تواجه الشركة القومية للأسمنت أسوأ أزمة فى تاريخها منذ إنشائها، حيث يتوقع الجميع أن تشهد الجمعية العامة للشركة والمقرر انعقادها الأسبوع القادم لمناقشة الموازنة التقديرية للشركة جدلا كبيرا، حيث سيكون من الصعب عليها وضع خطة عمل طموح فى ظل الأوضاع المتردية التى تعانى منها، والتى تستوجب تصفية الشركة نظرا لاستمرار خسائرها وتجاوزها نصف رأس المال المصدر مما يستوجب تصفيتها وفقا للقانون. فقد باءت حتى الآن كل محاولات إنقاذ الشركة بالفشل واستمرت خسائرها عاما بعد عام، ووفقا للبيانات المالية للشركة فإنها حققت فى عام 2014 خسائر بلغت 138 مليون جنيه، تمثل نسبة 67% من رأس المال، وفى عام 2015 بلغت خسائرها فى 9 أشهر فقط 275 مليون جنيه، أما فى العام المالى الأخير فإنه من المتوقع أن تشهد الشركة ارتفاعا غير مسبوق فى خسائرها قد يصل إلى 400 مليون جنيه، حيث تشير الأرقام الأولية إلى أن الشركة حققت خسائر 209 ملايين جنيه فى الستة أشهر الأولى من العام الجارى. ورغم أن الشركة القومية للأسمنت من أهم الشركات العاملة فى السوق، إلا أنها تعرضت فى السنوات الماضية لعدة كبوات جعلتها تفقد نسبة كبيرة من حصتها فى السوق، فضلا عن أزمة تطوير الأفران وارتفاع أسعار الغاز المستخدم فى عمليات الإنتاج مما شكل أزمة على الشركة ورفع ديونها إلى مليار و200 مليون جنيه لوزارة الكهرباء. والحظ العثر رفع من فاتورة الطاقة بعد تعويم الجنيه فمنيت الشركة بخسائر أكبر، كما ارتفعت أسعار الورق المستخدم فى صناعة الأجولة التى تتعامل بها الشركة وتستخدمها فى التعبئة مما شكل عبئا مضاعفا على الشركة. وكانت الشركة توقفت لمدة عامين مما أدى إلى فقدان نسبة كبيرة من حصتها فى السوق، والتى تبلغ 8.7% من مجمل إنتاج مصر من الأسمنت والبالغة 60 مليون طن أسمنت سنويا. الأمل الوحيد الذى أصبحت تقعد عليه الآمال فى انتشال الشركة القومية للأسمنت من كبوتها هو مشروع التحول إلى الفحم كمصدر بديل للطاقة مما يوفر إلى حد كبير من تكلفة الطاقة التى تستخدمها الشركة وتتسبب فى تراكم ديونها وخسائرها. وكانت الشركة تقدمت بطلب إلى وزارة البيئة للحصول على موافقة إنشاء بطارية الفحم لتشغيل الأفران ثم بدأ طرح مناقصة التطوير والتى تحتاج إلى تمويل كبير لابد من توفيره لإنقاذ الشركة. ووفقا لمصادر مطلعة فإن شركة «فايفز إف سى بى جروب» الفرنسية تقدمت بمشروع متكامل لرفع كفاءة وتطوير شركة القومية للأسمنت، و«فيفز جروب» هى مجموعة هندسية فرنسية متعددة التخصصات ولها ما يزيد على 200 عام من الخبرة فى العديد من التخصصات فى الأسمنت والمعادن والطاقة والألومنيوم والزجاج والسيارات والحديد واللوجستيات فضلا عن مجال الفضاء والطيران. والشركة ذات تاريخ قديم، حيث بدأت عملها فى 1812 وبحلول عام 1867 أصبحت من أهم الشركات فى العالم، وفازت بجوائز ذهبية عالمية فى المعرض الدولى للصناعة فى مجالات تطوير ماكينات البخار والقطارات والجسور والتجهيزات الميكانيكية. أما فيما يتعلق بمشروعات الأسمنت فإن هناك سابق خبرة للشركة الفرنسية، كما تشير سابقة أعمالها فيما يتعلق بمشاركتها فى العديد من المشروعات فى مصر لشركات أسمنت، حيث نفذت خطوط إنتاج كاملة مثل خط إنتاج 8 بشركة طرة الأسمنت، وخط إنتاج كامل لشركة المنيا للأسمنت الأبيض، كذلك خط لشركة أسمنت «تيتان بنى سويف»، كما نفذت الشركة العديد من مشروعات التطوير لمصانع الأسمنت فى مصر منذ عام 1966 وحتى الآن فى شركات حلوان وطرة والسويس للأسمنت و«لافارج» وغيرها. وفيما يخص القومية للأسمنت فقد التقى وفد من الشركة مع الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى بشأن بحث ضخ استثمارات جديدة فى السوق والمشاركة فى تطوير ورفع كفاءة الشركة القومية للأسمنت، ويهدف كمشروع متكامل إلى زيادة القدرة الإنتاجية للشركة مع الحد من استهلاك الطاقة، وأيضا تقليل تكلفة الوقود فى الإنتاج عن طريق استخدام الفحم والوقود البديل مما يؤدى إلى الحد من التلوث والانبعاثات المؤثرة على البيئة. وتبلغ التكلفة التقديرية للمشروع 70 مليون يورو يتم ضمان تمويلها عن طريق جهات حكومية فرنسية تتضمن شراء احتياجات من السوق المحلى حتى 18 مليون يورو، كما يوفر هذا المشروع على الشركة القومية للأسمنت أكثر من 30 مليون دولار سنويا.