هل تشغيل محطات الضبعة النووية يساعد في توفير الغاز لمصر؟ الوكيل يجيب    حصاد«السياحة» في أسبوع | مناقشة موقف مشروعات الآثار للعام المالي الجاري    زيلينسكي يعلن وصوله إلى سويسرا عشية مؤتمر حول السلام في أوكرانيا    الأمير سعود بن مشعل يستقبل الرئيس السيسي في مطار الملك عبدالعزيز    اليسار الفرنسي يكشف عن خطة للتخلص من إصلاحات ماكرون وتحدي الاتحاد الأوروبي    شوط الفار والعارضة| الزمالك يتأخر أمام سيراميكا    مودريتش يخالف رأي مبابي    تموين القاهرة يتحفظ على 22 طن لحوم مذبوحة خارج المجازر    تعرف على حكم صيام يوم عرفة لمن لم يصم الثمانية أيام قبله| فيديو    المفتي: سقوط تكليف الأضحية عن المواطن غير القادر على شرائها في بلده    قد تسبب أمراض القلب، ما هي أضرار المشروبات الغازية على الجسم؟    محافظ بورسعيد يتفقد إحدي الأماكن " بقرية النورس " السياحية بعد افتتاحها في وقت قياسي    الجيش الروسى ينفذ 19 ضربة مشتركة على منشآت استراتيجية أوكرانية    موعد صلاة عيد الأضحى في مصر 2024    تذاكر مخفضة.. مواعيد عرض أفلام عيد الأضحى بسينما الشعب في 18 محافظة    «تاني تاني».. يقفز في شباك التذاكر السعودي ويقترب من 32 مليونا    حماس: الاحتلال قتل أسيرين إسرائيليين في قصف جوي على رفح    الخيار الاستراتيجي لبيزنس "بن سلمان".. الحجاج بين الترحيل أو مطاردين من شرطة مكة    الأزهر: يجب استخدام عوازل لمنع الاختلاط في صلاة العيد    الفيلم الوثائقي أيام الله الحج: بعض الأنبياء حجوا لمكة قبل بناء الكعبة    إيلون ماسك: «تسلا» قد تصبح الأضخم في العالم من حيث القيمة السوقية    إسعاد يونس تكشف ل«الوطن» كواليس ظهورها بالحلقة الأخيرة من دواعي السفر    قصف مستمر وانتشار للأمراض الخطيرة.. تطورات الأوضاع في قطاع غزة    رفع الحد الأقصى لبطاقات العلاج لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بجامعة المنيا (تفاصيل)    إزالة مخالفات بناء في الشروق والشيخ زايد    جوكر الدفاع.. فليك يقرر تغيير مركز نجم برشلونة    «عاش دور رمضان».. كوميديا أحمد عز وعمرو يوسف مع كريم قاسم بسبب «ولاد رزق 3» (فيديو)    «صيام»: نطبق استراتيجية متكاملة لتعريف المواطنين بمشروع الضبعة النووي| فيديو    وزارة العمل: تسليم شهادات إتمام التدريب المهني للمتدربين من شباب دمياط على مهن الحاسب الآلي والتفصيل والخياطة    أول صورة للضحية.. حبس المتهمة بقتل ابن زوجها في القناطر الخيرية    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    وكيل «الصحة» بمطروح: تطوير «رأس الحكمة المركزي» لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين    جوندوجان يطالب جماهير ألمانيا بهذا الشئ قبل اليورو    بالرقم القومي.. نتيجة مسابقة مصلحة الشهر العقاري    تضامن الدقهلية: ندوة تثقيفية ومسرح تفاعلي ضمن فعاليات اليوم الوطني لمناهضة الختان    "ليس الأهلي".. حفيظ دراجي يكشف مفاجأة في مصير زين الدين بلعيد    حج 2024| النقل السعودية تطلق مبادرة «انسياب» لقياس حركة مرور حافلات الحجاج    هل صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عامين؟.. توضح مهم من مفتي الجمهورية    القاهرة الإخبارية: مستشفيات غزة تعانى نقصًا حادًا فى وحدات الدم    قنوات MBC مصر تستعد للعيد بخريطة أفلام عربية وأجنبية وهندية ومسرحيات كوميدية    ماذا يحدث للجسم عند تناول الفتة والرقاق معا؟    