زيارة قصيرة ومفاجئة، قام بها صباح اليوم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإمارتية، إلى القاهرة قادمًا من السعودية، للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، من أجل بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك. وأعلنت الخارجية الإماراتية أن الزيارة تأتي في إطار العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، والتشاور المستمر بينهم في كل المجالات لتعزيز هذه العلاقات وتنميتها بما يحقق مصالحهما المشتركة، وبما يخدم مصالح الأمة العربية. وأوضحت أن القيادة السياسية في الإمارات تتبنى دائمًا مواقف داعمة تجاه الشقيقة مصر، حيث إن العلاقة بين البلدين تتخطى دائمًا كل الأطر التقليدية، فتصل إلى آفاق أرحب وأبعد وتخوم غير مسبوقة ومستويات عالية من التعاون والتناغم والتنسيق المشترك. وخلال اللقاء، أكد الرئيس السيسي على خصوصية العلاقات المصرية الإماراتية، معربًا عن اعتزاز مصر بما يربطها بدولة الإمارات من روابط الأخوة وتعاون وثيقة تُمثل نموذجًا للتعاون الاستراتيجي بين الدول العربية. وأشار الرئيس إلى أهمية مواصلة العمل على تعزيز التعاون الثنائي مع دولة الإمارات على مختلف الأصعدة، مؤكدًا على أن المرحلة الراهنة التي تمر بها المنطقة تتطلب تعزيز التكاتف العربي بما يُمكن الأمة العربية من مواجهة التحديات المشتركة القائمة. ومن جانبه أعرب "آل نهيان" عن سعادته بالتواصل مع مصر، مؤكدًا على حرص بلاده للتنسيق والتشاور معها بشكل مستمر إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، مشيرًا إلى حيوية علاقات التعاون الاستراتيجي التي تجمع بين البلدين. وعلى صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، علق النائب مصطفى بكري على الزيارة، بأنها دليل على موقف الإمارات الواضح والصريح تجاه مصر وثورتها العظيمة في المحافل الإقليمية والدولية. وقال بكري: "إنها زيارة لها دلالتها في هذا الوقت، فالإمارات لا تزال تواصل دورها في دعم مصر ومساندتها، لقد كان للإمارات ولا يزال موقفها الواضح والصريح تجاه مصر وثورتها العظيمة في المحافل الإقليمية والدولية". وتابع: "الزيارة سوف تأتي في إطار التشاور المستمر بين البلدين، والموقف من القضايا الإقليمية والعربية وتحديدًا في سوريا وليبيا واليمن والعراق، وأيضًا الموقف من العلاقات الخليجية الإيرانية إضافة إلى تطور العلاقات الثنائية بين البلدين". وتاريخيًا ترتبط مصر بعلاقات وثيقة مع دولة الإمارات انطلاقًا من اقتناع مشترك بين الطرفين بالمصالح المشتركة والاعتماد المتبادل، فقد كانت القاهرة أولى الدول التي أيدت بشكل مطلق الاتحاد فور إعلانه عام 1971 ودعمته كركيزة للأمن والاستقرار دوليًا وإقليميًا وإضافة لقوة جديدة للعرب. وأدركت الإمارات كذلك أهمية مصر، فكان موقف الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة سابقًا في حرب أكتوبر 1973 باتخاذه قراره التاريخي بدعم المعركة القومية حتى آخر فلس في خزينته، وقال كلمته المشهورة: "ليس المال أغلى من الدم العربي وليس النفط أغلى من الدماء العربية". كما تميزت العلاقات "المصرية – الإماراتية" في عهد الرئيس السيسي بتواصل مستمر بين البلدين، من خلال الزيارات المتبادلة التي يقوم بها مسؤولي الدولتين، لتقوية العلاقات وبحث أوجه التعاون. فكانت أول زيارة بينهم للرئيس السيسي خلال عام 2015، حين شارك في أعمال "القمة العالمية لطاقة المستقبل"، استقبله خلالها محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. ورد الزيارة إلى مصر في نفس العام "آل مكتوم"، لحضور مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري والتقى به الرئيس السيسي على هامش المؤتمر. وفي آواخر عام 2015، قام "حمد الشرقي"، عضو المجلس الاتحادي الأعلى في دولة الإمارات وحاكم إمارة الفجيرة، بزيارة لمصر لحضور القمة العربية في دورتها ال26، واستقبله إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق. وخلال أغسطس كرر "آل مكتوم" زيارته لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة واستقبلهم الرئيس المصري، الذي رد له الزيارة في أكتوبر من عام 2015، استقبله الشيخ "آل نهيان". وفي يناير الماضي، قام ولي عهد أبو ظبي بزيارة إلى مصر للتباحث بشأن العلاقات الثنائية بين البلدين على مختلف أصعدتها السياسية والاقتصادية والتنموية. "3 أسباب" وحدد خبراء الشأن السياسي في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، 3 أسباب تقف وراء تلك الزيارة بعيدًا عن العلاقات الوطيدة التي تجمع البلدين وهي: "فوز ترامب، التوتر بين مصر والسعودية، مشروعات اقتصادية وأزمة البترول". "فوز ترامب" يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الزيارة مرتبطة بفوز الجمهوري دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية، وضرورة تطوير الموقف العربي تجاه الإدارة الأمريكية الجديدة واستراتيجيتها. ويوضح في تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد"، أن هناك قلق في العالم كله وبالأخص داخل دول الخليج العربي من وصول "ترامب" للرئاسة، نظرًا لأنه رجل غريب عن النظام الأمريكي، وجاء من عالم المال ورجال الأعمال وغير معروف سياسيًا. ويضيف: "في الوقت ذاته، فإن مصر والإمارات تجمعهم علاقة وطيدة منذ القدم، ورغم التباينات الطفيفة بينهم التي لم تصل إلى حد التوتر، فإن مجرى العلاقات لا يشوبه أي عوائق، لأن دبي دومًا ما تلعب دور ضابط وأساسي في المنقطة العربية، وتشبه رمانة الميزان، كذلك مصر". "وساطة عربية" ويقول الدكتور جمال أسعد، الخبير السياسي، أن مصر والإمارات بينهم علاقة عضوية قوية، وارتباط اقتصادي حقيقي لا فكاك عنه، منذ أيام الشيخ زايد آل نهيان مؤسس دولة الإمارات، ومن المتوقع أن يكون هناك اتفاقيات خاصة بالاقتصاد ومشروعات البترول بينهم. ويبين أن الزيارة بالتأكيد لن تخلو من رغبة الإمارات في لعب دور الوساطة بين السعودية ومصر على إثر التوتر الطفيف الذي نشب بينهم خلال الفترة الأخيرة، لأن أمن الخليج بأكمله مرتبط باستقرار المملكة والقاهرة. ويضيف: "كما أن فوز ترامب يجعل هناك ضرورة قوية للتضامن العربي الحقيقي، تجاه الظروف الراهنة والتغييرات الاستراتيجية التي طرأت على الإدارة الأمريكية الجديدة، والتي ستطرأ بدورها على أزمات الشرق الأوسط بأكلمه".