ورود وهدايا وشباب وفتيات يحملون بداخلهم مشاعر ملتهبة وعاطفة جياشة، ويسيرون في رحلة الحب هنا وهناك حتى يأتي اليوم الموعود ليتوجوا قصة عشقهم بالزواج السعيد، ولكن سرعان ما تنقلب الرحلة السعيدة لشجار دائم والحب لكره وعدم الرغبة في الاستمرار ليكون الحل هو الانفصال "الطلاق". فيما أجمع عدد من الخبراء في تصريح خاص ل"بوابة الوفد"، أن السرعة في الارتباط وعدم تفهم الطرفين لطبائعهم المختلفة ونقاط الخلاف بينهم، وغياب الحب والرحمة والإهتمام الذي كان يشعل الحب بالبداية جميعها عوامل تسرع في وقوع الطلاق بين الزوجين. وفي هذا الإطار قالت هدى زكريا استاذ علم الإجتماع بجامعة الزقازيق، أن الشباب المقبل على الزواج لا يعي كيفية إدارة هذا الزواج واساليب الحفاظ عليه، فالطرفين يريدوا أن يستمروا بحياتهم السابقة الحرة دون مسئوليات ولا يتحمل طرف الأخر وتبدأ الخلافات حتى يكرهوا بعضهم ملقين الحب خارج اعتابهم. وأكدت زكريا، أن الحب والزواج ليس كما يعرض بالسينما والدراما، وأن طول العشرة ليس وحدها القادرة على جعل الطرفين اكثر تفاهما إنما تقبل سلبيات وعيوب الأخر، وثقافة الاعتذار بين الطرفين تجعل علاقتهم تتطور للإفضل، موضحة أن المسئوليات عقب الزواج تزداد وتحتاج صبر وتعاون. وشددت استاذ علم الإجتماع بجامعة الزقازيق، أن الطلاق يهتز له عرش الرحمن، فلا يؤثر على الطرفين فقط بل على المجتمع ككل، خاصة مع وجود أطفال، لافته أن في مجتمعنا الشرقي يؤثر الطلاق بشكل أكبر على المرأة الذي يحملها فوق طاقتها ويتهمها أنها السبب في الطلاق. كما تابعت أن هناك اسباب عديدة للطلاق أهمها التسرع وعدم الوعي بالفروق بينهم والتأخر أو التغاضي عن وجود الفجوات سواء الفكرية أو الثقافية، الإجتماعية أو الأخلاقية، موضحة أنه منذ لحظة اللقاء الاول لو يعي كلا منهم تلك الفروق وتناولها على محمل الجد دون استعجال، لاستطاعوا استكمال طريق الزواج لأخره، أو لم يقبلوا عليه من البداية. ولفتت أنه من الضروري التأكد بأن الطرفين قادرين على تحمل مسئوليات الزواج الكبيرة، مطالبة من الشباب أن يتريثوا في اختيار شركاء حياتهم ويتأكدوا من الراحة النفسية بينهم، ويتنازلوا عن بعض الأشياء التي يحرصوا عليها ولا يكونوا أنانيين، مشددة أن على الطرفين أن يقيم أساليب تعامل كلا منهم مع الأخرين لأن ذلك سينعكس على علاقتهم بالمستقبل. وأشارت أن الطرفين عليهم أن يكون بينهم حوار دائم وعميق وإنساني، قائلة:" فاتورة الطلاق غالية أوي وممتدة طول العمر خاصة لو في أولاد، لازم نتاكد ان الطرفين مسترحين لبعض ولا ننشغل بالتزمات الفرح والتجهيز، والأهالي كمان عليهم دور لأنهم بيندفعوا لزواج ابنائهم دون تريث، لكن لو استحالت العشرة علينا التفكير في الطلاق بصورة عقلانية متفهمة حتى لا تقع مأسي". وأضافت سامية خضر استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن البيئة المحيطة بالشباب