ترامب: لن نسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم    الدولار ب49.64 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 3-6-2025    مديرية الطب البيطري بالوادي الجديد تطرح لحومًا بلدية ب280 جنيها للكيلو    صرف 11 مليون جنيه منحة ل 7359 عامل في الوادي الجديد    زلزال بقوة 6.2 ريختر يضرب الحدود التركية.. والمصريون يشعرون به للمرة الثالثة في شهر    زلزال بقوة 6.6 على مقياس ريختر يضرب جزيرة رودس اليونانية    الحوثيون يقصفون دولة الاحتلال.. مستوطنون في الملاجئ وتعليق الطيران    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب منطقة الحدود بين جزر دوديكانيز وتركيا    لقطات من حفل زفاف سيد نيمار لاعب الزمالك    مروان عطية: لم نعرف بقرار الإدارة قبل مباراة الزمالك بساعة ونصف.. وألعب مصابا    قرارات عاجلة من وزير التعليم قبل بدء العام الدراسي الجديد 2026 (تفاصيل)    تعليم الوادي الجديد: 1400 طالب مستفيد يوميًا من المراجعات بالمساجد    تامر حسني يرد على إمكانية عمل ديو مع عمرو دياب (فيديو)    دعاء الزلزال.. «الإفتاء» تنصح المواطنين بترديد هذه الأدعية في أوقات الكرب    زلزال قوي يضرب القاهرة الكبرى وبعض المحافظات    طقس معتدل والعظمى في القاهرة 31.. حالة الطقس اليوم    الكشف عن حكام نهائي كأس مصر بين الزمالك وبيراميدز    الجارديان: استهداف المدارس المستخدمة كملاجئ في غزة "جزء من استراتيجية قصف متعمدة"    ترامب: لن نسمح بأي تخصيب لليورانيوم في إيران    بيل جيتس يُعلن استثمار 200 مليار دولار في الصحة والتعليم بأفريقيا خلال 20 عامًا    وسط تحذيرات صهيونية من دخولها . اعتقالات تطال مهجّري شمال سيناء المقيمين بالإسماعيلية بعد توقيف 4 من العريش    أحفاد نوال الدجوي يبدأون مفاوضات الصلح وتسوية خلافات الميراث والدعاوى القضائية    مواعيد مباريات مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية 2025    مروان عطية: جوميز طلب انضمامي للفتح السعودي.. وهذا قراري    محامي نوال الدجوي يكشف وصية سرية من نجلتها الراحلة منى    أهم الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من ذي الحجة    «أنا مش مغيب!».. تعليق مثير من هاني سعيد على احتفالات بيراميدز بعد مواجهة سيراميكا    مجلس الاتحاد السكندري يرفض استقالة مصيلحي    ارتفاع كبير ب840 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالصاغة (محليًا وعالميًا)    لاند روفر ديفندر 2026 تحصل على أضواء مُحسّنة وشاشة أكبر    مصدر أمني يكشف ملابسات فيديو لمركبات تسير في الحارة المخصصة للأتوبيس الترددي    البيت الأبيض يعلن استعداد ترامب للقاء بوتين وزيلينسكي    رسميًا بالزيادة الجديدة.. موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025 وحقيقة تبكيرها قبل العيد    سقوط «نملة» بحوزته سلاح آلي وكمية من المخدرات بأسوان    التعليم: زيادة أفراد الأمن وعناصر إدارية على أبواب لجان الثانوية العامة لمنع الغش    عاشور يهنئ فلوريان أشرف لفوزها بجائزة أفضل دكتوراه في الصيدلة من جامعات باريس    أحمد السقا يوجه رسالة تهنئة ل ابنته بمناسبة