تجده يمشي ببطء شديد، نظرًا لكبر سنه، أو ربما بسبب ثقل الماكينة البسيطة التي يحملها على ظهره، يسير في الطرقات والشوارع طوال النهار لينادي على المواطنين في المنازل بصوت مرتفع وبنغمة خاصة وكأنه يغني:" أسن السكينة وأسن المقص". عم جمال، 63 عامًا، اختار الأحياء الراقية، مثل الزمالك، والدقي، والعجوزة، والتحرير، ليمر بها ويقدم خدمة سن السكاكين والمقصات إلى سكانها مقابل جنيه واحد أو اثنين في القطعة الواحدة، قائلًا:" محدش هيسن في الأماكن الشعبية والتانية دلوقتي هيستخسروا يدوني الاثنين جنيه". أوضح عم جمال، أنه يعمل في هذه المهنة طوال عمره منذ صغره، وأنه اختار هذه الأمكان لأن بها زبائن يعرفونه منذ عشرات السنوات، مات بعضهم، وأولادهم يعرفونه ويتعاملون معه، مشيرًا إلى أنه قديمًا كان يجوب جميع المناطق الشعبية وغيرها لأن صحته كان تتحمل ذلك، والسكان أنفسهم كان لديهم من الأموال ليدفعوها مقابل هذه الخدمة. أضاف: أن دخوله هذه المهنة جاء عن طريق أحد أقاربه الذي أعطاه هذه المكينة بدون مقابل وأخذها وظل يجوب الشوارع بحثا عن رزقه، ولم يترك هذه المهنة إلى الآن، موضحًا أنه قام بتغيير هذه المكينة أكثر من مرة، والأخيرة التي يمتلكها الأن منذ 10 سنوات مكونة من خشب النقر وتتكون من "برانق، ودولق، وحجر، وبكرة، وكرانك". أكد أن أفضل أيام هذه المهنة في العام، في أوقات المواسم خاصة في شهر رمضان، وأيام عيد الأضحى المبارك. بوجه حزين أكمل: بأن الماكينة التي يحملها فوق ظهره، وزنها ثقيل للغاية، وأن ثقل وزنها جعله يفقد صحته كثيرًا وأثرت على ظهره ونظره، وأن أولاده نصحوه بأن يجلس في المنزل ويرتاح ولكنه رفض، قائلًا: "اتعودت عليها عشان دي أكل عيشي، مش بتكلم في فلوس مع الزبون، ولادي بيقولولي أقعد بس أنا مش قادر عشان مش هلاقي فلوس أصرف منها، كل واحد من عيالي والله بيكفي بيته بالعافية، مش هبقى حمل عليهم أنا كمان". أضاف عم جمال: "أن لديه 11 ابن وابنه، وأنه قام بشراء أجهزة بناته للزواج عن طريق أموال هذه المهنة، إضافة إلى مساعدة من يعرفونه"، وبفخر استطرد: "بأن المكينة الخاصة به لها فائدة كبيرة لأنها سهلة الحمل والتحرك رغم ثقل وزنها، ولا تحتاج إلى كهرباء، وسعرها رخيص، ولا يلجأ إلى تغيير الماتور كل فترة بعد تلفه". شاهد الفيديو: