الدكتور عبدالمنعم عمارة، أحد الوجوه السياسية البارزة، اكتسب خبرات وتجارب علمية وسياسية وإدارية، بما أنه أستاذ علوم سياسية، وشغل منصبى المحافظ والوزير، فيتمتع برؤية عميقة للأحداث والسياسات والأشخاص. قال فى حواره: إن الشعب المصرى يرى أن السياسة رفاهية لا يتحملها، لأن التجارب السياسية التاريخية لم تعطِه شيئًا منذ عصر «محمد على» حتى الآن. وأكد «عمارة» أن المعارضة أعظم اختراع للديمقراطية ومن دونها لن توجد سياسة ولا ديمقراطية، لكن ثورة يوليو أنهت عليها وقضت على الأحزاب، وظهرت صورة الخمس تسعات فى نتائج الانتخابات والاستفتاءات، مؤكدًا أن «أحمد عز» أقنع «مبارك» بوجود 3 ملايين عضو فى الحزب الوطنى ولم نجد منهم واحدًا فى الشارع خلال ثورة 25 يناير، ولو أنه كان نزل 100 ألف منهم فى ميدان التحرير كان كل شىء انتهى لصالح «مبارك» ونظامه. وأشار إلى أن بعض شباب 25 يناير اعتقدوا أنهم زعماء وقادة ولكنهم فى حقيقة الأمر مثل عواجيز الفرح. وأضاف أن الدستور يكبل الرئيس لدرجة أن البعض ينصحه بتغييره.. وإلى نص الحوار: كيف ينظر غالبية الشعب المصرى للعمل السياسى؟ - الشعب المصرى يرى أن العمل السياسى رفاهية لا يتحملها لأن التجارب التاريخية فى مصر لم تعطِه شيئاً ولم تعجبه منذ عصر «محمد على» صانع النهضة الحديثة فى مصر، فهو لم يحكم مصر من خلال عمله السياسى، بل «عمر مكرم» وزملاؤه أتوا به لحكم مصر، ثم عزلهم على الفور وأبعدهم عنه وعن السلطة، ثم جاءت الفترة الليبرالية الملكية وتاريخ حزب الوفد، فقد كانت ثرية جداً، وكان يوجد برلمان وسياسيون من الباشاوات، وكان مستواه على مستوى النخبة أكثر من المستوى ، حيث كان يضم أعظم قيادات السياسة مثل «النحاس باشا» و«نجيب الهلالى» و«بطرس غالى» و«مكرم عبيد»، وكانت فترة مزدهرة ديمقراطياً من خلال الاستجوابات والمناقشات الحقيقية التى كانت تأخذ حقها، لأن المعارضة هى أعظم اختراع للديمقراطية ودون معارضة حقيقية لا توجد ديمقراطية. وماذا حدث بعد ثورة يوليو 1952؟ - قامت ثورة يوليو وقضت على الأحزاب السياسية والعمل السياسى، وشكلت تنظيماً واحداً يتمثل فى هيئة التحرير ثم الاتحاد القومى الذى تحول إلى الاتحاد الاشتراكى ولكنها كانت تشكيلات تدور حول فكرة التنظيم الواحد، فى محاولة لوضع الشعب فى بوتقة واحدة للعمل فى السياسة، ودخل بعض العمال والفلاحين فى هذه التنظيمات، ولكن لم يكن هناك نتائج سياسية فى الشارع، وظهرت صورة الخمس تسعات فى نتائج الانتخابات والاستفتاءات، ثم جاء عصر «السادات» وظهرت عظمته فى عمل المنابر السياسية التى حولها إلى أحزاب وقسمها يمين ووسط ويسار، وبدأ العمل السياسى مرة أخرى فى مصر، لكن الأحزاب لا تصنع بقرار سيادى بل من القاعدة الشعبية، وجاء «مبارك» وأصبح الحزب الوطنى يختار جميع قيادات الدولة من الحزب وليس من خارجه. ولهذا لم يخرج حزب كبير من رحم الثورة ليعبر عن أهدافها وطموح الشعب؟ - نعم.. بل وجدنا أحزاب أشخاص مثل حزب «هتلر» يعتمد على منشئها وتنتهى من بعده، لأنه يعتمد على نفسه وشخصيته وكاريزماتيته، ولم نجد أحزاب برامج وهذا ما يدهشنى بعد ثورتين لم نر حزباً بمقومات الحزب السياسى ينشأ على الساحة، مع أنى أتمنى أن يوجد فى مصر حزبيان كبار مثل أمريكا يقودان العملية السياسية، لأن العمل السياسى إذا لم يكن مرتبطاً بهموم غالبية الشعب سيتصرف الشعب عن الأحزاب التى هى العمود الفقرى للعملية السياسية. هل الشعب المصرى لديه ثقافة الانضمام للأحزاب أو ثقافة العمل الجماعى؟ - لا.. بل إن الشباب ينفر من العملية السياسية والدخول فى الأحزاب بسبب فكر قديم أن أمن الدولة ستراقبه وتلاحقه ويصبح لديه ملف فيها، لأن التجارب السابقة لم تعطِه شكلاً إيجابياً حتى ينتمى للأحزاب، وتقديرى الخاص أننا سنحتاج سنوات طويلة حتى نجد شباباً يؤمن بالعملية السياسية وينضم إلى الأحزاب. ربما يكون هذا سبباً فى أن الرئيس السيسى لم يقدم على إنشاء حزب سياسى؟ - نعلم أن فيه ضغوطاً على الرئيس السيسى حتى ينشئ حزباً سياسياً له، من المجموعات التى تريد أن تنافقه وتطالبه بالحزب السياسى، وأنا أشعر أنه لا يريد هذا، مع أنه لا يستطيع العمل دون قاعدة سياسية، لكن الأهم أن تكون هذه القاعدة حقيقية ولا تكون مثل قاعدة الحزب الوطنى لأن «أحمد عز» أقنع «مبارك» أن لديه 3 ملايين شاب عضو فى الحزب الوطنى، ولم نجد منهم واحداً فى الشارع خلال 25يناير. لم نجد عضواً واحداً يحمل «جردل» يطفئ نيران الحزب الوطنى؟ - يضحك.. ويقول: لو خرج من الثلاثة ملايين 100 ألف فى ميدان التحرير كان الموضوع انتهى لصالح «مبارك» ونظامه، لأن الشباب محجم عن فكرة الانضمام للأحزاب، والرئيس السيسى لا يريد إنشاء حزب، ولكنه يقوم بعمل تثقيف للشباب. تثقيف على ماذا طالما لا توجد نية وجود حزب سياسى يضم هؤلاء المتدربين؟ - هذا التدريب يبنى إداريين وليس سياسيين، فهؤلاء يصلحون أن يكونوا محافظين أو رؤساء مدن لكنهم لن يصلحوا أن يكونوا سياسيين، ثم إن القاعدة أثبتت أنه عاش الملك أو مات الملك. وماذا عن تجربتك مع جمعية عمارة للمشاركة الشعبية؟ - أسست جمعية عمارة للمشاركة الشعبية، وأرى بعض الشباب يخاف من الانضمام إليها، معتقداً أن بها سياسة، وأمن الدولة ستراقبه مع أن رئيسها مسئول سابق فى الدولة، وإحجام الشباب عن السياسة أمر مؤسف وخطير، لأنه رغم شيخوخة القيادات فإنها مستمرة فى الأحزاب إلى الأبد، مع أنى أعتبر نفسى من العواجيز ولكن آن لنا أن نستريح ونعطى الفرصة للشباب، وأنا ناشدت الرئيس بتعيين 15 شاباً فى الوزارة، وأؤكد أنه لن يندم، لأننى أرى جيلاً من الشباب فى الثلاثينيات عباقرة ولديهم نافورة أحلام، ولكننا نبحث عن الإداريين ويوجد فرق بين الإدارى وبين القيادى، لأن الإدارى سهل تكوينه من خلال التدريب، ولكن القيادة السياسية التى تملك الرؤية وصنع القرار وبعد النظر من الصعب إعدادها. وكيف يمكن اجتذاب الشباب إلى العمل السياسى؟ - هذا صعب لأن الشاب سيسأل عن المكاسب التى ستعود عليه من العمل السياسى، وبالطبع ليس فى العمل السياسى حافز شخصى، والشاب لم يترب فى بيئة سياسية ولم ينشأ تنشئة سياسية، والتجارب التى يراها غير مشجعة، ولهذا لا تتحدث مع الشباب عن الماضى الزاخر لأن هذا الجيل لا يعرف أو يهتم بماذا حدث فى مصر منذ عشر سنوات مضت، ولابد أن نبحث عن مدخل للشباب، لأننى عندما أتحدث مع الشباب لا أنجح، فكنت أحاورهم فى أمور أخرى مثل الرياضة أو الفن أو الرحلات، ثم اكتشفت من بين 300 شاب أن خمسة أفراد يصلحون للعمل السياسى، فأقوم بتدريبهم سياسياً وليس إدارياً، فالرياضة هى أفضل شىء يجذب الشباب، لأن التغيرات الفسيولوجية والفكرية للشباب فى العالم لا تختلف، وتشترك فى التمرد، وأن الشباب لا يعجبه شىء ولكنه يحتاج إلى استنزاف طاقته فى الرياضة، وهذا ذكاء من السيسى لعدم إنشاء حزب سياسى ينتمى إليه. إذن كيف ترى المؤتمر الوطنى الأول للشباب فى شرم الشيخ؟ - أولاً الحوار مع الشباب له مذاق خاص، والرئيس السيسى كان سعيداً قبل المؤتمر، ولكن بعد المؤتمر ولقائه مع الشباب كان أكثر سعادة، فقد أضفوا البهجة ورفعوا روحه المعنوية، والإعداد للمؤتمر كان جيداً جداً، والموضوعات كانت ممتازة، والحوارات كانت على أعلى مستوى والنتائج مبهرة، أهمها أنه سيكون هناك مؤتمر للشباب كل شهر، ولكن أرجو سيادة الرئيس ألا يكون نسخة من المؤتمر السابق ونريد طبعة جديدة، دون نفس الأشخاص والوجوه والنمطية، والرئيس ذكى ويستطيع أن يتفهم هذا حتى يشعر الناس أن هناك شيئاً مختلفاً. لكن كان هناك اعتراضات على حضور بعض الشخصيات؟ - نعم.. وهذا الاعتراض كان على حضور «إبراهيم عيسى» والدكتور أسامة الغزالى حرب، معتقدين أنهم معارضة، وهم شبه معارضين لأن مفهوم المعارضة أيام الملكية وحزب الوفد غير موجود، بل هما يقولان كلمتين، لكن آخذ على المؤتمر دعوتهما لأنهما بعد ذلك هاجما الرئيس والمؤتمر، ثم إن أسامة الغزالى حصل على شو كبير وهو شخصية محترمة عندما طالب بالعفو عن الشباب المحبوس، وكان الأفضل أن تأتى هذه الدعوة من أحد الشباب وليس من رجل كبير فى السن وشبه معارض، والرئيس بالفعل مشكور استجاب لمعظم القرارات، وهذا كان جيداً جداً. لكن البعض عاب على نوعية الشباب التى كانت ممثلة فى المؤتمر بأنهم نخبة الشباب؟ - هذا غير صحيح.. لأن هؤلاء الشباب جاءوا فى كامل الأبهة لأنهم سيحضرون مؤتمراً مهماً وفى حضور رئيس الجمهورية، وهذا الاعتراض هو مجرد للاعتراض، خاصة من بعض الشباب الذين اعتقدوا أنهم زعماء وقادة بعد ثورة يناير، ولكنهم تحولوا مثل عواجيز الفرح لا يعجبهم أى شىء. كيف يمكن غلق طريق الشباب أمام الأفكار المتطرفة؟ - كلما كان هناك قضية يتشابك فيها أكثر من مؤسسة سنجد مشكلة، وأنا شخصياً كان لدى مشكلة بسبب هذا التشابك عندما كنت وزيراً للشباب والرياضة، فوجدت أن شباب العمال يتبعون وزير الصناعة، والفلاحين يتبعون وزير الزراعة، وطلبة الجامعة يتبعون وزير التعليم العالى، والشباب المجند يتبع القوات المسلحة، وهكذا.. فأصبح الشباب دمه متفرقاً بين الوزارات، ولهذا من الصعب النجاح فى التعامل مع الشباب، لدرجة أننى كنت أمنع وأنا وزير أن أدخل الجامعة لأقابل الشباب، وعندما كنت أحضرهم عندى فى الوزارة كانوا يمنعوهم من الذهاب، وإذا أقمت معسكرات شبابية لا يرسلون طلبة الجامعات، وهذه مشكلة التعامل مع الشباب. إذن كيف تقيم حواراً مع الشباب؟ - هذا الحوار فى منتهى الصعوبة لأن الشباب متواجد فى الأسرة والمدرسة والجامعة والنوادى والجامع والكنيسة، وكل كيان فى هذه الكيانات يخاطب الشباب بطريقة مختلفة تماماً عن الكيانات الأخرى، والأهم المنزل، لأن التربية أهم من التعليم، ولكن دور الأب أصبح مهمشاً وغائباً بسبب ظروف المعيشة، والأم مطحونة فى الأسرة، ولهذا أنا سعيد لرعاية واهتمام الرئيس السيسى بالمرأة المصرية لأنها عليها الدور الأكبر فى التربية التى أصبحت مشكلة. ما تقييمك لأداء مجلس النواب؟ - كنت نائباً برلمانياً مرتين، والأداء البرلمانى لم يتغير، ولا أستطيع القول إن برلمانات ثورة يوليو 1952 حدث فيها تغير حاد، وأنا كنائب برلمانى أقول إنه برلمان بطعم واحد منذ يوليو، ولكننى أقول إن دور البرلمان انتهى من العالم، لأن المفترض أن الأحزاب السياسية هى التى تحرك البرلمان، لأن الديمقراطية بالأغلبية أصبحت مفهوماً خاطئاً جداً، لأن الأغلبية أصبحت إلكترونياً. كيف؟ - الآن تستطيع أن تغير وتقود رأياً عاماً قوياً عن طريق الإنترنت والفيس بوك، لأن التغيير عن طريق البرلمان انتهى، ونستطيع تشكيل رأى عام قوى ضد قانون ما، ويتم الضغط على البرلمان أو الحكومة لتغييره عن طريق شحن الناس وتعبئة الرأى العام، دون شتائم أو تطاول، ولهذا يقال اطرحوا أى قانون للمشاركة المجتمعية، ومن خلال هذا الطرح يتم الحكم على أى قانون، لأنه ليس لدينا وزراء سياسيين، حتى رئيس الوزراء ليس له علاقة بالسياسة ولم يشتغلها أو يعرفها، وفى السابق كان «كمال الشاذلى» أو «أحمد عز» يدخلان الجلسة وينهيان الموافقة على أى أمر فى خمس دقائق، أما الآن فقد انتهى دور البرلمان فى العالم. هل الدستور وضع البرلمان فى مواجهة الرئيس؟ - أمريكا لديها ما يسمى بتوازن القوى بين الرئيس والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، لأن أمريكا لديها عقدة من رئيس الجمهورية عندما جاءوا من أوروبا القديمة هرباً من ديكتاتورية الملك أو الكنيسة، فقرروا تقليص سلطات الرئيس، ونحن فعلنا هذا من خلال الدستور بسذاجة، واعتقدنا أننا سنحاكى أمريكا، فتم تقليص دور الرئيس الآن، «مبارك» كان ديكتاتوراً، و«مرسى» أشد ديكتاتورية، فأصبح الدستور يكبل رئيس الجمهورية، لدرجة أن البعض ينصحه بتغيير الدستور. ولهذا قال الرئيس إن الدستور كتب بنوايا حسنة؟ - بالضبط، لأن الرئيس لا يستطيع أن يعزل وزيراً دون موافقة مجلس النواب، وأصبح لديه مشكلة أن رئيس الوزراء معلق فى رقبته يمكن طوال فترة رئاسته. ولماذا البرلمان لا يغير فى الوزراء الضعفاء فى الأداء طالما لديه السلطات؟ - لا يوجد حزب أغلبية قوى، ولكن يوجد ائتلاف دعم مصر الذى أسقط وزير خارجية سابقاً، وهو السفير محمد العرابى من لجنة الشئون الخارجية وعين نائباً آخر، وأيضاً فى اللجنة الأفريقية، مع أن الأغلبية ليست مباراة كرة قدم، ولهذا لن نقتنع أن البرلمان قوى. ما الذى تنتظره من المحليات فى المرحلة القادمة؟ - لا شىء ولا جديد ستقدمه المحليات كما فى السنوات الماضية، مع أنه فى السابق كان أعضاء المحليات لهم حق الاستجواب للمحافظ، وكان اسمه قانون الحكم المحلى، وتم تغييره إلى قانون الإدارة المحلية، وحكم يعنى فلسفة ومتابعة ومعارضة وقوة، لكن إدارة تعنى إدارة، أى أن عضو المجلس المحلى يكون ضعيفاً أمام المحافظ فلن يقدم شيئاً، ولهذا أطالب بوجود استجواب فى المجلس المحلى للمحافظ، حتى يكون العضو مدرباً بعد ذلك على العمل البرلمانى، ولكن لا أتصور هذا لأن ائتلاف دعم مصر سيسيطر، وبدأت أجهزة سيادية تتدخل كما نسمع الآن، وقد يكون للشباب دور قوى وفاعل لأن الشباب مثقف وفاهم. إلى أى مدى تعيق المركزية عمل المحافظ؟ - وظيفة المحافظ هى أسوأ وظيفة فى مصر، لأنه يعانى ويصطدم بالجماهير والموظفين الفاسدين والكسالى والمهملين، ويواجه تغييرات من فوق، مثلاً وزير ما ينقل له مدير المديرية لأى وزارة دون علم المحافظ، والآن توجد أزمة بين «أحمد زكى بدر» وزير الإدارة المحلية، وبين محافظ الإسكندرية بسبب حركة تنقلات أوقفها «بدر»، ثم خرج المحافظ، وقال الوزير كان معه حق فيما فعله، إذن المركزية تعيق عمل المحافظ بشدة. شغلت منصبى الوزير والمحافظ.. أيهما تعيقه المركزية أكثر؟ - رئيس الوزراء والوزير والمحافظ ضعفاء أمام رئيس الجمهورية لأنه قوى بسلطاته، مثلاً أنا مُنِعت من دخول الجامعة وأنا وزير للشباب والرياضة بسبب المركزية الشديدة، ولم أستطع فعل شىء. إذن مقولة الدكتور يوسف والى صحيحة عندما قال إن الوزراء مجرد سكرتارية للرئيس؟ - ما قاله يوسف والى هو الواقع، لكن كلمة سكرتارية جاءت زيادة منه شويتين، وأذكر أن عاطف صدقى رحمه الله كان يشكو لى أن مبارك يقوم بعقد اجتماعات مع بعض الوزراء دون أن يدرى، والسيسى عندما تقابل مع وزير التموين، أحد الصحفيين كتب يتساءل: أين رئيس الوزراء؟.. وأعتقد أن الرئيس السيسى بدأ يحضر رئيس الوزراء فى لقائه مع الوزراء. أليس الوزير مسئولاً أمام الجمهورية.. ومن الجائز استدعاؤه؟ - نعم.. ولكن الوزير عندما يتقابل مع الرئيس بعيداً عن رئيس الوزراء، يشعر بالزهو ويمشى منفوخاً ولا يخبر رئيس الوزراء أى شىء مما حدث فى اللقاء، وأيضاً الرئاسة لا تخبر رئيس الوزراء، وهذا منطق مغلوط. ماذا عن أداء الوزراء التكنوقراط؟ - أنا ضد فكرة الاستعانة بالوزير التكنوقراط، لأنه لا يعرف ماذا يريد الشارع، وقد خرج علينا وزير التموين وأعلن أن لديه مخزوناً استراتيجياً للسكر يكفى 6 أشهر، وبعد ذلك لم نجد سكراً فى السوق، وأتساءل من منهم نجح فى عمله؟.. لا أحد، لأن الوزراء التكنوقراط يخلقون الأزمات فى الاقتصاد والزراعة والصناعة، ولم أرَ فى العالم أن من يتولى البنك المركزى رؤساء بنوك تجارية، مع أن العالم كله يولى رئاسة البنك المركزى إلى اقتصاديين، وعلى سبيل المثال تم تعيين رئيس بنك تجارى سابق رئيساً لأعظم بنك فى مصر، وهو المصرف العربى الذى يدير ملايين الدولارات، ولم ينجح فى مصر وزير تكنوقراطى إلا عزيز صدقى، عندما تولى رئاسة الوزراء لأنه لم يكن سياسياً رغم وجوده فى تنظيم الاتحاد الاشتراكى. وماذا عن أداء حكومة شريف إسماعيل؟ - لا أحد يرى أداء حكومة شريف، وحتى لا نعيب عليهم فلنقيم الأزمات التى ظهرت فى عهدها، سنجد أزمات مالية واقتصادية وأزمات فى السلع التموينية مثل السكر والأرز، وأزمات فى الزراعة والصحة والتعليم والبطالة، لأن حكومة شريف إسماعيل تعمل برد الفعل وليس لها فعل، مثلاً تغرق مركب فى النيل فتصدر قانوناً، الإعلام يقول الإجراءات الجنائية معطلة، فتصدر قانوناً وهكذا، ووزير التموين كان فى يده جميع خطوط الوزارة، وفجأة تم عزله بحجة فساد القمح، أو أنه أقام فى «سميراميس». كيف استقبلت فوز «ترامب» بالرئاسة الأمريكية؟ - الحقيقة بعد فوز «ترامب» طرحت سؤالاً أقول فيه: هل سيغير ترامب العالم وكيف؟.. فوجدت أن القدر أرسل هذا الرجل لتغيير العالم، كما أرسل السيسى لمصر للتصدى لحكم الإخوان، مع أن أفكار ترامب تبدو مجنونة، إلا أنها واقعية ومعقولة فى نتائجها لصالح العالم وأمريكا، ولهذا أعجبت الأمريكان ففضلوه على هيلارى كلينتون التى كانت ستكمل سياسات أوباما السيئة فى العالم، خاصة فى الشرق الأوسط. وماذا سيحدث فى الشرق الأوسط بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض؟ - سياسات أوباما شقت الشرق الأوسط فى سعيها إلى تفجيره وإعادة تركيبه مرة أخرى بتفكيك دوله لصالح إسرائيل، ولكن ترامب أعلن أنه سيقضى على الإرهاب وسيحارب داعش، وليس له علاقة ب «بشار الأسد» كرئيس دولة، ومن هنا سيحدث تقارب مع روسيا ومع الدول العربية التى تحاول الحفاظ على وحدة سوريا، ثم أعلن أن أمريكا لن تتدخل فى شئون الدول الأخرى فى العالم، وهذه كانت مشكلة أمريكا الكبرى، لأنها تتعامل على أنها شرطى العالم، وتتدخل فى كل بقعة فى العالم، وقال إنه سيوفر أموال أمريكا، وعلى السعودية والناتو أن يدفعا أموال حمايتهم، وبالتالى أرى أن السعودية وقطر وتركيا سيكون لهم مشاكل مع ترامب. وما انعكاسات هذا الفوز على العلاقات المصرية - الأمريكية؟ - أمريكا لديها علم صناعة الرئيس، ولكن ترامب لم يصنع بل جاء نتيجة اقتناع الناخب الأمريكى بأفكاره وسياساته، ولكن أمريكا لديها البرجماتية العلمية عالية جداً، وترامب أعلن أنه يستريح للرئيس السيسى ومقتنع به ومعجب بسياساته وبوقوفه ضد الإرهاب، وهذا لحسن حظنا، لأن ترامب يريد أن يغير تماماً ما فعله أوباما، وقال لهيلارى كلينتون أنتى دمرتى الشرق الأوسط، إذا ترامب قادم بمفهوم جديد نهائى ولديه الجسارة والجرأة على التغيير، وتقديرى الخاص أن سياساته ستنهى على داعش، وبالطبع سيتم بناء سوريا وليبيا والعراق وهذا فى صالح مصر. وماذا عن إيران؟ - أولاً.. فُجر إيران سيضعف ثم ينتهى لأن ترامب يهدد مشروعهم النووى، وإيران حالياً لها نفوذ فى سوريا والعراق واليمن ولبنان، وهذا سيتم تقليصه أيضاً وسينتهى، ومصر كبيرة العائلة العربية وسوف تلعب الدور الكبير فى أن تكون همزة الوصل بين أمريكا وبين العرب عندما تظهر مشكلة ما، فمصر قادمة اقتصادياً وسياسياً وستقوم بدورها الإقليمى الكبير، خاصة أن مصر لها سياسات متوازنة ولم تتدخل فى أى شأن داخلى من شئون جيرانها فى المنطقة.