تخرجها    بسبب لحن أغنية.. بلاغ من ملحن شهير ضد حسين الجسمي    رحمة محسن: اشتغلت على عربية شاي وقهوة وأنا وأحمد العوضي وشنا حلو على بعض    "أوقاف سوهاج" تطلق حملة توعوية لتقويم السلوكيات السلبية المصاحبة للأعياد    مستقبل وطن بالأقصر يُنظم معرض «أنتِ عظيمة» لدعم الحرف اليدوية والصناعة المحلية    بمشاركة 500 صيدلي.. محافظ قنا يشهد افتتاح مؤتمر صيادلة جنوب الصعيد الأول    1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    قرار من رئيس جامعة القاهرة بشأن الحالة الإنشائية للأبنية التعليمية    طريقة عمل شاورما اللحم، أكلة لذيذة وسريعة التحضير    أخبار 24 ساعة.. برنامج جديد لرد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه في الموازنة    أسطورة ميلان: الأهلي سيصنع الفارق بالمونديال.. وما فعله صلاح خارقًا    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    4 أبراج «بيعرفوا ياخدوا قرار»: قادة بالفطرة يوزّعون الثقة والدعم لمن حولهم    وزارة الإنتاج الحربي تنظم ندوات توعوية للعاملين بالشركات    القومي للبحوث يقدم نصائح مهمة لكيفية تناول لحوم العيد بشكل صحي    رئيس الشيوخ يهنئ الرئيس والشعب المصري بحلول عيد الأضحى المبارك    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرى 25 يناير واستنكاف البرادعي
نشر في الوفد يوم 20 - 01 - 2012

احتفل التونسيون بمرور عامٍ على اندلاع الثورة عندهم، والتي أدّت إلى هروب الرئيس، والبدء بإقامة نظامٍ جديدٍ تمّت مرحلته الأولى بانتخابات المجلس التأسيسي، ورئيس جديد للجمهورية، ورئيس جديد للحكومة. وما خلت الاحتفالاتُ من منغِّصات،
فالنساء ذوات النزعات النِسْوية غير راضيات، وكذلك الشبان الراديكاليون. والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية بالغة العُسْر والصعوبة. لكنّ التونسيين حقّقوا إجماعا على المسار لم يتخلخلْ، كما لم يخرجْ فريقٌ وازنٌ على الوفاق الوطني العام. بيد أنّ ما تحقّق في الوطن الصغير الذي بدأ فيه زمانُ الثورات العربية، لم يتحقق مثلُهُ في بلد الثورة الكبرى: جمهورية مصر العربية! فبعد قُرابة العام على اندلاع الثورة في 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، هناك خلافٌ على كل شيء: على المسار الذي وضعه المجلس العسكري وجرى بمقتضاه الاستفتاء على تعديل بعض مواد الدستور، وعلى الانتخابات التي جرت رغم الاتفاق على سلامتها الإجرائية، وعلى سلوك المجلس العسكري في الأشهر الستة الأخيرة، وعلى طريقة كتابة الدستور الجديد. وقبل ذلك وبعده على طرائق التعامُل مع الرئيس السابق حسني مبارك ورجالات عهده، وعلى طرائق التعامُل مع ضحايا الثورة وشهدائها، وطرائق التعامُل مع الشبان المدنيين الذين أَطلقوا الثورة. ولذا فإنّ حركات الشباب هذه دعت إلى مليونيةٍ كبرى بميدان التحرير يوم 25 يناير شعارُها استعادةُ الثورة وأهدافها؛ بينما يذهب الإسلاميون الذين فازوا بالأكثرية في الانتخابات إلى أنّ الثورة حقّقت أهدافها، واستعاد الشعب إرادته وحرياته التي عبَّر عنها في الانتخابات التي جرت، وسوف يُدعى بعد مرتين: مرة للتصويت على الدستور الجديد، ومرة