تخفيض درجات القبول بالثانوي العام إلى 235 درجة وتخفيض الخدمات إلى 220 درجة فى الدقهلية    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    «الرقابة على الصادرات»: تقليص زمن الإفراج الجمركي إلى يومين بنهاية 2025 (فيديو)    رئيس هيئة الرقابة على الصادرات: تقليص زمن الإفراج الجمركي إلى يومين بنهاية 2025    متابعة ميدانية لسير العمل في المدفن الصحي الهندسي بقلابشو بالدقهلية    جهاز الاتصالات: إيقاف الهواتف التي تجري المكالمات التسويقية الإزعاجية بداية من الأسبوع المقبل    أستاذ دراسات إسرائيلية: الانقسام الداخلي يضعف موقف نتنياهو في ملف غزة (فيديو)    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو يكذب ويضع شروطًا غير قابلة للتنفيذ لإفشال الصفقة    القنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد وأوساسونا مباشر اليوم في الدوري الإسباني    فابريزيو رومانو يكشف موقف مانشستر سيتي من رحيل نجم الفريق    بعد اعتذار الجونة.. إعادة قرعة الدوري المصري للكرة النسائية (مستند)    مصرع 3 وإصابة 7 في حادث تصادم بالأوتوستراد (صور)    موجة حارة.. حالة الطقس غدًا الأربعاء 20 أغسطس في المنيا ومحافظات الصعيد    بعد سرقة دراجته النارية.. إصابة شاب بطلق ناري على يد مجهولين بقنا    كان بيعدي السكة.. وفاة شخص دهسا تحت عجلات القطار في أسيوط    بخصم 25%.. «القومي للترجمة» يشارك في معرض السويس الثالث للكتاب    عمرو يوسف يحتفل بالعرض الخاص لفيلم "درويش" في السعودية    حقيقة إحالة بدرية طلبة للمحاكمة الاقتصادية.. محاميها يكشف التفاصيل    تكليفات بتوفير أصناف العلاج المختلفة بصيدلية مركز طب أسرة صحة أول بأسوان    لأول مرة «بإهناسيا التخصصى».. استئصال ورم كبير متضخم بالغدة الدرقية لمسنة تعاني صعوبة التنفس    نفق وأعمال حفر إسرائيلية جديدة داخل ساحة البراق غرب المسجد الأقصى    محمد مطيع رئيسًا للاتحاد الإفريقي للسومو ونائبًا للدولي    ميلان يخسر خدمات رافاييل لياو في الجولة الأولى للدوري الإيطالي    وزير الخارجية: الكرة الآن أصبحت في ملعب إسرائيل لوقف إطلاق النار    مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير يفتح باب المشاركة في دورته ال12    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندى يجيب    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    محافظ سوهاج يعتمد تعديل المخطط التفصيلي لمركز ومدينة سوهاج    محافظ الأقصر يلتقي وفد أهالي المدامود ويعلن زيارة ميدانية عاجلة للقرية    مصادر طبية: 40 شهيدًا بنيران الاحتلال في مناطق عدة منذ فجر اليوم    «التعليم العالي»: إعلان القائمة المبدئية للمرشحين لمنصب رؤساء 5 جامعات أهلية    "رقص ولحظات رومانسية"..منى زكي وأحمد حلمي في حفل عمرو دياب في الساحل الشمالي    أول تعليق من أشرف زكي بعد تعرض ألفت عمر للسرقة في باريس    "فاليو" تنجح في إتمام الإصدار السابع عشر لسندات توريق بقيمة 460.7 مليون جنيه    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    من هم أبعد الناس عن ربنا؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    بي بي سي ترصد طوابير شاحنات المساعدات عند معبر رفح بانتظار دخول غزة    صور.. النقل تحذر من هذه السلوكيات في المترو والقطار الخفيف LRT    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    «الوعي»: التحرك المصري القطري يُعيد توجيه مسار الأحداث في غزة ويعرقل أهداف الاحتلال    وزير التعليم يوقّع برتوكول تعاون جديد لتنفيذ حزمة تدريبات لمعلمي الرياضيات بالمرحلة الإعدادية    تأجيل محاكمة عاطل بتهمة سرقة طالب بالإكراه ل23 سبتمبر    مدير أوقاف الإسكندرية يترأس لجان اختبارات القبول بمركز إعداد المحفظين    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    استعدادًا للعام الجديد.. 7 توجيهات عاجلة لقيادات التربية والتعليم بالدقهلية    علي الحجار يحيي حفل الخميس ب مهرجان القلعة 2025 (تفاصيل)    تقديم الخدمات الطبية المجانية ل263 مريضاً بمحافظة كفر الشيخ    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    "الموعد والقناة الناقلة".. النصر يصطدم بالاتحاد في نصف نهائي السوبر السعودي    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    إلغاء إجازة اليوم الوطني السعودي ال95 للقطاعين العام والخاص حقيقة أم شائعة؟    الداخلية تؤسس مركز نموذجي للأحوال المدنية فى «ميفيدا» بالقاهرة الجديدة    وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني: الاقتصاد المصري يحتل أهمية خاصة للاستثمارات    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    عماد النحاس يكشف موقف الشناوي من مشاركة شوبير أساسيا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    «ثغرة» بيراميدز تغازل المصري البورسعيدي.. كيف يستغلها الكوكي؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فك ألغاز المومياوات المصرية
نشر في الوفد يوم 31 - 12 - 2011

يمكننا اليوم، وبعيدا عن كليشيهات أفلام هوليوود سارقة الأضواء، أن نتعلّم الكثير حول القضايا الطبية من خلال دراسة المومياوات في تاريخ مصر القديمة هذا ما يريد أن يثبته معرض بجامعة زيورخ، وعلى النفوس الرقيقة والحساسة التسلّح بشيء من الشجاعة خلال زيارة هذا المعرض.