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    65% من الشواطئ جاهزة.. الإسكندرية تضع اللمسات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    «التعاون الدولي» تُصدر تقريرا حول التعاون مع دول الجنوب في مجالات التنمية المستدامة    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    نصائح للحفاظ على وزنك في عيد الأضحى.. احرص عليها    لاعب بيراميدز ينفى بكائه بعد التسجيل في مرمى سموحة    «التضامن»: استمرار عمل الخط الساخن لعلاج مرضى الإدمان «16023» خلال عيد الأضحى    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    فرج عامر: أوافق على مقترح الدوري البلجيكي.. ولا أستطيع الحديث عن عبد القادر وخالد عبد الفتاح    شبح المجاعة يضرب غزة    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«السفارة» فى «عزلة»
أغلقت أبوابها نهائيًّا وسحبت موظفيها
نشر في الوفد يوم 10 - 05 - 2017

إسرائيل تغلق سفارتها فى القاهرة بعد فشل التطبيع
المصريون رفضوا التعامل مع 13 سفيرًا منذ 1979
السفراء الإسرائيليون عانوا الاكتئاب فى مناصبهم داخل مصر
فشل رهان «دعاة السلام» على اختراق الأجيال المصرية الجديدة
«لا تصالحْ!.. ولو منحوك الذهب أترى حين أفقأ عينيك ثم أثبت جوهرتين مكانهما.. هل ترى..؟ هى أشياء لا تشترى.. سيقولون: ها نحن أبناء عم. قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك واغرس السيفَ فى جبهة الصحراء إلى أن يجيب العدم».. لخص أمل دنقل منذ عشرات السنين حالة التوتر بين الشعب المصرى والإسرائيلى فى هذه الأبيات، وبالرغم من التصالح السياسى ونجاح التطبيع بهذا الجانب إلا أن فشله شعبيا كان ملفتًا للنظر على مدار السنوات ال38 من عمر معاهدة السلام «كامب ديفيد» التى أبرمها الرئيس الراحل أنور السادات والتى دفع عمره ثمنا لها نتيجة رفض المصريين والشحن العاطفى بقلوبهم من التصالح مع إسرائيل.
تحاول إسرائيل حاليًا تصدير صورة سلبية للعالم عن الأمن المصرى فقامت بإقالة جميع موظفيها بالسفارة قبل أيام قليلة وسحب سفيرها فى أغسطس الماضى بدعوى الاحتياطات الأمنية ولكنها لم تصرح بحالة الكراهية والعزلة التى خلقها الشعب المصرى حولهم وكانت سببًا رئيسيًا فى نفور التواجد الإسرائيلى على أرض مصر.
وأكد المصريون مرارًا وتكرارًا وبكل جوانب الحياة رفض التطبيع مع الجانب الإسرائيلى سواء فنيًا أو شعبيًا أو برلمانيًا أو اجتماعيًا ورياضيًا، ومن سعى لهم ظل منبوذًا بين صفوف الشعب وعوقب على جرمه أشد عقاب ولنا فى ذلك أمثلة عديدة سنذكرها لاحقًا.
أما على الجانب الإسرائيلى فقد تكررت شكاوى الضجر من المعاملة المصرية للسفراء حتى بات وضع هؤلاء مضطربًا على أرض المحروسة يعيشون كما لو كانوا فى نفى بين جدران سفارتهم ومنازلهم ولو اقتربوا من أحد لانهال عليهم السباب ولحق بمن حولهم الضرر وهذا بحسب شهاداتهم عقب الرحيل.