الحالي جرداء مفتقدة للحب والأمان والجميع يفكر في مصلحته وحجم المكسب والخسارة له من العلاقة، حتى مع قرار الطلاق فالرجل يرفض بسبب ما يتكبده من مصاريف. وأرجعت السبب الرئيسي وراء ذلك للإعلام الذي يثير الاعصاب من تناحر ومشادات طوال الوقت، ويفتقد الهدؤء في تناول الموضوعات، ويشاركه الفن الذي أغلبه هابط يعرض أسلوب حياة سئ وبعيدا عن ثقافتنا وغاب فيه نموذج البطل النبيل، ليحل محله "البلطجي" ليكون هو البطل القدوة. كما فسرت خضر سبب زيادة نسب الطلاق، هو بحث الطرفين عن المنفعة الشخصية بعد الانجذاب لبعضهم في المرحلة الأولى لغياب الصدق وكل ما يغذي الحب والفكر بينهم وما يصاحبه من الشعور بالأمان والدفء الذي يجعلهم يستمروا في الإرتباط والزواج ويعبروا أي مرحلة صعبة بمنتهى اليسر. وقارنت استاذ علم الإجتماع، بين الأيام الحالية وأيام "زمان"، قائلة:"زمان ايام الفن الجميل كان كل اللي حواليك ملئ بالحب والعواطف والراحة النفسية والزوجين بينهم تفاهم وود، فالانسان يميل بطبعه للحب والراحة لأن المشاعر موجودة في كل وقت لكن ازاي نستغلها، أما الآن حين تسبح في الحب وترغب أن تنمي مشاعرك وتبحث عن الرومانسية والشخص الذي تتفاهم معه تستيقظ على واقع مرير، وتجد من يقول ده أحلام عيش في الواقع". تدخل الأقارب أو الأصدقاء بصورة سلبية في شئون الزوجين، اوضحت خضر أنها عوامل تسبب المشاكل الأسرية، فضلاً عن تغير طباع الفتيات والشباب الذين كانوا يبحثوا دائما عن شخص ليكون ونس لهم ويتابعوا حياتهم معه، لتتحول حواء الكائن الحساس لكائن اكثر حدة لا يهمها وجود شخص في حياتها وتتحداه دائما ليأتي آدم برد فعل أكثر حدة منها". وتسألت خضر عن سبب تشوية صورتنا بأنفسنا، بجانب تشويه مشاعرنا بما نقوم به من حماقات، تجعلنا نضيع على أنفسنا فرصة فهم الأخر ونعيش معه حياة مستقرة جميلة. فيما قال محمد حسن، استشاري حالات نفسية وزوجية بأحد المؤسسات الطبية الخاصة، أن أغلب أسباب الطلاق تأتي لعدم تقدير طرف للأخر، والسلبية في العلاقة، أو الخيانة بأنواعها. وأكد حسن، أن المركز يستقبل حالات إدمان للازواج كثيرة وتكون الزوجة مقدرة حالة الزوج وتحاول الحفاظ على بيت الزوجية وتقف بجانبه حتى تأتي مرحلة الفيضان ولا تريد أن تكمل زواجها لعدم استجابة الزوج. بجانب اهتمام الرجل بطموحه واولوياته وكيفية تحقيقها دون النظر لاحتياجات الزوجة التي تريد أن تعيش مثل باقي قرينتها، وفي المقابل هناك زوجات تنظر لحياة غيرها وتطلب الكثير الذي يصعب على الزوج تحقيقه، بجانب إيقاع الحياة السريع وانتشار السوشيال ميديا كلها عوامل صنعت فجوة بين الأزواج، فلا يخلقوا حوار يومي بينهم، ويتشاركوا في حياتهم وقراراتهم. واستنكر استشاري الحالات النفسية والزوجية، دور المجتمع اتجاه انتشار ظاهرة الطلاق والتى اصبحت أمر معتاد الفترة الأخيرة لا يسبب ضيق بالرغم من الأثار السلبية الوخيمة المترتبة عليه.