وتقول كريستينا فارينّا، إحدى المنظّمات لهذا المعرض: عندما نقصر ملاحظتنا العلمية على هياكل عظمية فقط، تظل خبراتنا ومعرافنا محدودة، أما المومياوات فهي تمكننا من معرفة أوسع وأشمل، وعندما يكون بحثك حول الطفيليات المعويّة، فأنت تحتاج إلى الامعاء وعندما يكون بحثك بشأن الأنفلوانزا أو الالتهاب الرئوي فأنت تحتاج حتما إلى الرئة.
وقبل أن يشاهد الزائر التوابيت القادمة من مصر، او من أوروبا والبيرو، يحتاج أوّلا إلى معرفة بعض المفاهيم التاريخية والعلمية الأساسية بدءًا بالتعريف الذي يطلق على المومياوات.
وتقول كريستينا فارينّار حول هذه النقطة: يمكن القول إن المومياء هي كل نوع من الأنسجة البشرية الناعمة التي تم الاحتفاظ بها وفارينّا متخصصة في علم الوراثة لكنها تعمل بشكل حصري تقريبا على الاجهزة والأجسام القديمة.
ويفرّق العلماء بين المومياوات الاصطناعية، كتلك المجلوبة من مصر، والاخرى الطبيعية، مثل أويتزي، انسان العصر الحجري الذي عثر عليه في نهر جليدي بجبال الألب، أو سكان المناطق الخصبة بالمواد العضوية الذين عثر عليهم في شمال أوروبا.
وأفضل السبل لإنتاج المومياء وفقا لهذه الباحثة السويسرية هو إما إزالة كل أنواع الرطوبة من المكان الذي توضع فيه أو إزالة كل الاوكسجين، بحيث لا تستطيع أي بكتيريا أن تعمل أو تتفاعل والمهمّ في هذه العملية هو وقف نموّ البكتيريا.
ترتبط المومياوات عند الكثير من الدارسين، خاصة عند منتجي الأفلام الهوليودية، بشخصيات تاريخية مثل فرعون توتان خامون.
وينحدر لفظ المومياء من الكلمة اللاتينية والتي تجد أصلها هي الأخرى في الكلمة الفارسية، وتطلق على سائل لزج يستخدم في عملية التحنيط التي يستعملها المصريون القدامى.
ومن هنا تشير كريستينا فارينّار إلى أنه ليس من المستغرب أن ترتبط ظاهرة المومياوات بالنموذج المصري في فن التحنيط.
وبعد قرون من التجربة والخطأ، أدرك المصريون مستوى جيّدا في مجال التحنيط.
وتقول هذه الخبيرة في مجال علم الوراثة: إذا كان المحنّطون المعاصرون قد حققوا تقدما ملفتا في مجال هذه الخبرة على المدى القصير، فإن عمليات التحنيط لفترات طويلة لم تكد تتجاوز المستوى الذي بلغه المصريون القدامى.
والمثال الصارخ على ذلك أنه عندما توفي ماو تسيتونغ، دُعا العلماء الروس الذين تكفّلوا بتحنيط لينين، فنصحوا نظراءهم الصينيين بغمسه في محلول الفورمالديهايد، ولكن مواطني ماو تسيتونغ رأوا أن زعيمهم يستحق معاملة افضل مما لاقاه زعيم الثورة البولشيفية "لذلك استخدموا كمية أكبر من الفورمالديهايد، مما ادّى إلى تورّم جثّة المتوفى، وإلى انتفاخها إلى حد الانفجار، مما اضطرّهم إلى تنفيسه شيئا فشيء وهو ما خلق تعبا إضافيا.
تثري المعرض مجموعة متنوعة من المواد التفاعلية، كمكّبرات الصور لرؤية الأنسجة الخلوية للمومياوات، وعمليات التشريح الافتراضية التي يتم التكفّل بها يدويا وباستخدام بعض المواد التي كان المصريون يستخدمونها في تحنيط موتاهم.
كذلك يمكن للزوار استنشاق نفحات وطيب الماء الفرعوني، وهو مزيج دقيق من شمع العسل ومن البخور والقرفة والبصل. وتعلّق فارينّار عن هذا بالقول: إن المومياوات المصرية لها رائحة مميّزة جدا، حتى لا أقول كريهة جدا وهذا ما يجعلني شديدة الحساسية لرائحتها.