رفض فنى
من خلال الأعمال الفنية المتعددة التى مثلت حلقة الوصل بين جيل أكتوبر الذى زرعت الكراهية فى قلوبه تجاه إسرائيل بسبب الحروب التى شنتها والمجازر بحق الشعب المصرى والفلسطينى حينها وما مروا به من نكسة 1967 وحرب 1948 والعدوان الثلاثى 1956 وحتى نصر أكتوبر العظيم 1973، وجيل آخر نشأ بغير معرفة عن هذه الدولة المكروهة، استطاع الفنان تشكيل وجدان جيل الشباب وتوصيل الفكرة وشرحها إليهم من خلال عدة أعمال فنية على رأسها: السفارة فى العمارة بطولة الفنان عادل إمام وتأليف يوسف معاطى ،وفيلم أولاد العم تأليف عمرو سمير عاطف، وبعض الاعمال التى تتخللها مشاهد مؤثرة تحث على كراهية إسرائيل كصعيدى فى الجامعة الامريكية الذى قام البطل به بإحراق علم إسرائيل نتيجة جرائمه الوحشية بحق شعب فلسطين، بخلاف الدراما التليفزيونية التى رصدت حالات التجسس من الجانبين وبطولة رأفت الهجان ودموع فى عيون وقحة، فضلا عن مسلسل السقوط فى بئر سبع الذى بعث الكراهية تجاه من تجسس على مصر لصالح إسرائيل.
كل هذا كان كفيلا لشرح الرسالة المنشودة لجيل جديد لم يعش هذه الفترة وصار من يحاول الاقتراب من إسرائيل من فنانى مصر بمثابة منبوذ شعبيا ويثار حوله جدل واسع حتى يقوم بالتبرؤ من فعله فيسامحه الجمهور حال اقتناعه، بخلاف المواقف الرافضة للتطبيع فنيا مثلما حدث من جانب أبطال مسرحية «ليلة من ألف ليلة» من بطولة الفنان القدير يحيى الفخرانى لحضور السفير الإسرائيلى ديفيد جوبرين إلى المسرح القومى المصرى لمشاهدة المسرحية، وقد تفاجأ الجميع بحضوره ومعه أربعة أشخاص من حرسه الخاص دون علم من إدارة المسرح أو أبطال العمل وجاء ذلك تزامنا مع احتفال المصريين بذكرى انتصار حرب أكتوبر على العدو الإسرائيلى الغاشم وانتهى الامر بانسحاب السفير من المسرح لبدء العرض.
وهناك قائمة تحوى مواقف عديدة للرفض لفنانين اشتركوا فى اعمال فنية عالمية مع فنانين إسرائيلين، ففى عام 2010 ثار الجميع ضد خالد النبوى وتم اتهامه بالتطبيع مع إسرائيل بعد مشاركته فى الفيلم الأمريكى «اللعبة العادلة»، مع الممثلة الإسرائيلية «ليزار شاهي». وبرر النبوى أن مشاركته جاءت لنصرة العراق وتبرئتها من امتلاك السلاح النووى.
وتكرر الأمر نفسه مع «بسمة» نتيجة اشتراكها فى الموسم الثالث من المسلسل الأمريكى «الطاغية»، مع الممثلة الإسرائيلية «موران أتياس»، وشاركها الفنان خالد أبوالنجا فى المسلسل، والمسلسل من تأليف الكاتب الإسرائيلى «جدعون ريف» وظل اتهام التطبيع يلاحقهما.
واختلف الامر مع عمرو واكد الذى مثل فيلما عن حياة الرئيس العراقى صدام حسين ليكشف فيما بعد أن الممثل الذى قام بدور صدام حسين إسرائيلى الجنسية وعليه قامت نقابة المهن السينمائية بشطبه إلا أن التحقيق تم حفظه فيما بعد نتيجة تبرير «واكد» أنه لم يكن يعلم جنسية الممثل الإسرائيلى إلا بعد تصوير معظم المشاهد.
وعلى الرغم من حب المصريين لدور عادل إمام فى فيلم السفارة فى العمارة إلا أنهم لم يرحموه حينما شارك بمسلسل رمضان العام الماضى «مأمون وشركاه» متهمين إياه بالتطبيع مع إسرائيل وأثير حوله جدل واسع، وانتهى الأمر بتبريره أن هناك فرقًا بين اليهودية والصهيونية وأنه بعيد كل البعد عن الاتهام بالتطبيع حيث عمله بفرقة ناجى عطالله والسفارة فى العمارة ودموع فى عيون وقحة وكلها أعمال ضد إسرائيل.
وكان السباب والشتائم من نصيب خالد أبوالنجا الذى شارك فى عمل فنى عام 2013 بمشاركة إسرائيليين وردًا على تطبيعه قال إن هذه «فكرة متخلفة».
