قالت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية إن الانسحاب الأمريكي من العراق والذي يرى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه يستحق الإشادة عليه، قد تكون نقطة الضعف التي سيستغلها منافسوه في الحزب الجمهوري الذين يصفون الانسحاب ب"التخلي عن العراق" لضرب أوباما تحت الحزام وتهديد طريقه لولاية ثانية، لأنه برأيهم كان يجب أن يجبر الحكومة العراقية على الموافقة على تواجد أكبر للمستشارين والمدربين والقوات . وأضافت: "إنه مع انسحاب المجموعة الأخيرة من القوات الأمريكية من العراق هذا الشهر، يكون الرئيس أوباما قد نفذ الوعد الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية بإنهاء الحرب، لكن هل حققت هذه المهمة التي دامت تسع سنوات النجاح المطلوب؟، وهل تنفيذ هذا الوعد سوف يرفع من شعبية أوباما خلال حملته للترشح لولاية ثانية؟ وتجيب الصحيفة فالعراق حتى الآن يجد صعوبة في إرساء الأمن، فلا تملك قواته الجوية أي طائرات مقاتلة، ويقول مسئولون أمريكيون إن تلك القوات لن تتمكن من رصد أي طائرات تخترق الأجواء في الوقت المناسب لاعتراضها. وعلى صعيد آخر، يشهد الجيش العراقي تحسناً ملحوظاً، لكن لا تزال قدرته على تنفيذ العمليات المعقدة ضعيفة، فأمام العراقيين مسيرة طويلة قبل أن يتمكنوا من تحمّل المسئولية في مجالات الاستخبارات والتدريب والإجراءات اللوجستية. وعلى الجبهة السياسية، من الملاحظ أن النظام الديمقراطي الذي ناضل الأمريكيون لإرسائه بدأ يتخذ منحى استبداديا ولا يزال منقسماً بسبب الاعتبارات القبلية والطائفية، كذلك، تشمل الحكومة العراقية أحزاباً متحالفة مع إيران، لذا يشعر السنة والأكراد بالقلق على مصيرها. خلال الاحتفال الظاهري الذي أقيم في مطار بغداد الدولي بمناسبة انتهاء المهمة العسكرية الأمريكية، لم يحاول أحد استعمال كلمة "انتصار"، لكن هذا الأمر ليس مفاجئا بأي شكل، فمنذ سنتين، كلف الجنرال مارتن ديمبسي، الذي أصبح الآن رئيس هيئة الأركان المشتركة، لجنة من المؤرخين بدراسة طريقة إنهاء الحروب، فأدرك ديمبسي أن الحربين الطويلتين في العراق وأفغانستان (وهما الصراعان اللذان كرّس لهما ديمبسي وزملاؤه عشر سنوات تقريباً) لن تنتهيا بنتيجة واضحة وسلسة كما كان يأمل الأمريكيون، فتساءل الجنرال "أين نحن اليوم من مفهوم الانتصار التقليدي الإيجابي؟". فأجابه الباحثون بأن معظم الحروب لا تنتهي بتحديد رابح أو خاسر نهائي، ولا سيما في حروب من النوع الذي خاضه الأمريكيون في العراق وأفغانستان، في هذا النوع من الصراعات، يصعب أن نحدد الوقت المناسب للإعلان عن إحراز تقدم معين والأصعب بعد هو إعلان النصر التام. وفي واشنطن، يعتبر الانسحاب نقطة مثيرة للجدل خلال السنة الانتخابية المرتقبة بالنسبة إلى الجمهوريين والديمقراطيين معاً، ويرى أوباما أنه يستحق الإشادة لأنه أنهى هذه الحرب التي لا تحظى بشعبية واسعة، لكن يقول منافسوه في الحزب الجمهوري أن أوباما "تخلى" عن العراق، وكان يجب برأيهم أن يتصرف بصرامة أكبر للسماح ببقاء حوالي 5 آلاف مدرب ومستشار عسكري، وانهارت المفاوضات بشأن هذا الموضوع بعد أن رفض العراق منح الحصانة القانونية للقوات الأمريكية التي كانت لتبقى في العراق.