام 2011 ومنها 174 مليون دولار من الضرائب وهو زيادة كبيرة مقارنة بالاعوام السابقة. واعتبر شبانة ان الميزانية تنمو كل عام عازيا هذا النمو الى ازدهار اقتصاد انفاق التهريب مع مصر. ويشرح ان حماس تفرض ضريبة على كل منتج تقريبا: الوقود والسجائر والاسمنت ومواد البناء الاخرى. وبالاضافة الى الوفرة النسبية يستطيع قادة الحركة في غزة التمتع بالحرية في التنقل بعد فتح الحدود مع مصر. وقام رئيس وزراء حكومة حماس اسماعيل هنية بجولة استغرقت اسبوعين في مصر والسودان وتركيا وتونس وهي المرة الاولى التي يخرج فيها من القطاع منذ تولي حركته السيطرة على القطاع في يونيو 2007. ويشير وليد المدلل استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاسلامية في غزة الى ان زيارة هنية أوقفت الحصار السياسي على غزة في إشارة الى الزيارة التي قام بها وفد حماس هذا الاسبوع الى سويسرا للمشاركة في اجتماع برلماني. وبحسب المدلل تتقارب حماس مع مواقف الاجماع الفلسطيني لتحقيق المصالحة وللتعامل مع المجتمع الدولي. ويبقى أهم مصدر غير معروف في توازن القوى داخل الحركة بحسب مخيمر ابو سعدة هو دور جناحها العسكري القوي الملتزم حاليا بهدنة مع اسرائيل والمحسوب حتى الآن على خالد مشعل. وبحسب ابو سعدة فإن كتائب عز الدين القسام ستدين بالولاء لمن يعطيهم المال لأسلحتهم. وخلال الفترة الاخيرة اصبح مقاتلو القسام اقرب لقيادة حماس في غزة.