وأنا قاعد أشوف وأسمع الخطاب، كانت دماغي شغالة في اللي حصل امبارح في حوش قدم من الشاعر فؤاد قاعود اللي فاجأنا بحضوره صباح يوم 8 يونيه سنة 1967 وهو لابس بدلة المقاومة الشعبية الكاكي، وقال لنا إن الحرب ما خلصتش وإن الخطة اللي وضعها جمال عبدالناصر بتتنفذ بحذافيرها وإن الخطة دي حتبدأ بالانسحاب من علي الحدود، ثم العبور من قناة السويس في اتجاه الشرق فيأكل العدو الأونطة ويطارد قواتنا المنسحبة حتي شاطئ القناة ويروح لافف لهم من ورا ويزنقهم بقي، والغريب ان الكلام ده قوبل بالتصفيق الجاد من كل الحاضرين في أوضة محمد علي في حوش آدم، والأغرب انني كنت من أشد المتحمسين وأول المصفقين لفؤاد قاعود الذي أدي مجموعة حركات مقاومة شعبية وارتمي علي بلاط الأوضة علي بطنه وفضل يزحف واحنا نسقف له، وأنا بالذات كنت أشد المتحمسين لأني كنت أيامها من أشد المؤمنين بالزعيم جمال عبدالناصر وبقدراته الخارقة، وأفقت من هذه السرحة علي صوت جمال عبدالناصر المنكسر وهو يقول: لابد أن نعترف بأننا تعرضنا لانتكاسة خطيرة وأنه شخصياً يتحمل المسئولية كاملة. وهنا فقط بدأت أراه علي حقيقته وكأني وقعت من سابع سما ونزلت سابع أرض.. يا ااه! دانا كنت مغفل بشكل! خمستاشر سنة تقريباً وأنا عايش في وهم الرجل السوبر مان وكنت مستريح لهذا الوهم ومستمتع بيه وكان الإعلام المصري بيرسخ هذا الوهم في النفوس إلي جانب كاريزما جمال عبدالناصر الفارس العربي المنحاز الي الفقراء في هذا الوطن الذي يحكمه الأغنياء ويستأثرون بخيراته علي حساب ملايين الفقراء المعدمين الذين انحاز لهم جمال عبدالناصر بجرأة وشجاعة الفاروق عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" حين قرر الانحياز للإسلام فقلب كل موازين القوي التي كانت تميل لصالح قريش علي حساب الفقراء المسلمين وقائدهم العظيم الرسول محمد بن عبدالله الذي أرسله الله رحمة للعاملين عليه وعلي آله الصلاة والسلام، الملهم والبطل الأسطوري الذي طال انتظاره ليخرج الأمة العربية من كبوتها التي طالت حتي أوشكت بأن تتحول الي جثة هامدة. وكنت دائما أربط بين جمال عبدالناصر وبلال بن رباح " رضي الله عنه" مؤذن الرسول عليه الصلاة والسلام لأن بلالاً رضي الله عنه وأرضاه كان أول من رفع الأذان "حي علي الصلاة" وجمال عبدالناصر أول من رفع الأذان "حي علي العروبة". وقال عبده شمة: يا ااه ياعم أحمد للدرجة دي. قلت: - وأكتر ياحاج عبده أنا كنت في النوم باحلم بجمال عبدالناصر وهو يخطب علي منبر المسجد الأقصي كما فعلها صلاح الدين الأيوبي وضحك أحمد القزعة قائلاً: أيوه يا كبير بس سيبك م الأحلام وكمل لنا الخطاب. قلت: الخطاب انتهي بجملة شهيرة تقول "لقد اتخذت قراراً أرجو أن تساعدوني عليه. وقال أحمد القزعة: قرار إيه بالصلا علي حضرة النبي عليه الصلاة والسلام قلت: ان يتنحي نهائيا من أي منصب سياسي ويعود إلي صفوف الجماهير. فقال أحمد القزعة: وهي صفوف الجماهير كانت فين وقتها. وقال عبده شمة: اسمع ياحمار انت خلينا نفهم قلت: - وربط تنفيذ القرار ده بأنه حيجيب لنا أخوه وصديقه زكريا محيي الدين يستلمنا من بعده. فقال عبده شمة: وي وي وي وي. قلت: ومن هذه اللحظة بدأت أحلم بفارس جديد واتحقق الحلم بشباب ثورة 25 يناير 2011.