لانتخاب رئيس للجمهورية. وفي حين كان الشباب وما يزالون يستعدُّون لمليونية الاستعادة، أعلن الدكتور محمد البرادعي تراجُعه عن الترشُّح لرئاسة الجمهورية. ومع أنه لم يقل بوضوح لماذا يفعلُ ذلك أو لماذا يستنكف؛ فالمفهوم مما قاله أنه يُحمِّل المجلس العسكري المسؤولية عن الأخطاء التي ارتُكبت في رسم المسار، والتي تسبّبت في هذه الاختلالات بدلا من نقل السلطة إلى الشعب بسلاسةٍ ودون استقطاباتٍ وتوتُّرات! ولا ينبغي الاستخفاف بخطوة البرادعي هذه، وإعادتها إلى مجرَّد تضاؤل حظوظه في الفوز بالانتخابات. فقد عاد الرجل إلى مصر قبل سنتين ونيّف، بعد نهاية فترتيه في وكالة الطاقة الدولية، وتحدّى مبارك وعهده ونظامه بالإعلان عن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية، فحرَّك بذلك الجماعات المدنية، وشباب العمل المدني والسياسي، وكانت حركته الإيذان بنهاية مبارك وتوريثه وعهده. وقد انحاز إلى الشبان الثائرين منذ البداية، وشكّك في إجراءات المجلس العسكري وخياراته. وعندما اصطدم الشبان بالمجلس العسكري بعد تجاذُباتٍ دامت شهورا، عرض البرادعي أن يتولى رئاسة حكومةٍ جديدةٍ بصلاحيات ويترك بذلك الترشح للرئاسة. ولكنّ المجلس العسكري الذي اعتبر الشبان خصوما له، اعتبر البرادعي خصما أيضا باعتباره واحدا منهم.
خلال الأسبوعين الأخيرين، ومع اقتراب موعد 25 يناير ومليونية الشبان فيه، تصاعدت مخاوف كثيرةٌ من عودة الصدام بين الشبان وقوى الأمن. فهناك شبانٌ ما يزالون معتصمين أمام مجلس الوزراء، وآخرون ما يزالون مخيّمين بميدان التحرير. وهؤلاء الذين فقدوا في مواجهة الشرطة والجيش نحو الخمسين قتيلا، ربما صمَّموا بعد التجمع الكبير على البقاء بميدان التحرير لحين تحقيق مطالبهم في التحقيق بما نزل بهم، ومحاكمة من قتلهم، والتعويض على شهداء الثورة، وتشديد القبضة على رجالات العهد السابق، ومغادرة المجلس العسكري لسُدّة السلطة فورا بدلا من الانتظار لحين انتخاب رئيسٍ للجمهورية في شهر يونيو (حزيران) القادم. وإذا تجدد الاعتصام الحاشد، فستتجدد الصدامات مع قوات الأمن، وتُصبح المرحلة الانتقالية، وأعمال البرلمان الجديد (بما في ذلك اختيار لجنة كتابة الدستور) معرَّضةً للتهديد.
لماذا حصل الافتراق بين الشبان والعسكر، كما بين الشبان والأحزاب الإسلامية، وبعض الأحزاب المدنية؟ يعتقد الشبان أنّ العسكريين إنما اختاروا هذا المسار استنادا إلى اتفاق بينهم وبين الإخوان المسلمين، بحيث يفوز الأخيرون في الانتخابات، وتكون الرئاسة من حصة العسكر. وهذا التوافُقُ المكتوب أو غير المكتوب، يفترض أنّ الدستور إمّا أن يُكتب بالتراضي بين الفريقين بحيث يُعطي العسكر الضمانات والحصانات التي يرغبونها، فيمكن عندها أن يكون الرئيس مدنيا أو تكون ضمانةُ العسكر وامتيازاته، بقاء الرئاسة عنده من طريق أحد العسكريين المتقاعدين. ويذهب الشبان إلى أنّ هذا المسار إن تحقّق فإنه يعني أن نظام مبارك مستمر وما تغير غير الرئيس؛ في حين حلَّ الإخوان محلَّ الحزب الوطني الذي كان حاكما. وهكذا فهناك مخاطر على كتابة الدستور (مسألة المواطنة والدولة المدنية)، كما أنّ هناك مخاطر في عودة العسكريين إلى الحكم بطريقٍ مُوارب.
