الفقر والأزمة الاقتصادية أهم أسبابها.. وعودة «حرامى الغسيل» للمساكن الشعبية يتضمن قانون العقوبات 16 مادة، تبدأ من المادة 311 وتنتهى بالمادة 327، وكلها توضح ماهية جرائم السرقة والعقوبات الخاصة بها، بدءا من سرقة المأكولات والمشروبات من المحلات العامة وعقوبتها الحبس 6 أشهر، حتى جرائم السرقة بالإكراه وتصل عقوبتها إلى السجن المؤبد، ولكن كل هذه العقوبات لم تمنع اللصوص من الانتشار والتوغل فى كل أنحاء المجتمع، بل أصبح الآن العصر الذهبى لمهنة الحرامية التى لم تفرق بين الأحياء الراقية التى تتمتع بحراسة مغلقة عليها أو الأحياء الشعبية والعشوائيات. واقعة قيام أب بسرقة علبة شيكولاتة من سوبر ماركت شهير بالجيزة لم تكن مفزعة بالنسبة إلى البعض، فالظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد خلقت أنواعا من السرقات لم تكن معروفة فى مجتمعنا من قبل، وقد أصبحت متنوعة، سرقات تبدأ من الشيكولاتة، وحقائب السيدات، ونشل حافظات النقود فى وسائل المواصلات، حتى اقتحام الشقق ولو كان أصحابها مازالوا فى داخلها، بل اللافت للنظر هو عودة سرقة الغسيل من جديد. الغريب أن الجرائم أصبحت منتشرة فى كل مكان، فبعد أن كانت سرقة المساكن مألوفة فى المدن الجديدة، إلا أنها أصبحت منتشرة فى كل مكان الآن، ولكن الجديد تكرارها فى الكمبوندات التى تتميز بوجود شركات أمن على أبوابها وفى شوارعها وأمام المنازل، ومقتل المدير التنفيذى لبنك أبوظبى الإسلامى نيفين لطفى فى أحد هذه الكمبوندات فى شهر نوفمبر الماضى خير دليل على ذلك. تؤكد الاحصاءات خلال الفترة الماضية زيادة معدلات الجرائم بشكل عام والسرقات بشكل خاص وانتشارها فى كل مكان، حيث تشير الاحصاءات إلى أن عام 2014 شهد وقوع 40222 جريمة بزيادة قدرها 100% عن العام السابق الذى شهد 20695 جريمة، وتنوعت ما بين القتل العمد الذى وصل إلى 1885 جريمة، وبلغت جرائم السرقة بالإكراه 2611، بينما بلغت سرقة المساكن 9284، وسرقة سيارات إلى 20475، بالإضافة إلى جرائم هتك العرض والاغتصاب والخطف التى زادت بشكل كبير. جرائم فى الشيخ زايد تعانى مدينة الشيخ زايد ارتفاع معدلات السرقات فيها بشكل كبير، فخلال الفترة الماضية انتشرت سرقة المنازل حتى وصلت ل40 واقعة فى يوم واحد، بالإضافة إلى انتشار عصابات سرقة شنط السيدات بواسطة الدراجات النارية وسرقة السيارات، كل تلك الوقائع أثارت حالة من الرعب بين سكان المدينة، والأخطر من ذلك أن إحدى هذه الوقائع حدثت أثناء وجود أصحاب الشقة داخلها، حيث فوجئوا باللصوص يقتحمون عليهم المنزل أثناء وجودهم فيه. وفى كمبوند أوبرا سيتى بمدينة الشيخ زايد تعرضت العديد من الشقق السكنية للسرقة، ورغم وجود كاميرات بالمكان لم يتم اكتشاف شىء، وهو ما يعنى تطور أساليب الحرامية فى سرقة المنازل، فى حين يقف رجال الأمن مكتوفى الأيدى أمام سرقات تتكرر بشكل يومى ولا يستطيعون منعها. لصوص لكن ظرفاء وجرائم السرقة ليست مقصورة على المدن الجديدة أو الأحياء المغلقة ذات الحراسة الخاصة عليها، بل منتشرة فى أرجاء مصر، فعلى طريقة فيلم لصوص لكن ظرفاء قام مهندس زراعى وصائغ بسرقة محل بيع مشغولات ذهبية فى أشمون بالمنوفية بعد أن قاما بثقب حائط المحل المجاور، وسرقا 4 كيلو جرام من الذهب ومبلغ مالى قدره 150 ألف جنيه. يرجع الدكتور عادل عامر أستاذ القانون المدنى ومدير المركز المصرى للدراسات السياسية والاقتصادية أسباب ارتفاع معدل الجرائم بهذا الشكل إلى وجود ما يقرب من 92 ألف مسجل خطر فى مصر وفقاً لبيانات وزارة الداخلية، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية التى أسهمت فى اجتذاب عدد من العاطلين للانضمام إلى التشكيلات العصابية، ونمطية إجراءات المواجهة، وهو ما ادى إلى ظهور أنماط جديدة من الجرائم مثل النصب والاحتيال وعودة السرقات التقليدية التى كانت قلت إلى حد كبير مثل النشل. من ناحية أخرى، كشفت دراسة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية عن زيادة معدلات الجريمة بسبب الظروف الاقتصادية السيئة وانتشار الفقر وانخفاض مستوى المعيشة لذلك ظهرت جرائم السرقة والنصب والخطف لطلب الفدية، بل انتشرت ظاهرة بيع الأعضاء والأبناء أيضاً، وأوضحت الدكتور هالة رمضان الباحثة بالمركز أن الفقر لا يعنى بالضرورة الإقدام على الجريمة، ولكن الظروف الاقتصادية السيئة قد تدفع الفرد للسرقة من أجل توفير الطعام لأسرته، أو أن تقوم التشكيلات العصابية باستغلال هذه الفئات المهمشة المعوزة للانضمام إليها. يرى اللواء محمود قطرى الخبير الأمنى أن هناك عدة عناصر تضافرت معا ليصل معدل الجريمة بشكل عام، والسرقة بشكل خاص، إلى ما وصل إليه الآن، موضحا أن هذه العوامل هى الفقر والغلاء الشديد والبطالة ما أدى إلى زيادة أعداد المنتمين للطبقات الدنيا بعد أن زاد فقر الطبقة الوسطى، مع انعدام الوعى الدينى، بالإضافة إلى القصور الشرطى وعدم وجود منظومة أمن وقائى تمنع الجريمة قبل وقوعها. وطالب قطرى بضرورة عودة عسكرى الدرك بشكل متطور، مع وجود كاميرات فى الشوارع والدوريات الراكبة التى تمر بشكل دورى فى إطار منطقتها، فهذه الإجراءات من شأنها منع وقوع الجرائم، وهذا أفضل من التعامل مع الكارثة بعد وقوعها. وانتقد قطرى الأداء الأمنى، مشيراً إلى أنه يتعامل بطريقة عشوائية ما يساعد على زيادة معدلات الجريمة، وهو ما يهدد الأمن والسلم العام فى المجتمع، ولابد من مواجهة هذا على الفور من خلال منظومة أمنية تبدأ من تغيير منظومة العمل الشرطى بمنع الجريمة قبل وقوعها، بدلا من التعامل معها بعد وقوعها.