لم يعد أمامنا إلا تصنيع الدولار فى مصر للنجاة من الأزمة الاقتصادية الطاحنة، وقد يتساءل البعض وهل الدولار يتم تصنيعه، ونقول لهم نعم يمكن تصنيعه وزراعته أيضاً عن طريق إنتاج ما نستورد من غذاء وكساء وأجهزة، وأيضاً تصدير بعض مما ننتج، وفى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أدرك المهندس ياسر القاضى هذه الحقيقة فور توليه المسئولية، ووجد أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يجب أن يكون مصنعاً لإنتاج الدولار بطرق متعددة ظهرت باكورة هذا الإنتاج، عندما نجح فى بيع ترددات الجيل الرابع الفور جى إلى شركات المحمول الثلاث وللشركة المصرية للاتصالات بالدولار وحقق مليار دولار من هذا البيع وأولى اهتماماً كبيراً لصناعة التعهيد وكانت مصر تحتل المركز الأول عالمياً قبل 25 يناير وتراجعت واحتلت الهند هذا المركز رغم أنها صناعة لا تحتاج إلى الكثير من الاستثمارات وتحقق ملايين الدولارات، أيضاً صناعة البرمجيات لا بد أن تجد اهتماماً بالغاً، لأن اقتصاد الهند تقريباً يقوم على هذه الصناعة، وكذلك إسرائيل وكوريا وغيرها، والآن يأتى الدور على صناعة الأجهزة الإلكترونية، وقد دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ عام إلى توطين هذه الصناعة فى مصر، فلم يعد مقبولاً أن تنفق مصر ملايين الدولارات سنوياً لاستيراد أجهزة الموبايل والتابلت والشاشات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية وسط حرب تكسير العظام المشتعلة بين الشركات الأجنبية للاستحواذ على السوق المصرى، وهى بالمناسبة أهم وأكثر الأسواق العالمية نمواً، وتتقاتل الشركات للفوز بنصيب من هذا السوق خاصة بعد تراجع شركة سامسونج التى كانت الرقم الأول فى مصر بعد انفجار هاتفها نوت 7، ومحاولاتها المستميتة استعادة سمعتها وإزاحة آبل وهواوى وأوبو وتكنو وغيرها من الأجهزة، خاصة أنه خلال شهرين ستنطلق تكنولوجيا الفور جى، وهناك أكثر من 70 مليون جهاز موبايل فى أيدى المصريين لن يتمكن من استقبال خدمات الفور جى، ولا بد من أن هناك ضرورة ملحة لتغيير هذه الموبايلات، اذن هناك طلب كبير جداً خلال الأيام القليلة المقبلة على شراء أجهزة الموبايل ودخلت شركات المحمول والمصرية على خط الاستيراد، هذه الأجهزة لأنه كما سبق أن قلنا تحقق أرباحاً طائلة، حيث إن تكلفة تصنيع الموبايل أقل كثيراً من 100 دولار، ويباع بعشرين ألف جنيه، ولذلك وجدنا ياسر القاضى وأسماء حسنى رئيس هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا فى التعاقد على أول مصنع مصرى حقيقى لإنتاج الموبايل فى المنطقة التكنولوجية فى برج العرب ويحمل اسمًا تجاريًا سيكو، وإذا نجحت مصر فى إنتاج حاجة مواطنيها من أجهزة الموبايل والتابلت وغيرها ستكون قد نجحت فى صناعة الدولار لأنه فى هذه الحالة سنوفر ملايين الدولارات تنفق سنويا فى الاستيراد، وأيضاً يمكن أن نصدر مبدئياً إلى السوق الإفريقى بملايين الدولارات وفى هذه الحالة نكون قد صنعنا الدولار فى مصر والحقيقة أن تجربة صناعة الأجهزة الإلكترونية فى مصر شهدت نجاحاً على المستوى الفردى بعيداً عن الحكومة عندما نجح محمود العربى فى تأسيس شركة ومصانع عملاقة تنتج هذه الأجهزة، ولكن يبقى أن تركز كل مؤسسات الدولة جهودها فى توطين هذه الصناعة لننتج كل الأجهزة، ونوقف نزيف الدولار والغلاء أيضاً فلدينا طبقاً للإحصائيات الرسمية أكثر من 95 مليون جهاز موبايل فى أيدى الناس لأن هناك مواطنين لديهم أكثر من جهاز، وأكثر من خط موبايل. ومن المتوقع أن تشتعل المنافسة بعد بدء خدمات الجيل الرابع للمحمول. أيضاً هناك كنز خفى فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اسمه الألعاب الإلكترونية، حيث تبلغ استثمارات وحجم هذه الألعاب فى العالم أكثر من 90 مليار دولار، فأين نصيب مصر منها ولماذا لا ننتجها ولدينا شباب عبقرى. إذن التصنيع الإلكترونى هو الأمل وأمام المهندس ياسر القاضى وزير الاتصالات والذين معه تحديات كبيرة لوضع القطاع فى مكانته الطبيعية كقاطرة تنمية فى مصر وطوق نجاة للاقتصاد المصرى، فلم يعد القطاع مجرد 3 شركات أجنبية للمحمول وشركة وطنية، وهناك حديث لا ينتهى عن المنافسة بينها لبيع باقات وخدمات بالجنيه المصرى للمواطنين، فهذا أبداً لن يفيد الاقتصاد المصرى كثيراً، وإنما يجب أن يلتفت الجميع إلى اهتمامات أخرى تعود بالنفع المباشر وغير المباشر على انتعاش الاقتصاد وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.