وتعليقًا على دور الفن فى العلاقات والتطبيع أكد الناقد الفنى طارق الشناوى أن إسرائيل أكبر عدو لنا وممارساتها تتم على أرض الواقع وتجعل أى انسان يشعر يكرهها، وأشار إلى أن التطبيع الثقافى تم رفضه عام 1979 من جانب المثقفين وليسوا النخبة فقط أو المصريين ولكنه كان قرارًا عربيًا.
ولفت إلى أن هناك افلامًا هامة عبرت عن ذلك الفكر مثل صعود الهاوية ومسلسل رأفت الهجان وأعمال درامية مهمة، وليس الأمر يعود للأعمال الفنية فقط ولكن هى عقدة شعب وطبيعة من لديهم حس.
وهو ما اتفقت مع الناقدة والكاتبة ماجدة خير الله مضيفة أن فيلم ولاد العم عبر عن حالة العداء بين الطرفين وكان يمتلك رسالة واضحة بأن إسرائيل مهما بدوا فى حالة ود إلا أنهم يحملون الكراهية بنفوسهم، ولفتت إلى أن الأعمال الفنية لم تتسامح على مدار عمر معاهدة السلام مع الجانب الإسرائيلى أو جعله مسألة قابلة للتفاوض.
وأشارت إلى انزعاج إسرائيل من أقل الأشياء التى تحويها بعض الأعمال الفنية لعل أبرز مثال على ذلك السيت كوم «ربع مشكل» التى خصصت فقرة للسخرية من الشخصية اليهودية الذى أزعج إسرائيل بشدة واستطاع توصيل رسالة سلبية لدينا عنهم بشكل ساخر محبب للجيل الجديد.
رفض رياضى
يرفض بعض الرياضيين التطبيع بشكل قاطع حتى لو عن طريق المصافحة الرياضية ففى دورة الألعاب الاولمبية العام الماضى رفض لاعب الجودو اسلام الشهابى مصافحة اللاعب الإسرائيلى رغم موافقته على اللعب معه، وتكرر الأمر بإحدى المباريات مع لاعب كرة القدم محمد صلاح حينما رفض مصافحة لاعب إسرائيلى، ولاعب آخر للجودو رمضان درويش الذى رفض مصافحة لاعب إسرائيلى فى إطار منافسة الجائزة الكبرى جراند سلام فى اذربيجان.
كما فقد نادر السيد موقعه كحارس مرمى فى بلجيكا حينما رفض السفر إلى إسرائيل لخوض مباراة رسمية فى دورى الأبطال الأوربى، كما رفض أبوتريكة تلبية دعوى من أجل السلام بين الأديان حينما تأكد من وجود لاعب إسرائيلى ونشر الدعوة التى وجهت إليه قائلا: «رفضى لها بسبب الكيان الصهيونى.. عفوًا نحن نربى أجيالاً» فضلاً عن حالة الهياج الشعبى والرياضى ضد الكابتن عزمى مجاهد الذى دعا للعب مع إسرائيل، وأعلن قبوله المشاركة معهم فى مباريات والذهاب إلى إسرائيل وهو ما قوبل بغضب شديد وفى نفس السياق قال الكابتن مجدى عبدالغنى عضو اتحاد الكرة ل«الوفد» إن هذا الأمر يخص «مجاهد» بمفرده ويعبر عن نفسه فقط وليس عن اتحاد الكرة.
وتأتى دعوة النادى الأهلى لدورة السفارات التى تقام يومى الجمعة والسبت بمشاركه 10 سفارات بنادى الشيخ زايد اقتناعا بدبلوماسية كرة القدم والتى دعت إليها السفارة الألمانية بالأصل ورحب بها «الأهلى»، وعلى الرغم من قبول الأهلى للدبلوماسية إلا انه رفض مشاركة سفارة إسرائيل فى المباريات رفضا منه للتطبيع مع الجانب الإسرائيلى واحتراما لمشاعر الشعب المصرى وهذا بحسب معلومات من مصدر مطلع ل«الوفد».
