يبدو أن أزمة نقص واختفاء ألبان الأطفال المدعمة باتت صداعًا مزمنًا فى رأس المواطن الذى أصبح يذوق الأمرّين بحثًا عن شىء أشبه بالعملة النادرة، فعلى رغم شكاوى المواطنين إلا أنّ وزارة الصحة لا تزال تؤكد توافر الألبان الصناعية المدعمة للأطفال، مشيرة إلى أن المخزون يكفى لمدة 6 أشهر. فى دمياط يقول محمد رمضان، مواطن: منذ أن رزقنى الله بتوأم فى يوليو الماضى ووجهنى الأطباء للاستعانة باللبن الصناعى لإرضاعهما لعدم استطاعة الأم إشباعهما من خلال الرضاعة الطبيعية وبالفعل توجهت إلى مكتب الرعاية التابع لمديرية الصحة بمدينة فارسكور مقدمًا طلبًا مشفوعًا بشهادات الميلاد إلا أن مسئولة مكتب الرعاية لم تعتمد إلا طفلاً واحداً منهما متعللة بأن الطفل الآخر يمكن إرضاعه طبيعيًا وقاموا باستخراج كارت باسم الطفل الأول ويتم صرف 4 عبوات له فقط شهريًا بقيمة 15 جنيهًا وتمت زيادة الكمية إلى 6 عبوات بقيمة 19 جنيهًا وبوصول عمر الطفل إلى 4 أشهر قاموا بتخفيض الكمية إلى 4 عبوات مرة أخرى فى الشهر الخامس متعللين بنقص الكمية وعدم صرف الوزارة الكميات الكافية. وأشار محمد لابد أن أذهب عدة مرات للسؤال عن وصول اللبن المدعم إلى الوحدة الصحية بكفر سعد حيث يأتى الرد على سؤالى دائمًا بعدم وصول الكمية من الوزارة علمًا بأن لبن الأم قد توقف منذ الشهر الثالث لمشاكل طبية ولم يعد بإمكانها إرضاع الطفل الآخر الأمر الذى اضطرنى إلى المرور على الصيدليات صباحًا ومساء لأن عبوة اللبن المدعم لا تكفى الطفلين أكثر من يوم ونصف بمعدل عبوة لكل 36 ساعة وبالتوجه للصيدليات اكتشفت أن سعر العبوة المدعمة من حليب A لسن أقل من 6 أشهر تباع ب 40 جنيهًا رغم أن سعرها الحقيقى 17 جنيهًا ويقول لى الصيدلى «إذا كان عجبك خدها مش عجبك سبها وغيرك هيخدها» ورغم دخلى البسيط الذى يكفى بالكاد لتغطية أعباء أسرتى فإننى تحملت هذه النفقات، وبدأت معاناتى فى البحث عن اللبن المدعم بصيدليات أخرى بكفر سعد ودمياط فاكتشفت الواقع المرير بأنه غير متوافر وأن الصيدليات تقوم ببيعه للمعارف والزبائن الدائمين لديها وأضاف الدكتور محمد عبدلله نقيب الأطباء سابقًا مؤكدًا أن كل صيدلية تحصل على حصة لا تتجاوز 6 علب من اللبن المدعم شهريًا وهى لا تكفى بالطبع لتلبية الاحتياجات مؤكدًا أن أزمة لبن الأطفال المدعم مستمرة منذ سنوات طويلة وستظل موجودة ما لم تتدخل الحكومة لحلها بشكل جذرى حتى لا يقع المستهلك فريسة للبن المستورد الذى يشكل عبئًا على المواطنين ويفوق قدرتهم على احتمال الارتفاع المتزايد فى أسعار ألبان الأطفال التى تباع خارج منظومة الدعم بسبب نقص الكميات المدعمة. وأضاف أن كمية ألبان الأطفال المدعمة التى تتولى الشركة المصرية لتجارة الأدوية مهمة توزيعها تقدر بحوالى 30 مليون عبوة سنويًا بمبلغ 450 مليون جنيه. وأكد عبدلله أننا فى مصر