ماسك: لولاي لكان ترامب خسر في الانتخابات الرئاسية    نصف نهائي الأمم الأوروبية.. إسبانيا تتقدم على فرنسا بثنائية في الشوط الأول    تجهيز ساحات صلاة عيد الأضحى 2025 في المنيا وجميع المحافظات    «عيدكم دايمًا أحلى».. كيف هنأ نجوم الفن جمهورهم بمناسبة عيد الأضحى؟    رسميًا.. موعد صلاة العيد الكبير 2025 في جميع المحافظات    7 نصائح لمرضى النقرس عند تناول اللحمة في العيد    «الشهر العقاري» تعلن تقديم خدماتها للجمهور خلال إجازة عيد الأضحى    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    الناتو يعزز قدراته في تدريب الطيارين والتعاون عبر الحدود الجوية    أول زيارة للمستشار الألماني للولايات المتحدة    الهلال يُغري نابولي بعرض خيالي لضم أوسيمين    زلزال ب جنوب إيطاليا يتسبب بانهيار جزئي ب موقع بومبي الأثري    مدحت بركات: زيارة الرئيس السيسي للإمارات تعكس التزام مصر بالتعاون العربي    المهيرى: اتفاقية للحفاظ على حقوق العاملين ب «اقتصاد المنصات»    مباشر مباراة إسبانيا ضد فرنسا في نصف نهائي دوري الأمم الأوروبية    مصطفى محمد يدعم الزمالك من مدرجات ستاد القاهرة في نهائي الكأس    «كل إناء ينضح بما فيه».. تعليق ناري من زوجة الخطيب على «سب» هاني شكري جماهير الأهلي    غرفة ملابس الزمالك قبل مواجهة بيراميدز في نهائي كأس مصر (صور)    رئيس الوزراء يهنئ شعب مصر والأمتين العربية والإسلامية بعيد الأضحى    قرار هام بشأن أسئلة امتحانات الثانوية الأزهرية في مطروح (تفاصيل)    مياه المنوفية: استمرار شحن عدادات المياه مسبقة الدفع خلال عيد الأضحى    أحمد السقا من جبل عرفات: إحنا مصطفين السنة دي من ربنا    ورش وعروض فنية في احتفال ثقافة المنيا بعيد الأضحى    مخرجة «ريستارت» عن انتقادات مشهد ارتداء تامر حسني ملابس داخلية: أشكره على جرأته    أستاذ تمويل: المنصة الإلكترونية لتراخيص الاستثمار مهمة لتعزيز بيئة الأعمال    صلاة عيد الأضحى 2025.. موعدها وطريقة أدائها وفضلها العظيم    العيد بعد الطاعة.. «بهجة مشروعة»    استهتار غير مسبوق    بعد إطلاق ال5G.. مطالب برلمانية بإلزام شركات المحمول بعدم زيادة الأسعار    في العيد.. طريقة عمل لحمة الرأس بخطوات سهلة وطعم مميز    استشاري تغذية يحذّر من الإفراط في تناول اللحمة خلال عيد الأضحى- فيديو    "التنظيم والإدارة" يتيح استعادة كود التقديم في مسابقاته عبر بوابة الوظائف الحكومية    إعلام إسرائيلى: مقتل جندى إسرائيلى متأثرا بجروح خطيرة أصيب بها فى غزة قبل 8 أشهر    " صوت الأمة " تنشر أهم التوصيات الصادرة عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية    المتعافون من الإدمان يشاركون فى تزيين مراكز العزيمة استعدادًا لعيد الأضحى .. صور    وزير الخارجية الألماني يجدد مطالبته لإسرائيل بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة    نادي قطر يُعلن نهاية إعارة أحمد عبد القادر وعودته للأهلي    "لو لينا عمر" أغنية لآمال ماهر بتوقيع الملحن محمدي في أول عمل يجمعهما    المجمع المقدس يؤكد على الرعاية المتكاملة ويُطلق توصيات جديدة للرعاية والخدمة والأسرة    في إجازة عيد الأضحى.. حدود السحب والإيداع القصوى من ماكينات ATM    «الجيل»: ما يدور عن «القائمة الوطنية بانتخابات الشيوخ تكهنات تثير لغط»    المسرح النسوي بين النظرية والتطبيق في العدد الجديد لجريدة مسرحنا    يوم الرحمة.. كيف تستغل يوم عرفة أفضل استغلال؟    تشيفو يقترب من قيادة إنتر ميلان بعد تعثر مفاوضات فابريغاس    «حلوان» و«حلوان الأهلية» تستعرضان برامجهما المتميزة في «نيجيريا»    120 جنيه وخناقة بخرطوم تنهي عشرة "نقاش العمرانية" وزوجته.. ما قرار الجنايات؟    تقديم الخدمة الطبية ل1864 مواطنًا ضمن قافلة علاجية بعزبة عبد الرحيم بكفر البطيخ    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    أجمل صور يوم عرفة.. لحظات تتجاوز الزمان والمكان    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    الاحتلال يستهدف صحفيين في مستشفى المعمداني واستشهاد 3    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    موقع الدوري الأمريكي يحذر إنتر ميامي من خماسي الأهلي قبل مونديال الأندية    أسعار البقوليات اليوم الخميس 5-6 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    أرخص 10 سيارات مستوردة إلى مصر بدون جمارك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد شومان يكتب : ترامب يطيح هيمنة الإعلام الأميركي
نشر في الوفد يوم 16 - 11 - 2016

كشفت مفاجأة فوز دونالد ترامب عن شروخ في بنية وأداء الإعلام الأميركي، أظن أنها ستكون بداية لمراجعة كثير من المسلَّمات والفرضيات الراسخة عن هيمنة ذلك الإعلام وصناعة استطلاعات الرأي العام وقدرتهما على التلاعب بعقول وقلوب الناخبين، وتشكيل قرارهم حول اختيار الرئيس. كانت الفرضية شبه المتفق عليها أن الإعلام واستطلاعات الرأي العام تصنع الرئيس، وذلك من خلال كثافة التغطيات الإخبارية وتوفير مجال عام للنقاش وحض الناخبين على المشاركة، وأثبت كثير من البحوث تحيز الإعلام بدرجات مختلفة لمصلحة أحد المرشحين، رغم ادعاء التوازن والمهنية في التغطيات الإخبارية، وأشارت دراسات أخرى إلى أن إعلان بعض الصحف الكبرى تأييدها أحد المرشحين كان يؤثر في تغطيتها الأخبار، كذلك تغطيتها نتائج استطلاعات الرأي العام، أي أنها فشلت في الفصل بين الخبر والرأي. كما تتهم صناعة الاستطلاعات بأنها تشارك في التلاعب بإرادة الناخبين لأن لعبة توقع الفائز تؤدي عملياً إلى تشويه المجال العام، والتدخل في إرادة الناخب ودفعه إلى تغليب كفة أحد المرشحين، رغم أنه قد لا يكون المرشح الأوفر حظاً.