حصار شعبى
فى الأصل كانت ثورة يناير ضد كل ما هو مرفوض للشعب المصرى عقليًا ووجدانيًا فلم تسلم سفارة إسرائيل حينها من الغضب الشعبى الذى خلع حسنى مبارك حينها ليقوم الثوار بعد 9 أشهر من اندلاع الثورة باقتحام السفارة الإسرائيلية فى 9 سبتمبر 2011 بالجيزة، أثناء مظاهرات جمعة تصحيح المسار وقاموا بكسر أجزاء من الجدار الخرسانى الذى قامت السلطات المصرية ببنائه عند السفارة، وتحول الشاب الذى تسلق البرج الذى تقع فيه السفارة ونزع العلم الإسرائيلى عن المبنى واستبدله بعلم مصر إلى بطل شعبى تتهافت عليه الفضائيات وصاح الجميع بالتصفيق وأحسوا بالنصر المحقق على إسرائيل، كما ألقوا بوثائق أرشيفية تخص السفارة من أعلى المبنى.
وهذا الموقف الشعبى الشبابى يؤكد الرهان الخاسر للرئيس الراحل أنور السادات الذى رفض التطبيع بشكل كامل مع إسرائيل خلال توقيعه معاهدة السلام «كامب ديفيد»، والذى أصر على أن التفاوض يكون على استرداد الأرض المسلوبة فقط، ورفض حينها إنشاء مركز أكاديمى أو جمعية علمية، بالإضافة إلى انشاء ملحق ثقافى تابع للسفارة، وأكد على عدم احتكاك اليهود بالشعب المصرى من قريب أو بعيد فى هذه المرحلة وأن الرهان على الأجيال القادمة ونسيانها للجرائم التى ارتكبت فى حق الشعب العربى وهو ما عبرت عنه الأجيال الحالية بالرفض القاطع رغم مرور سنوات عديدة، ليكون درسًا قاسيًا لإسرائيل فى تقدير البعض هو اقسى من هزيمة 1973 لهم.
وتعليقًا على رفض التطبيع الشعبى مع إسرائيل أكد الدكتور محمد أبوغدير أستاذ الإسرائيليات بجامعة الازهر أن إسرائيل ظنت ان معاهدة السلام هى نهاية الطريق ولن يراعوا أن استمرار ممارساتهم الشاذة ضد العرب ورفضهم لحقوق الشعب العربى لن يخلق حالة تطبيع كامل كما ظنوا، وأضاف : إنه حتى لو أحسنوا التعامل إلى المصريين فلن ينالوا ثقتهم فهم فى نظر المصريين مجرمون للأبد فضلا عن ان الاعلام يخلق حالة شحن مستمر ضد إسرائيل والفن ايضًا.
مقاطعة الشخصيات العامة
وكان هناك نصيب من قسوة الشعب على كل من وافق على التطبيع مع الجانب الإسرائيلى وهو ما لقاه أعضاء بمجلس نقابة الصحفيين بعدما اتجهوا فى زيارة للقدس وعادوا ليجدوا إدانة شعبية، وقوائم العار فى انتظارهم، فضلا عن الحملة الشعبية ضد شركة «أورانج» الفرنسية للاتصالات والتى أجبرت فى النهاية على الانسحاب من إسرائيل عقب تهديدات بمقاطعة شركتها فى مصر موبينيل.
وأكثر المتضررين حديثًا كان الاعلامى توفيق عكاشة الذى استقبل السفير الإسرائيلى فى منزله وقامت الدنيا حينها ولم تقعد إلا برحيل «عكاشة» عن البرلمان تاركًا مقعده رغمًا عنه بموافقة كاسحة، بخلاف ضربة حذاء على وجهه من النائب كمال أحمد عقابًا له على جرم ما ارتكبه.
أما الكاتب المسرحى على سالم فكان من أكثر المتضررين الداعمين لعملية السلام والتطبيع مع إسرائيل ثقافيًا وأدبيًا، وأصدر كتابًا عن رحلته إلى إسرائيل وتم ترجمته إلى العبرية والانجليزية وصدر فى إسرائيل وبلدان أخرى، وعلى إثر ذلك حاصره المثقفون، وحاولوا طرده من جمعية الأدباء المصرية وفشل الأمر بسبب الرفض القضائى.
