بالتزامن مع الذكرى الثالثة للحرب على قطاع غزة والتي كانت بدأت في 27 ديسمبر 2008 واستمرت 22 يوما، وأدت إلى استشهاد أكثر من 1400 شخص وإصابة أكثر من خمسة آلاف وتدمير آلاف المنازل، خرج رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلى الجنرال بينى جانتز على الملأ ليعلن أنه لا مفر من شن عملية عسكرية جديدة ضد القطاع . ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن جانتز القول في بيان له بمناسبة الذكرى الثالثة لعملية "الرصاص المصبوب" ضد غزة إنه لامفر من شن عملية عسكرية كبيرة فى القطاع . وأكد أن قواته تعى جيدا كيفية التصدى لهجمات من سماهم بالإرهابيين فى غزة بشكل صارم وعنيف، معربا عن رضاه التام عن ارتفاع مستوى الردع العسكرى للجيش الإسرائيلى بعد الدروس المستفادة من خوضه تلك الحرب. وعلى الفور، سارعت حركة حماس للتقليل من أهمية التصريحات السابقة واعتبرتها حرباً نفسية ودعائية في مواجهة حالة الانكسار النفسي التي يعاني منها الاحتلال بعد الانتصارات المتتالية للمقاومة الفلسطينية كان آخرها عملية تبادل الأسرى . وأكد المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري في مؤتمر صحفي عقده في غزة في 27 ديسمبر في الذكرى الثالثة للعدوان الإسرائيلي على القطاع تمسك الحركة بخيار المقاومة، معتبرا أن الحرب كانت صورة من صور حرب الإبادة الجماعية. وتابع أن حماس ماضية في مشروع المقاومة، وأنها أشد قوة وأكثر تمسكاً بالحقوق والثوابت الوطنية، ولن تقبل المساومة عليها بأي حال من الأحوال، وقلل من قيمة التهديدات الإسرائيلية بشن حرب جديدة، قائلاً إنها "لا تخيفنا ولا الشعب الفلسطيني". وبالنظر إلى أن حكومة نتنياهو تسعى بكل ما أوتيت من قوة لخلط الأوراق في المنطقة على إثر ثورات الربيع العربي , فإن هناك من يحذر من عدم أخذ تهديدات جانتز على محمل الجد، خاصة في ظل المزايدات التي بدأت تلوح في الأفق بين المرشحين لانتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة. ففي 9 ديسمبر ، فوجيء الجميع بتصريحات استفزازية للمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية والرئيس السابق لمجلس النواب الأمريكي نيوت جينجريتش زعم خلالها أن الفلسطينيين شعب "تم اختراعه" أو "ملفق"، ووصفهم بأنهم يسعون لتدمير إسرائيل. وواصل جينجريتش ، الذي صعد إلى قمة ترشيحات الجمهوريين , استفزازاته ، قائلا :" لم تكن توجد دولة تحمل اسم فلسطين، لقد كانت جزءا من الإمبراطورية العثمانية ، أعتقد أننا أمام شعب فلسطيني مخترع وملفق ، هم من العرب فى الواقع، وهم من الناحية التاريخية جزء من العرب، وأمامهم فرصة للذهاب إلى العديد من الأماكن، ولعدة دواع سياسية تحملنا هذه الحرب التي يتم شنها ضد إسرائيل منذ الأربعينيات، إنه أمر مأساوي".وذكرت قناة "الجزيرة" أن جينجريتش انتقد أيضا في مقابلة مع محطة تليفزيونية يهودية السياسة الأمريكية الرسمية التي قال إنها تحترم الفلسطينيين كشعب يستحق قيام دولة على أساس المفاوضات مع إسرائيل. ورغم أن جينجريتش كغيره من المرشحين لانتخابات الرئاسة الأمريكية يسعى لاجتذاب دعم اللوبي اليهودي بالتعهد بتعزيز الروابط الأمريكية مع إسرائيل في حال انتخابه ، إلا أن تطاوله على الفلسطينيين ومحاولة نكران وجودهم في أراضيهم منذ آلاف السنين هو أمر مفاجيء ومن شأنه أن يثير مخاوف واسعة حول وجود مخطط صهيوني أمريكي لقلب حقائق التاريخ التي تؤكد أن إسرائيل هي كيان مصطنع وغاصب للأرض الفلسطينية والعربية . ويبدو أن التصعيد الإسرائيلي ضد غزة منذ بداية ديسمبر والذي جاء في ذروة التزام الفصائل الفلسطينية بالتهدئة يدعم صحة ما سبق ويؤكد أن هناك مؤامرة ما تحاك ضد الفلسطينيين والعرب في عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية . وكان ناشطان فلسطينيان من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس وشهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح استشهدا الخميس الموافق 8 ديسمبر جراء غارة إسرائيلية استهدفتهما داخل سيارة وسط غزة ، كما استشهد مسن فلسطيني وأصيب 12 طفلا وامرأة بعد أن شن الطيران الحربي الإسرائيلي الجمعة 9 ديسمبر ثلاث غارات جوية على أهداف متفرقة في قطاع غزة. بل وكانت المفاجأة التي لم يتوقعها أكثر المتشائمين أن يخرج على الملأ ليتباهى بدعمه إسرائيل ليس بالتصريحات وإنما بكشف قائمة الخدمات غير المسبوقة التي قدمها للكيان الصهيوني والتي تؤكد أن الأسوأ مازال بانتظار الفلسطينيين والعرب في عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ففي كلمة ألقاها في 17 ديسمبر خلال مشاركته في مؤتمر للاتحاد من أجل إصلاح اليهودية في واشنطن، تباهى أوباما بأن إدارته هي أكثر الإدارات الأمريكية التي عملت من أجل أمن إسرائيل . ورفض في هذا الصدد انتقادات بعض زعماء اليهود في الولاياتالمتحدة له في وقت سابق من عام 2010 عندما أعلن دعمه لبدء أي مفاوضات بشأن حدود دولة فلسطينية مستقبلية على أساس الخطوط التي كانت موجودة قبل احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967. وقال بنبرة حازمة :" إن أي إدارة أمريكية لم تقدم لأمن إسرائيل بقدر ما قدمت إدارتنا.. لا تدعوا أحدا يخبركم بالعكس ، هذا واقع" ، وعدد أمثلة دعم إدارته لإسرائيل ومن أبرزها المساعدة الأمريكية لإخراج دبلوماسيين إسرائيليين بعد حصار سفارتهم في القاهرة في سبتمبر الماضي، ومساهمة الولاياتالمتحدة في إخماد الحرائق في منطقة حيفا شمال إسرائيل، والمساعدة المالية لتطوير نظام "القبة الحديدية" الإسرائيلي المضاد للصواريخ. وأشار الرئيس الديمقراطي الذي ترشح لولاية ثانية في انتخابات 2012 أيضا إلى الجهود الدبلوماسية التي بذلتها إدارته لمنع حصول فلسطين على اعتراف دولة كاملة العضوية في الأممالمتحدة . وبالنظر إلى أن أوباما كان فاز بأصوات نحو ثمانية من بين كل عشرة ناخبين يهود في انتخابات 2008 ، فقد حذر كثيرون من أنه سيواصل تقديم كافة فروض الطاعة لإسرائيل في 2012 لتعزيز شعبيته أكثر وأكثر بين الناخبين اليهود لإعادة انتخابه لولاية جديدة، ولذا فإنه لا بديل عن التزام الفلسطينيين الحذر والإسراع بإتمام المصالحة لإحباط مؤامرات الكيان الصهيوني في عام انتخابات الرئاسة الأمريكية.