يحمل عددًا من السجاجيد البلاستيكية الشعبية طوال اليوم على كتفيه، حتى قسمت الحمولة ظهره وانحنى، وكأن السجاد سار جزءًا من جسده، يمر في هدوء دون أن ينادي ويسير بخطوات بطيئة ربما لكبر سنه، أو بسبب الحمولة الزائدة فوق ظهره، أنه عم نشأت إبراهيم البالغ من العمر 70 عامًا. تتحدث معه فتشعر وكأنه يحمل طاقة وأمل شاب في ثلاثين العمر، ولكن كثرة الهموم التي يحملها فوق طاقته اعطته عمرًا فوق عمره المليء بالعناء والتعب. يختار "عم نشأت" المناطق الشعبية لترويج بضاعته التي لا يشتريها إلا القليل من الناس في الوقت الحالي، ويظل يسير ويتجول في الشوارع والأسواق حتى يجد من يشتري منه، يبتسم ويداعب كل من حوله، حتى عندما وجدناه في سوق إمبابة ورفعنا الكاميرا لتصويره، رفع يده ووضعها على عينه على هيئة كاميرا، وعندما سألناه ماذا يفعل قال إنه يقوم بتصويرنا مثل ما نفعل. لا يملك جنيهًا واحدًا يضعه كرأس مال لعمله، ليبدأ في التجارة والبيع ليكسب الأموال، يمتلك فقط ظهره ليحمل فوقه السجاجيد ويسير بها في الشوارع حتى ينادي عليه الزبائن ويشترون منه، ويعتمد على التاجر الذي يعطي له عددًا من السجاجيد الشعبية المصنوعة من مادة البلاستيك، المسماة ب"الحصيرة" وعندما يشتري منه الزبائن يعطي للتاجر ثمن البضاعة ويأخذ مكسبه. يروي عم نشأت معانته قائلًا: "كل اللي أنا بتمناه إن التاجر اللي بتعامل معاه يفهم التعب والإرهاق الي انا فيه بسبب العمل ده، وياريت يريحني في مطالبة الأموال، ويفهم أن الناس لم تعد تمتلك الأموال لشراء أي شيء، وأن هذه الفئة من السجاد مفيش حد بقى يشتريها حتى في المناطق الشعبية، بس انا شغال فيها لأنها رخيصة الثمن، وخفيفة الوزن وبقدر على حملها. أضاف الرجل السبعيني، خلال حديثه ل "بوابة الوفد" أنه يشعر بالضيق عندما يوبخه التاجر عند عودة السجاجيد مرة أخرى نتيجة بعدم بيعها، ويقول له إنه أعادها مرة أخرى بعد أن أكلتها الشمس، وأتسخت من الأتربة والسير في الشوارع. وبكلمات تتطاير من فمه يقول العجوز:" مقدرش أفرش في الأرض وأقعد وأستنى الناس تجيلي لحد عندي، أتعودت اني ألف في الشوارع وأسعى، ربنا بيقويني وبقدر ألف طول النهار، بس البيع قل دلوقتي جدًا، كنت ببيع الحصيرة ب15 و ب30جنيها، دلوقتي ب80 و 100 ومحدش بيشتريها".