كما لم تسلم الدكتورة هالة مصطفى رئيسة تحرير مجلة الديمقراطية بمكتبها بجريدة الأهرام من الهجوم اللاذع بعد استقبالها السفير الإسرائيلى شالوم كوهين، وعليه أحيلت للتحقيق لرفض نقابة الصحفيين التطبيع مع إسرائيل، وبررت الأمر بأن السفير الإسرائيلى كان يرغب فى إقامة ندوة بمجلة «الديمقراطية» بمشاركة مجموعة من الأمريكيين والإسرائيليين والمصريين المعنيين بالشئون السياسية والاقتصادية.
وضمن النماذج التى تؤكد استمرار رفض الشعب المصرى للتطبيع نهائيًا ما تعرضت له ابنة الرئيس جمال عبدالناصر منى التى سرب لها مقطع فيديو فى فرح نجلها تتراقص فيه واشتبه على الجميع حضور السفير الإسرائيلى للحفل فنالت من الشتائم والسباب ما يكفيها، على الرغم من تأكيدات عدم وجود السفير الإسرائيلى بمصر ورحيله قبل الحفل بشهور.
معاناة السفير
عند القراءة والتأنى فيما حدث لسفراء إسرائيل على أرض مصر قد تصيبك حالة من التعاطف الانسانى معهم، حيث إن الملمح الرئيسى أن جميعهم عانوا الاكتئاب نتيجة العزلة الشعبية التى فرضت حولهم، فذهبوا محملين بخيبة أمل ليكتشفوا أنهم عاشوا فى منفى بين 4 جدران إما بمقر سفاراتهم أو منازلهم التى لا ينظر إليها أحد إلا نظرة اشمئزاز وكراهية، وخير دليل على مشقة عملهم بمصر نتيجة رفض التطبيع والوجود الإسرائيلى من جانب المصريين هو تعاقب نحو 13 سفيرًا لم يستطع أى منهم استكمال مدته القانونية 4 أعوام نتيجة النفور الشعبى لهم، فضلا عن رفض دبلوماسيين إسرائيليين القبول بمنصب سفير لدى مصر لما اسموه « منفى» القاهرة ومنهم من فضل التقاعد نهائيا مثل رؤوفين مرحاتا المدير العام السابق بالخارجية الإسرائيلية.
ونتيجة رفض كثير من المسئولين الإسرائيليين للعمل فى مصر بسبب العزلة والحصار لجأت وزارة الخارجية الإسرائيلية لإجراء تعديل جديد فى قانون خدمة السفراء بالخارج، بتخصيص فقرتين بشأن خدمة السفير الإسرائيلى بمصر فقط، تنصان على تعويض السفير الذى يوافق على «تحمل المخاطر المهنية» بالسفر إلى مصر، من خلال تعيينه بعد انتهاء مدته بمصر سفيرًا فى أى دولة أخرى يختارها السفير، وأنه يصرف له تعويض قدره مليون شيكل فى حالة تعرضه لأذى أو إصابة عمل أو تعرض حياته أو أسرته للخطر.
بدأت حكايات السفراء الإسرائيليين مع مصر بافتتاح أول سفارة إسرائيلية فى 1980 على يد «إلياهو بن اليسار» بفيلا بالمهندسين وسرعان ما انتقلت إلى المقر الحالى بأحد العقارات الضخمة المطلة على نيل القاهرة وكوبرى جامعة القاهرة بشارع ابن مالك محمد الدرة حاليًا، حيث احتلت السفارة الطابقين الأخيرين قرب سطح العقار، وأحيط المبنى بإجراءات أمنية مشددة نظرًا لقربها من الجامعة وتكرار خروج تظاهرات للطلاب من الجامعة باتجاه السفارة ولم يدم بقاء هذا السفير سوى عام واحد طالب بعدها بالانتقال إلى إسرائيل وصرح بأنه لم يخرج من القاهرة سوى ب3 صداقات فقط.
وكانت تجربة السفير الثانى موشية سانسون هى الأكثر معاناة فقد ألف عنها كتابًا بعنوان «سبعة أعوام فى أرض المصريين» وهو الوقت الذى قضاه بمصر وصرح فيه بأنه كاد يصاب بمرض نفسى نتيجة العزلة التى عاشها وفرضت عليه من الحكومة والشعب والأجهزة الأمنية فضلاً عن تهرب المصريين من مصادقته ولم يصادقه أحد سوى تاجر أثاث بالتحرير.
