قلت أمس إن إشارة الرئيس المخلوع بيديه، معبراً عن انتصاره، إنما هى استهزاء شديد بالشعب المصرى، ودلالة على أن الرجل يمتلك من البجاحة القدر الكافى لإثارة الناس وتهييج مشاعرهم، وكأن كل ما فعله فى حق الشعب المصرى، كان افتراء من المصريين وظلماً له. إن التلويح بعلامة النصر الذى فعله المخلوع بمثابة طلقات فى صدور المصريين أشد من الطلقات الحية التى صوبها فى صدور ورقاب الثوار، فاستشهد منهم من استشهد وأصيب من أصيب.. فهذا التصرف الأحمق الذى فعله المخلوع يستحق عقاباً يضاف إلى العقوبات التى من المفترض ان تلاحقه، فهذه العلامة دليل استخفاف وإهانة بالغة لا يمكن أن تغفر له. إدانة «مبارك» لا تحتاج إلى أدلة ولا قرائن ولا براهين، فما فعله طيلة الثلاثين عاماً التى حكم فيها، كافية لأن تكون دليلاً على ما ارتكبه من فساد وإذلال وهوان لشعب مصر العظيم.. أما مسرحية المحاكمة التى تجرى حالياً فهى لا تنطلى على أحد، ألم تشهد الدنيا كلها المذابح التى وقعت فى ميدان التحرير وميادين مصر المختلفة؟! ألم تشهد الدنيا كلها حالة التردى والفوضى والتخلف التي سادت البلاد خلال فترة حكمه؟!.. أليست حالة الفقر المدقع التى يعيشها المصريون كفيلة لأن يقتص منه؟!..أليست عملية انعزال مصر عن العالم وتخلفها عن مسايرة التقدم دليلاً على إدانة هذا الديكتاتور؟!.. أليست العشوائيات وعشش الكرتون والصفيح التى تسود فى القاهرة والمحافظات كفيلة بأن يعاقب عليها؟!.. أليست جريمة إذلال الشباب وعدم توفير فرصة عمل أو مسكن يتزوج فيه جريمة، وهناك من أركان نظامه من امتلأت بطونهم بل تكرشت!!! أليس ما فعله حبيب العادلى الذى حول المصريين جميعاً الى متهمين من خلال كمبيوتر وزارة الداخلية دليل إدانة ضد مبارك؟!!..أليس ما فعله فى حق أبنائنا التلاميذ الذين يتخرجون وهم لا يعرفون القراءة والكتابة دليل اتهام ضد هذا النظام الفاشستى؟!.. أليس.. وأليس.. فهناك الكثير المؤلم.. ثم بعد ذلك نرى محاكمة هزلية صورية على جريمة واحدة وهى قتل المتظاهرين، بشائرها غير مطمئنة.. وتكشف عن نوايا خبيثة نهايتها أنه سيخرج من كل هذه الجرائم كالشعرة من العجين!! المصريون الأبطال.. والثائرون الأحرار لن يكفيهم رقبة «مبارك» وأركان نظامه المستبد، بل إنهم يستحقون ان يقتص منهم ألف مرة جراء ما اقترفته أياديهم من أفعال مشينة ضد المصريين، فهؤلاء الخونة لا يكفيهم محاكمة عادية أو عسكرية، إنما يستحقون أن تشكل لهم محاكمة ثورية علنية فى كل ميادين مصر التى ارتكبوا فيها جرائمهم البشعة.. أما ما يحدث الآن فهو مسرحية هزلية لا تشفى الغليل ولا ترضى الضمائر ولا يقبلها أى حر فى هذا البلد.. وأكرر ألف مرة أن ما يحدث هو استهزاء بشعب مصر وبثورة المصريين العظيمة.. وليس من مصلحة من يحمون النظام السابق أن يرضوا بهذا الاستهزاء بالشعب المصرى، فالمصريون الذين خلعوا الديكتاتور وأركان نظامه، لن يستعصى عليهم ان يستمروا فى ثورتهم حتى النفس الأخير ضد كل نظام وامتهان واحتقار لهم.. الشعب المصرى الحر لا يقف متفرجاً كما يزعم الزاعمون ولا يسكت عن حق سلبه منه ديكتاتور أو طاغية.. الشعب المصرى لن يغفر أبداً أية إهانة له، وما يجرى الآن من محاكمة هزلية هو إهانة شديدة لكل المصريين.. والذين يتصورون أن المصريين يتفرجون على هذه المحاكمة فقط هم واهمون فالذى فعله الطاغية المخلوع وأعوان نظامه، فاق الحدود والتصورات، وعملية محاكمته فى جريمة واحدة الآن وتبشر نهايتها بغير خير، لن يسكت عنها المصريون أو يرضوا بأية نتائج سوى القصاص أولاً وأخيراً.. أما عمليات اللعب بالقانون وخلافها فلا مجال لها الآن.. وكأن كل من ارتكب هذه الجرائم ضد المصريين جاء من كوكب آخر، أو كما يزعمون فى استهزاء أن هناك لهواً خفياً أو طرفاً ثالثاً ورابعاً وخامساً.. إن الجرائم التى ارتكبت فى حق المصريين كانت بيد المخلوع وجميع أركان نظامه، ومحاكمته ثورياً ضرورة الآن وملحة بعد مسرحية المحاكمة الهزلية.