من هنا انتشرت مقولة أن الإعلام يزيف إرادة الناخبين، ثم تقوم صناعة استطلاعات الرأي العام– تقدر بحوالي 20 بليون دولار– بقياس ما سبق لوسائل الإعلام صناعته من تزييف. بالطبع، تمويل الحملات الانتخابية ولعبة المال والسياسة وأنماط ملكية وسائل الإعلام الأميركية، كلها كانت أسباباً تقدم لتفسير ما يجري. وكان الجمهوريون يضيفون إلى ذلك ادعاء أن غالبية العاملين في وسائل الإعلام الأميركي هم من الديموقراطيين الذين يمارسون السياسة من خلال العمل بالإعلام أو امتلاك وسائل إعلام نافذة. لذلك أثبت استطلاع أخير أجراه معهد «غالوب» أن 14 في المئة فقط من الجمهوريين لديهم قدر كبير من الثقة في الإعلام. ويشكل فوز ترامب في أحد جوانبه انقلاباً على فرضية أن الإعلام واستطلاعات الرأي تختار الرئيس وتتلاعب بإرادة الناخبين، لأن الثابت أن غالبية التغطيات الإعلامية كانت لمصلحة هيلاري كلينتون، حيث تعاملت معها باعتبارها الرئيس القادم وأول امرأة تقود الولايات المتحدة، بينما قدمت التغطيات الإخبارية ترامب كمرشح غريب، ومتقلب، وليس لديه الكفاءة أو القدرة لقيادة البلاد، بل اتهمته بأنه فاشي وعنصري وسَيُخرّب البلاد، ما اعتبر نوعاً من استعداء الناخبين ضده. ولم يقف ترامب المشاكس صامتاً، فقد هاجم بقسوة الإعلام، ووصفه بالكذب والتحيز والخضوع لأصحاب المال والنفوذ، كما أكد أن الإعلام هو «فعل سيء ضد الشعب الأميركي، ومرض أصاب المجتمع ولا بد من علاجه»، في لهجة تهديد ووعيد واضحة. على مستوى آخر، فإن 20 جهة هي الأهم في مجال استطلاع الرأي العام أظهرت ومنذ بضعة أشهر تقدماً ثابتاً لكلينتون على ترامب. صحيح أن الفارق تراجع قبل يوم التصويت ودار حول 6 إلى 9 نقاط، ما يعني أنه اقترب أحياناً من هامش الخطأ، إلا أن مجمل النتائج كانت في مصلحة فوز كلينتون.
من هنا يمكن القول إن تحيز الإعلام ضد ترامب شكَّل أحد ملامح السباق الانتخابي الذي حظي بنسبة تصويت منخفضة، هي الأدنى منذ عام 2000، إضافة إلى طغيان الجوانب السلبية على شخصية ترامب وكلينتون فقد كانت انتخابات لاختيار الأقل سوءاً، وكان الإعلام يغطي الانتخابات كما يريدها وليس كما هي في أرض الواقع. لكن المفارقة أن خطاب ترامب الاستفزازي والخارج عن المألوف ضمن له حضوراً دائماً في الإعلام، وربما منحه هجوم الإعلام تعاطفاً ما، لأن الجمهور يتعاطف أحياناً مع من يعتقد أنه ضحية، أو الطرف الأضعف. وهنا أشير إلى تصريح شهير لترامب قال فيه إنه رجل ثري وله علاقات سياسية، ومع ذلك يهاجمه الإعلام، وتساءل: ما الذي يمكن أن يفعله هذا الإعلام بحق مواطن عادي؟ ووفق استطلاع لمعهد «غالوب» فإن 83 في المئة من الأميركيين قالوا إنهم شاهدوا أو سمعوا أو قرأوا أكثر عن ترامب مقارنة ب 78 في المئة لكلينتون. هكذا بدا وكأن التغطيات السلبية عن ترامب وأسرته تصب في مصلحته، ونجح ترامب، وهذا ما لم يهتم به الكثيرون، في استعمال وسائل التواصل الاجتماعي لمصلحته، وكذلك محطات الإذاعة والصحف المحلية، ما يؤكد أن لدى الرئيس المنتخب خبرات وقدرات إعلامية لم تقدرها حملة كلينتون في شكل صحيح. كما أن سلسلة المؤتمرات التي عقدها ترامب في مختلف أرجاء الولايات المتحدة وبعدد يفوق كلينتون، أثبتت أن لديه مهارات جيدة في الاتصال المباشر، وتقديم خطاب شعبوي مؤثر، يمنح الأميركيين البسطاء الأمل والحلم، حتى وإن