ومن بين السفراء الأخطر كان شمعون شاكير الذى عمل بمصر لمدة 3 اعوام من 1988 وحتى 1991 وقام بتأسيس المركز الأكاديمى الإسرائيلى بالسفارة الذى وصفه كثيرون بأنه «وكر للجواسيس»، وتم طرد عشرة من العاملين به للشك فى نواياهم وعدم الارتياح لهم.
ولجأ إفرام دوفيك السفير الرابع لإسرائيل إلى المهدئات نتيجة معاناته النفسية التى تعرض لها فى مصر وتجاهل الخارجية المصرية له والشعب أيضا فاضطر إلى الاستقالة وقال عقب عودته إلى إسرائيل «هى مهمة صعبة وشاقة للغاية وأنه لم يستطع تحمل العزلة فاستقال فى النهاية بعد عام واحد فقط فى مصر».
وعقب سلسلة من الفشل للسفراء اضطرت إسرائيل إلى اختيار سفير من أصل مصر ديفيد بن سلطان وكان يتحدث العربية بطلاقة ولم يشفع كل ذلك معه فحوصر بالعزلة الشعبية هو الآخر حتى روى إن أحد الفنانين التقى به فى مناسبة وتصادقا وحينما ذهب للفنان إلى منزله رفض الأخير استقباله ورفض الهدية التى جاء بها إليه فاضطر لترك القاهرة قبل انتهاء مدة خدمته ليظل المنصب شاغرًا.
«لماذا تكرهوننا» هى أبرز العبارات التى جاءت على لسان سفير إسرائيلى للصحفيين المصريين قالها تسفى مازئيل الذى ظل بمصر خمس سنوات، وخاطب إسرائيل مطالبا بزيادة الاجازات التى تمنح للسفراء نتيجة معاناته لضغط عصبى شديد هو وزوجته نتيجة العزلة التى فرضت عليهم من المصريين.
ولم تكن تصريحات السفراء الإسرائيليين فقط هى الدليل على بعد العلاقات وعزلة السفراء ولكن زوجاتهم أيضًا مثلما قالت زوجة ميشال مزائيلى السفير الإسرائيلى السادس «كنا نعتقد أن المسافة بين القاهرة وتل أبيب ساعة واحدة بالطائرة بيد أننا اكتشفنا أن المسافة أطول من ذلك بكثير»، واشتكت أن زوجها طلب تغييره ونقله من مصر 12 مرة بسبب حالة العداء والمقاطعة من المصريين، مما دعاه للتعامل فقط مع الجاليات الدبلوماسية الغربية، وكان يرفض حضور المناسبات إلا باصطحاب السفير الأمريكى.
وكان السفير جدعون بن عامى الذى مكث بمصر عامين فقط أكثر واقعية ممن سبقوه حيث قال «سألحق بزملائى وأعود سريعًا لإسرائيل، فقد جاء لمصر بفترة حرجة أثناء الانتفاضة الفلسطينية وتولى شارون رئاسة الوزراء، وزاد الأمر سوءا بتصريح الرئيس مبارك حينها ضد شارون أنه لا يعرف سوى القتل ولا يفهم شيئًا بالسياسة ووصف وزير الخارجية للحكومة الإسرائيلية انها عصابة للقتل.
عام واحد هو عمر بقاء السفير الثامن إيلى شاكيد بمصر، الذى شكى العزلة ورفض الشارع المصرى وتكاتف الصحافة المصرية وتبادل الشتائم بينهما، وكان لديه حظ سيىء حينما قتل الشيخ ياسين وثار غضب المصريين فنال من السباب أكثر مما يستحق حتى وصل الأمر بوصفه فى صحيفة الاخبار إنه وقح وكذاب وجلياط ومفلوت اللسان، وقرر العودة إلى إسرائيل والتقاعد وقال حينها إن مناخ العداء الذى أحاط به منذ تسلمه منصبه لم يمنحه على الإطلاق أى فرصة للتواصل مع الشارع المصرى مع أنه يتحدث اللغة العربية بطلاقة».