نحتاج 60 مليون علبة لبن سنويًا بمعدل 4 علب للطفل الواحد بينما يكفيه 6 علب ويتم الدعم بما يقرب من 350 مليون جنيه سنويًا أى لا يزيد على 40 مليون علبة. وقال حسن رجب موظف إن المسئولين فى غيبوبة تامة لأن الأزمة مستمرة منذ فترة وأن حصص الصيدليات تنفد بعد يومين ثم تبدأ بعد ذلك رحلة البحث عن عبوة لبن مدعم. وطالب المواطنون بصرف اللبن على شهادات الميلاد من خلال مراكز تنظيم الأسرة بدلاً من استيلاء أصحاب المحال والسوق السوداء على حصة المحافظة. وفى الشرقية سادت حالة من الاستياء والضجر الشديدين بسبب تصاعد أزمة لبن الأطفال واختفائه من الصيدليات للمرحلة الاولى والثانية من جديد، والذى من المفترض أن يوفر من قبل الدولة، الأمر الذى تسبب فى حدوث أزمات عديدة للأسر، فى ظل ارتفاع أسعار الألبان المستوردة الأخرى. تقول ميرفت إبراهيم، من أهالى قرية هربيط التابعة لمركز أبو كبير وأم لطفلين حديثا الولادة «إن نقص اللبن المدعم يسبب لنا مشاكل كثيرة، ولا نعرف كيفية معالجة هذه المشكلة التى أصبحت تؤرقنا خاصة وأننا لدينا طفلين، فى الوقت الذى ارتفعت فيه أسعار الألبان المستوردة الأخرى مع ارتفاع أسعار الدولار فى مصر». وأضافت: نعانى من تلك الأزمة ولا نستطيع شراء اللبن نظراً لضيق ذات اليد. ويقول «م.أ»: «منذ أكثر من أربعة أشهر واللبن غير موجود نهائياً، وإن استطعنا الحصول عليه لمرة واحدة لا نستطيع الحصول عليه مرة ثانية، ورغم ذهابنا للسؤال عليه بصورة شبه يومية بالوحدة الصحية، يقول المسئولون لنا: «الحصة لسه مجتش»، لافتاً إلى أن أسعار اللبن الآخر باهظة جداً وغير قادرين على شرائها خاصة أن العلبة الواحدة منه يصل سعرها حتى 100 جنيه. وأكدت رانيا إبراهيم أن «الأمهات بقريتنا تبكين من عدم استطاعتهن على توفير اللبن لأطفالهن الرضع»، مضيفة أن أسباب النقص يرجع إلى جشع الصيدليات حيث إن بعضها يتجه لبيع اللبن فى السوق السوداء بأسعار أعلى من سعرها الرسمى التى أعلنته الدولة، إلى جانب تدخل الوساطات فى حجز اللبن لفئات ومهن بعينها، فضلاً عن الأقارب. وأوضح الدكتور محمد البنا «صيدلى»: أن اللبن المدعم يتم توريده للصيدليات والوحدات الصحية طبقاً لجدول شهرى «حصة شهرية»، لكن منذ فترة تلاحظ نقص كبير فى السوق بشكل عام وعدم توريد الكميات اللازمة بالصيدليات والوحدات الصحية فى مواعيدها، الأمر الذى دفع الأهالى للجوء للألبان المستوردة وهو ما وضعهم فى أزمات مالية مستمرة بسبب ارتفاع سعره، معللاً أن السبب الرئيسى لهذه الأزمة يأتى من احتكار بعض الشركات للبن الأطفال، وذلك عائد لغياب الرقابة. وناشد الأهالى المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، والدكتور أحمد عماد وزير الصحة، بسرعة التدخل لتوفير ألبان الأطفال بمحافظة الشرقية بعد أن أصبحت خالية منه تماماً رحمة بهم وبأطفالهم الرضع.