وفي نبرة اكثر حسما وجدية، توضّح عالمة الوراثة أن سلامة المعروضات وتأمينها يشكلان أكبر التحديات عند تنظيم معرض من هذا القبيل كل ما هو معروض هنا هو أصلّي ولا توجد منه نسخ أخرى.
ولكن نحن سعداء حيث امكن لنا أن نتيح للجمهور الفرصة لكي يتأكّد من أهمية المومياوات لبحوث الطب السريري المعاصر.
ترى كريستينا فارينّار أن مركّب إيرخال التابع لجامعة زيورخ، والمعروف أيضا باسم مركز الطب الدارويني، هو مركز فريد من نوعه: هناك العديد من المعاهد العلمية في العالم التي تدرس بقايا الأجسام القديمة والبيولوجيا التطوّرية، لكن هذا المركز يتميّز على جميع المراكز الأخرى بأنه لا يعتمد فقط في هذا المجال الطبي على النظرة التطوّرية بل يستخدم كذلك مواد قديمة.
هذا المنهج يقوم أيضا على الاعتقاد بأن دراسة الماضي تنفع أيضا في فهم الحاضر حتى في المجال الطبي. ومن الأمراض التي يمكن أن نصل فيها إلى نتائج جيّدة بالاعتماد على هذه الرؤية حسب هذه الباحثة ظاهرة السمنة.
وتشرح فارينّار هذا الامر فتقول: من الممكن أن السمنة قد ارتبطت في الماضي، لمّا كانت هناك ندرة في المواد الغذائية، باختيار نوع من الجينات التي تسهّل إلى أقصى حد تخزين الطاقة. ولكن نظرا لكوننا نمتلك حاليا ما يكفي من المواد الغذائية والغنية بالطاقة، أصبحت المشكلة لدينا معكوسة.
وهكذا فالعديد من الامراض التي نعاني منها اليوم هي مرتبطة بشكل أو بآخر بطبيعة تطوّر صيرورة حياتنا البشرية. ولكن من الصعب جدا التوصّل إلى تصوّر واضح حول هذه المسألة لو اكتفينا بدراسة عيّنات من الحاضر فقط. وباستخدام مواد قديمة، نستطيع أن نختبر فرضياتنا العلمية بطريقة مباشرة وعلمية.
هذه الرؤية مثيرة للاهتمام. ولكن في الوقت الراهن، كل الأنظار معلّقة بهذه المومياوات المعروضة وكأنها في صحون طائرة، بيضاء ناصعة من الخارج، ومظلمة داكنة من الداخل.
النموذج الاوّل منها هي المومياء المصرية التي يعود تاريخها إلى العصر الروماني، وقد لفت بضامدات. هذه المومياء ترافقها مومياء ثانية، وهي محنّطة، ويظهر ما يوجد داخلها للعين المجرّدة : هيكل عظمي، وجلد غطّي جزئيا بمادة سوداء، وغير بعيد عنها ثبّت نص يحمل أدعية وتعليمات.
وتذكّر كريستينا فارينّار بأنه خلال القرن التاسع عشر، اهتم الدارسون بالكشف عن المومياوات، وكان ذلك بمثابة الموضة في العهد الفيكتوري، ومثّل هذا ما يشبه اللعبة المسلية بالنسبة للبعض.
نجد في هذا المعرض كذلك مومياء من البيرو، وهي لشاب توفي حوالي عام 1200 ميلادي، وهو جالس ثاني الركبتيْن كالوضع الذي يكون عليه الجنين في بطن أمّه. وتعلّق الخبيرة في علم الوراثة بجامعة زيورخ على هذا الأمر فتقول: نميل في أوروبا إلى دفن الأموات ممدّدين، على عكس ما يحدث في البيرو وفي العديد من المجتمعات الأخرى في أمريكا اللاتينية، حيث يُدفن الأموات جالسين، وبالتالي لا يحتاجون إلى مساحات كبيرة للدفن.
وتضيف أن هذه المومياوات القادمة من البيرو، وهي منطقة تتميّز ببرودتها الشديدة، تُعدّ من المومياوات التي حافظت على هيئتها الأولى إلى حدّ كبير.
وللأسف، كان من غير الممكن عرض آوتسي، أقدم مومياء أوروبية، وأشهرها، خوفا مما يمكن أن تتعرّض له سرقة او تحطيم، ولكن بإمكان زوار معرض زيورخ مشاهدة شظية عظام منه.
يشتمل المعرض كذلك على دماغ طفل صغير محنّط عُثر عليه في فرنسا. وبهذا الشأن تقول كريتينا فارينّار:كيميائيا، يتكوّن الدماغ في الأساس من مادة الدهون والشحم، وبالتالي من الصعب تصوّر إمكانية الاحتفاظ به لزمن طويل، ولكن يمكن أن يحدث ذلك في ظل ظروف محددة.
ونحاول باستمرار استنباط المعارف التي يمكن أن نتعلّمها من خلال تحليل هذه الأدمغة القديمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.