إنّ الواقع أنّ هذا الافتراض له شواهد وعليه تحفظات. فالمجلس العسكري أعلن مرارا أنه لا يريد امتيازات لا في الدستور ولا في الحكومة والبرلمان. وقد عبَّر عن انزعاجه من الإسلاميين من خلال الوثيقة التي كان الدكتور علي السِلْمي يقترحها بشأن المبادئ فوق الدستورية أو الحاكمة للدستور. كما أنّ العسكريين حاولوا ويحاولون من خلال المجلس الاستشاري الذي شكَّلوه أن يحدُّوا من صلاحيات مجلس الشعب في اختيار لجنة كتابة الدستور، وأن يحفظوا الطابع المدني والتحرري للدستور المُراد كتابتُه. إنما من جهةٍ أُخرى هناك المواجهات في ماسبيرو، وفي شارع محمد محمود وأمام وزارة الداخلية، وكلُّها شواهد على أنّ العسكريين يريدون وضْع الثورة ومقتضياتها وراءهم، واستعادة «النظام» بأي سبيل! بيد أنّ هناك من يقول إنه ربما كان العسكريون والشبان معهم قد وقعوا في الفخِّ نتيجة عدم الخبرة. فقد كان المسار الأفضل هو البدءُ بانتخاب الرئيس بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية. وفي ظلّ الرئيس الجديد تجري الانتخابات كما تجري كتابةُ الدستور في اللجنة المختصة، ثم يُعرضُ على الاستفتاء العام.
إنّ الذي يتبيَّن من هذه التفاصيل الخلافية أنّ الاتفاق ما يزال مُتاحا ما دام العسكر سوف يغادرون بعد انتخاب الرئيس، وإنما تبقى نقطة كتابة الدستور، واللجنة المختارة لذلك، والتي ينبغي أن يتمثل فيها سائر الأطراف. وهذا البعبع الذي يخشاه الجميع، ما عاد عليه خلافٌ كبير، لأنّ الجميع يسلِّمون ببقاء المادة الثانية في الدستور والتي تنصُّ على موقع الإسلام والشريعة في الدولة. وهناك من جهةٍ ثانيةٍ الموادّ الخاصّة بالحريات، والتي لا يستطيع أحدٌ في الواقع التلاعُبَ بها، لأنها إلى جانب المواطنة ومبادئها وضماناتها، تبقى الأهمّ في دستور الثورة أو ما بعد الثورة. والواقع أنّ هناك أمرا ثالثا بالغ الأهمية، وهو هل يكون النظام رئاسيا أم برلمانيا، بحسب الصلاحيات التي ينصُّ عليها الدستور لكلٍ منهما؟ ولولا الخلاف بين قوى الثورة، والشبان أو المجلس العسكري، لكان من المتوقَّع أن يُصرَّ كثيرون على برلمانية النظام خشيةً من التجربة الطويلة مع الاستبداد. لكنّ الانقسام بين قوى الثورة، وسيطرة الإسلاميين على البرلمان، يجعل من المرجَّح اجتماع الشبان والجيش وقوى شعبية أُخرى على بقاء النظام رئاسيا لاستحداث توازُن مع البرلمان إذا ما سيطرت عليه قوةٌ أو قوى يمكن أن تستمرئ الاستبداد الذي جربتْهُ عدة ديمقراطياتٍ من قبل.
الاتفاق أو التوافُق على حلولٍ وسطٍ ممكن إذن. وإنما تحول دونه أحداثُ هذا العام الطويل، والذي خلّف آثارا دعت من جهة البرادعي إلى الاستنكاف، والشبان إلى التشكيك في نوايا المجلس العسكري وتصرفاته. فالمسألة تكمن في فقد الثقة بين الأطراف الثلاثة الرئيسية في المشهد وهم الشبان والعسكريون والإخوان. وفقد الثقة هذا لا علاجَ له، ولذلك ظهرت التخوفات بشأن الخامس والعشرين من يناير الذي يحلُّ بعد أيام. وقد اختار شيخ الأزهر الاجتماع إلى الشبان لتهدئتهم ولطمأنتهم إلى حقّهم ودورهم في صون الاستقرار من جهة، والحريات والتعددية من جهةٍ أُخرى.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.