كان في شكل استعادة غير ممكنة لعظمة أميركا، التي عليها أن تكون منعزلة نسبياً عن العالم ورافضة للعولمة. القصد أن فوز ترامب رغم تأييد الإعلام والاستطلاعات لمنافسته يعني أمرين من وجهة النظر الإعلامية. أولاً: عدم المبالغة في تأثير وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي العام، فالإعلام لا يصنع الواقع وإنما يعكسه إما بنوع من التضخيم والمبالغة أو التقليل والتهوين، ومن النادر أن يكون موضوعياً ومتوازناً، وبالتالي فإنه مهما تقدمت أساليب الإعلام وتقنياته فإنه لا يستطيع أن يقلب الحقائق على الأرض أو يستمر في عمليات التهوين أو التهويل، لأن كلاً منهما يمثل شكلاً من التزييف والتلاعب بعقول وقلوب المواطنين، وهي عملية صارت شبه مستحيلة في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، وظهور صحافة المواطن، وفي زمن تراجعت فيه ثقة المواطنين في العالم وفي الولايات المتحدة بمؤسسات السياسة والإعلام. وبالتالي ارتفعت مطالبهم بالخروج عن المؤسسات والنخب التي تديرها نحو صيغ جديدة للإدارة والحكم والإعلام. وبالنسبة إلى الإعلام تحديداً، فإن ثقة المواطن الأميركي فيه انخفضت ببطء، ولكن بثبات، حتى وصلت الشهر الماضي إلى 32 في المئة وفق استطلاع لغالوب جاء فيه أن ثقة الأميركيين بلغت ذروتها عام 1976، ووصلت إلى 72 في المئة بعد نشر فضيحة «ووترغيت» وظهور الصحافة الاستقصائية وتغطيات حرب فيتنام. ثم انخفضت إلى ما دون 50 في المئة منذ عام 2007، أي أن هناك علاقة عكسية بين ظهور وانتشار الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي وتراجع الثقة في الإعلام. لكن الغريب أيضاً أن كثيراً من استطلاعات ومسوح آراء الجمهور تؤكد ضعف الثقة في الأخبار التي تقدمها وسائل الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي.
ثانياً: أظن أن الإعلام التقليدي والجديد يمران بأزمة ثقة وصدقية، وتشاركهما أيضاً في تلك الأزمة صناعة الاستطلاعات نظراً الى الارتباط بين الصناعتين، وبالتالي فإن هناك حاجة ماسَّة وضرورية لمراجعة دورهما في المجتمع، والارتقاء بمعايير الأداء والقواعد المهنية. ويبدو أن هذه العملية بدأت، حيث ظهرت مقالات عدة حول كيفية الاستفادة من دروس السباق الانتخابي الأخير، كما أن هجوم ترامب المستمر على الإعلام سيدفع الأخير للتصحيح والمراجعة.
لقد استفاد ترامب من تراجع الثقة في الإعلام ومؤسساته، وكذلك استطلاعات الرأي العام التي فشلت أخيراً في توقع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ونجح ترامب في تحدي هيمنة الإعلام واستطلاعات الرأي على الانتخابات، والأهم سلطة المؤسسات السياسية والنخبة التقليدية في الحزبين الديموقراطي والجمهوري. لكن ما حدث يمثل حالة استثنائية وفريدة من نوعها وقد لا تتكرر، فالإعلام والاستطلاعات والمؤسسات كلها ستعيد تشكيل نفسها وابتكار آليات جديدة، أكثر ذكاءً ونعومة، لضمان الهيمنة على إرادة الناخبين وتوجيهها، كما أن الحكومة المركزية والمؤسسات السياسية قد تصلح من نفسها، لكنها لن تختفي، وإنما ستنجح في احتواء صخب ترامب وإدخاله إلى عالمها القوي والغامض، وإذا تمرد فربما لا يستطيع إكمال فترة رئاسته الأولى، كما توقع ذلك قبل أيام مخرج الأفلام الوثائقية مايكل مور.
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.