وتعرض السفير شالوم كوهين الذى تبع «شاكيد» للطرد نحو 7 مرات نتيجة القصف الإسرائيلى على غزة بأسلحة محرمة دوليا حين طرد من حفل فى دار الأوبرا، بعد أن رفض مدير الدار استقباله، كما رفض جميع الفنانين المشاركين فى الحفل وعلى رأسهم الفنان محمد منير الصعود إلى خشبة المسرح إلا بعد خروجه من القاعة.
وكان نصيب السفير العاشر لمصر اسحق ليفانون هو الأسوأ بسبب وجوده بمصر عند قيام ثورة يناير وتعرض السفارة الإسرائيلية للاقتحام، واضطر للرحيل عن مصر هو وعائلته وموظفو السفارة.
كما تعرض لموقف حرج حينما تم طرده هو وأربعة اشخاص وطاقم حراسته من أحد المطاعم الشهيرة فى المعادى ورفض المغادرة وحدث احتكاك مع رواد المطعم نتيجة هذا الرفض واستدعى الشرطة لفض الاشتباك.
أما السفير الحادى عشر فكان ياكوف عميتاى الذى عمل بمصر من منزله نتيجة عدم وجود مقر للسفارة كان فى انتظاره طرد الرئيس المعزول محمد مرسى له نتيجة الهجمات التى استهدفت غزة فى 2014، ليأتى بعده حاييم كورون الذى قدم استقالته بعد عامين مبررًا أن العمل فى القاهرة شاق ومجهد.
وربما رفض السفير الحالى غوفرين حالة الاستسلام لمن سبقوه فحاول حينما جاء إلى مصر مداعبة الشعب بفيديو يمدح فيه الفنان عادل إمام ووصفه كأفضل كوميدى فى العالم وخفة دم المصريين وحسن الضيافة إلا أن رأيه تغير كثيرًا فى أغسطس الماضى حينما غادر مصر.
وأضاف فى تصريحات سابقة له: «التعاون المدنى بين مصر وإسرائيل تضاءل جدًا خلال السنوات الأخيرة، سواء بسبب الربيع العربى أو بسبب اقتحام السفارة فى القاهرة الأمر الذى صعب على ممثلى تل أبيب العمل فى الدولة، كما كان الأمر بالماضى وأن رؤية المصريين للسلام تختلف تمامًا عن نظيرتها الإسرائيلية، فبالنسبة للقاهرة السلام هو نهاية الحرب وليس إقامة علاقات طبيعية، كما أن النظام المصرى تجنب خلال العقود الأخيرة تشجيع إقامة علاقات مع تل أبيب، لم يزر أى رئيس مصرى عدا السادات إسرائيل، ومبارك زارنا فقط فى جنازة إسحق رابين وهناك صعوبة فى دفع العلاقات الثقافية مع القاهرة» وروى واقعة : «قبل عدة شهور شاهدت عرضًا بالمسرح القومى المصرى والأمر أدى إلى هجوم فى الإعلام المصرى ضد مدير المسرح، لأنه لم يوقف العرض ويطردنى، بعد 40 عامًا من زيارة السادات للقدس، مازالت زيارة سفير إسرائيلى لعرض مسرحى بالقاهرة تثير الانتقادات.
كما قوبل السفير الحالى المغادر لمصر فى ظروف قالوا عنها «دواعى أمنية» بعدة هجمات قاسية حينما زار الاسكندرية وتجول داخل مكتبتها وزار متحف الرئيس أنور السادات.
كما يرى السفير محمد العرابى عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان أن إسرائيل تعلم تمامًا الآن حالة الكراهية التى يكنها الشعب المصرى تجاهها ورفض دبلوماسييها على أرض مصر نتيجة ممارساتها الخاطئة فى حق الشعب الفلسطينى التى لم تر أى تقدم يشفع لتحسين العلاقة معها.
وأشار إلى أن العالم كله بين الحين والآخر كان يتقدم بالنصح للمصريين بضرورة التطبيع والقبول به وقد توقف هذا المطلب حاليًا نتيجة إيمان العالم كله بموقف الشعب المصرى ولن يتغير الموقف بالمناسبة.
وأضاف أن « رهان السادات على الأجيال القادمة وتقبلها للتطبيع الكامل لم يخسر ولكن الظروف تغيرت والواضح أن الأمر لم يتجه حسب أهوائه، ولا ألوم الشعب على موقفه لأن إسرائيل هى السبب فى هذه الكراهية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.