انطلاقًا من ضفاف الخليج وحتى شواطئ إفريقيا تتواصل مبادرات سلطنة عمان، لتفعيل العلاقات مع دول وشعوب القارة السمراء. تأتى هذه المبادرات فى إطار الحراك الدبلوماسى العُمانى النشط، وتأكيدا على اهتمام السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان بدعم الصلات التاريخية. يؤكد المحللون أن تلك الخطوات ستمكن السلطنة من الإسهام فى تطوير العلاقات العربية – الإفريقية بما فى ذلك تعزيز سبل الحوار بين مصر وأثيوبيا. تاريخيا تأسست فى أفريقيا إمبراطورية عمانية كبرى يعتز الأشقاء الأفارقة بإسهاماتها الحضارية. وقد حفلت الأيام القليلة الماضية بالعديد من المستجدات والفعاليات التى تعكس الحرص المتبادل على تطوير العلاقات بين الجانبين. فقد أصدر السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان مرسومًا سلطانيًا بإنشاء سفارة لسلطنة عمان فى جمهورية إثيوبيا. كما شهدت كينيا احتفالية ثقافية عمانية -فممثلة لسلطنة عمان- نفذت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع وزارة الثقافة والفنون الكينية، مشروع المعرض المتحفى الدائم فى قلعة ممباسا، وذلك بعد تحسينه وترميمه، وتم افتتاحه تحت رعاية الدكتور حسن واريو وزير الثقافة والفنون بجمهورية كينيا، وبحضور عدد من الوزراء والسفراء والشخصيات العمانية فى ممباسا ولامو وماليندى. يعد المشروع أحد المعالم المعمارية التى ينتظر أن تقوم بأدوار ثقافية متنوعة، تهدف إلى تأكيد الدور العمانى فى إفريقيا إلى جانب إبراز مدى عمق الصلات التاريخية، وتجسيد القيم النبيلة لعمان وتراثها وثقافتها. كما يهدف للحفاظ على الشواهد والمقتنيات الأثرية وإبراز الأبعاد المتعددة للإسهامات الحضارية العمانية. يدعم مشروع المعرض المتحفى الدائم فى قلعة ممباسا التعاون المشترك فى مجال الثقافة، وذلك بموجب مذكرة للتفاهم موقعة بين البلدين، وفى إطار قيام الهيئة العمانية بتنفيذ مشاريع استنساخ الوثائق وإقامة معارض متحفية للشواهد الأثرية، مع إعادة تأهيل بعض المواقع لتجديد المزارات التاريخية فى ممباسا، والمتمثلة فى قلعة يسوع التى تضم البيت العمانى، وقاعة المزروعى ومتحف القلعة، حيث تتبنى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية العمانية العديد من هذه المشروعات بالتعاون مع الجانب الكيني، وذلك حرصاً على توثيق تاريخ مسيرة الحضارة العمانية فى القارة السمراء، لما لها من أثر كبير فى نشر الوعى بين مجتمعاتها حول تاريخ عمان العريق، ولتكون تلك المواقع نافذة لكل من يزور ممباسا ويطلع على معالمها وتراثها. فى ديسمبر 2016 الماضى عقد المؤتمر الدولى «علاقات عمان بدول القرن الإفريقي»، وأقيم المعرض الوثائقى المصاحب للمؤتمر الذى أوصى بضرورة السعى لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين الجانبين، وخاصة دول القرن، وفى مقدمتها جمهورية القمر المتحدة، مع تعزيز دراسة اللغة العربية، وإبراز الاستفادة التاريخية المتبادلة مع اللغات الأخرى، والاهتمام بالبحث العلمى المشترك. واختتم المؤتمر بعد ثلاثة أيام من المناقشات التى كشفت جوانب مهمة، وقدمت خلاله 46 ورقة عمل لباحثين من 11 دولة وعقد خلال الفترة من 6 إلى 8 ديسمبر الماضى. وعلى الصعيد السياسى قامت نوسى فيو مابيسا ناكولة وزيرة الدفاع والمحاربين القدامى بجمهورية جنوب أفريقيا بزيارة رسمية للسلطنة. وقد استقبلها خلالها السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بمكتبه، حيث نقلت تحيات الدكتور جاكوب زوما رئيس جنوب أفريقيا وتمنياته للسلطان قابوس. وأشاد نائب رئيس الوزراء بالعلاقات القائمة بين البلدين وما تشهده من تطور إيجابى، انطلاقًا من الحرص المشترك للجانبين. وقد أعربت وزيرة الدفاع عن تقدير بلادها للسياسة الحكيمة التى تنتهجها السلطنة بقيادة السلطان قابوس فى التعاطى مع المستجدات الإقليمية والدولية. كما عبرت عن اعتزازها وأعضاء الوفد المرافق بهذه الزيارة التى أتاحت لهم الاطلاع عن كثب على التقدم الشامل الذى تشهده السلطنة، مؤكدة أهمية المباحثات التى أجرتها مع السيد بدر بن سعود بن حارب البوسعيدى الوزير المسئول عن شئون الدفاع والمعنيين بالوزارة والتى تأتى فى إطار ترسيخ أواصر التعاون المثمر بين البلدين.