لم يمهلها حظها العثر لكى تنعم بطفولتها فى اللهو والعب مثل أقرانها، بعدما توٌفيت والدتها، وتركتها تعيش مع أبيها الذى لا يعرف قلبه الرحمة ولا الشفقة.. فبعد وفاة أمها أجبرها على ترك الدراسة رغم تفوقها.. وأرغمها على التفرغ لخدمة البيت.. فى المقابل لم يحرم الأب نفسه من متع الحياة وتزوج بزوجة جديدة.. لتزداد معاناة الطفلة المسكينة.. حيث ابتليت بزوجة أب قاسية.. فكانت تعاملها بطريقة سيئة.. ليس ذلك فحسب فعندما طرق الباب أول عريس «عجوز» لطلب الزواج من الفتاة القاصر وافق الأب وزوجته فوراً لكى يتخلصا منها.. لتستكمل الفتاة بتلك الزيجة تجرع قسوة الحياة وعذاب المعاملة مع عجوز لا يعرف من الحياة سوى إرضاء رغباته بطرق شاذة. بداية الحكاية عندما كانت «دعاء» طفلة عمرها 10 سنوات، وماتت أمها وتركتها، فبدلاً من أن يعطف عليها والدها ويعوضها عن فقدانها حنان أمها.. تزوج من سيدة أخرى، لتجد نفسها تعيش برفقة زوجة أبيها الجديدة تعانى من ويلات عذابها من ضرب وإهانة ومعاملة وكأنها تعمل خادمة لديها، وليست ابنة لزوجها مسئولة عنها أمام الله. ذاقت الفتاة خلال تلك الأيام مرارة حياتها المبكرة.. كانت تنصاع لكل أوامر زوجة والدها، التى كانت تعاقبها بأبشع أنواع العقاب إذا ما اعترضت على أى شىء، لدرجة أنها كانت تكويها بالنار.. مرت السنوات وكانت «دعاء» بلغت سن ال16، ذلك العمر الذى لم تسعد خلاله ولو بلحظة واحده تتذكرها.. تحملت ما لا يتحمله بشر من ذل وإهانة.. وعندما كانت تشكى حالها لوالدها لم تجد منه النصرة.. ظلت زوجة الأب تفكر فى أى طريقة تخلصها من دعاء بعدما أحست أنها ستكون سبباً في تعكير صفو حياتها. طرق باب منزل الفتاة القاصر عريس يكبرها ب30 عاماً، كان أول عريس يطرق الباب لطلب الزواج من ابنتهم وجدت زوجة الأب الفرصة سانحة أمامها لكى تحقق حلمها فى التخلص منها.. أقنعت الزوجة الملعونة والد الفتاة بضرورة إتمام تلك الزيجة لكون العريس ميسور الحال.. وقفت دعاء المسكينة مكتوفة الأيدى ليس بجانبها أحد يسندها، فوالدها مطيع لأوامر زوجته فقط.. وبالفعل أجبرها على الزواج من محروس الذى يفوقها فى العمر بمراحل. لم يمض كثير، وانتقلت العروس القاصر إلى عش الزوجية.. أو تستطيع أن تقول إلى سجن الزوجية.. لتجد نفسها فى ظروف أسوأ بكثير من نار زوجة أبيها.. فقد اكتشفت أن زوجها من معتادى الإجرام ومرافقة السيدات وتعاطى المواد المخدرة، وأصبحت خادمة فى منزله كونها الزوجة الثالثة له، يتفنن فى نيل غرضه منها حتى وإن كان يشكل خطورة على صحتها بسبب شذوذه وتصرفاته الشائنة. حملت «دعاء» وفرحت رغم كل شىء بمن يتحرك فى أحشائها بعدما أحست أنه سيأتى من يؤنس وحدتها ويعينها على هذا الجحيم.. لتجد الصدمة بعدما أخبرها زوجها بعدم رغبته فى الإنجاب منها، فهو أب ل7 أطفال، وأجبرها على إجهاض جنينها وأملها فى المستقبل، مؤكداً لها أنها تزوجها من أجل المتعة فقط. أصيبت القاصر بحالة نفسية سيئة من حماقة زوجها، حيث إنه كان دائما يعتبرها وعاءً لشهوته فقط.. وكلما قررت ترك المنزل والعودة لبيت أبيها.. كانت تتراجع عندما تتذكر شريط مأساة حياتها مع زوجة والدها، وأن أباها سيعيدها حتماً إلى جحيم حياتها الجديدة مرة أخرى. اسودت الدنيا فى عينيها، ولم تجد أمامها سبيلاً للتخلص من تلك المأساة، غير الهروب إلى جهة غير معروفة لأحد، فهى لا تستطيع البقاء والعيش مع شخص يكبرها سناً ويحرمها من كافة حقوقها، ويحرمها من الإنجاب، كما أنها لا تريد العودة لجحيم زوجة والدها. فوجئ الزوج باختفاء زوجته، وظن أنها عادت إلى منزل والدها، ولكنه لم يجدها، لم يكلف نفسه بعد ذلك جهداّ فى البحث عنها، بل توجه إلى المحكمة وأقام ضدها دعوى نشوز، واكتفى بذلك وعاد إلى البحث عن قاصر جديدة وثانية وثالثة واختفت دعاء من حياة الجميع لا أحد يعلم عنها شيئاً، ولا أين تعيش أو مع من، أو أى طريق سلكت فى حياتها، وفى براثن أى ذئب وقعت، ضاعت دعاء ربما تجد من يحنو عليها أو ربما لا تجد، ربما وقعت فريسة للشوارع.. هكذا وجدت دعاء أن حياة الضياع والشارع أرحم عليها من حضن أبيها وزوجته وزوجها، وحرر الأب محضراً بغيابها وأدلى بأوصافها التى نسيها أو أراد أن ينساها.. وسلم صورتها لرجال الشرطة.. ونسى في زحام الحياة أن ابنته ضاعت، وربما تعود دعاء فى يوم من الأيام.. ولكن على أى حال؟