(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).. كانت هذه الآية بمثابة إنذار وتحذير من الله سبحانه وتعالى دعانا فيه إلى ضرورة تجنب الشائعات وعدم تصديقها لأنها تتسبب فى الكثير من الأضرار للمجتمع إلا أن الإنسان بطبيعته يميل إلى إطلاق الشائعات، وقد انتشرت فى الآونة الأخيرة بشكل مبالغ فيه، الأمر الذى أصبح يهدد المجتمع بأكمله من خطورة تفاقهما بهذا الشكل وتأثيرها على مجريات الأحداث. وفى هذا الصدد أرجع عدد من خبراء الاجتماع والنفس السبب وراء انتشار ظاهرة الشائعات فى المجتمع المصرى بكثافة فى الآونة الأخيرة إلى الغموض من مؤسسات الدولة، وعدم إفصاح الحكومة عن المعلومات الحقيقية حول كل الأزمات التى تمر بها البلاد، كأزمة السكر وغيرها، لذا فإن الشعب يلجأ إلى نشر الشائعات كنوع من أنواع التفريغ النفسى والشعور بالراحة، لافتين إلى أن الحل الأمثل للقضاء على هذه الظاهرة هو الشفافية والوضوح ونشر المعلومات الصحيحة. من جانبها أكدت ميرفت العمارى الاستشارى النفسى أن الغموض يعد السبب الرئيسى وراء انتشار ظاهرة الشائعات بين المصريين فى الآونة الأخيرة، لافتًا إلى أن الشائعات تشبع الرغبة المعرفية لدى البشر، وتهدئ من روعهم، وتمدهم بمعلومات فى محور اهتماماتهم. أشارت العمارى، فى تصريحات خاصة ل"بوابة الوفد" إلى أن الشائعات تفرغ الطاقة السلبية فى الجسم، لافتًا إلى أن الشفافية والوضوح وإعلان المعلومات الحقيقية هو الحل الأمثل للقضاء على هذه الظاهرة. وفى السياق ذاته لفتت سوسن فايد، أستاذ علم نفس بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إلى أن حروب الجيل الرابع التى تندرج تحتها الحروب العقلية والنفسية تعد أحد الأسباب الرئيسية وراء انتشار الشائعات، مشيرة إلى أن هناك أجندات مخططًا لها مسبقًا من بعد الجهات لنشر شائعات من شأنها زعزة استقرار البلاد. وأوضحت فايد أن عدم استقرار البلاد وتشتتها يدفع المواطنين إلى ترويج الشائعات مؤكدة أن هناك الكثير من الدول التى تسعى إلى تدمير مصر وإسقاطها عن طريق احتلالها فكريًا. شددت فايد على ضرورة قيام الدولة بتأسيس هئية تقوم بنشر المعلومات الصحيحة وتكذيب الشائعات والرد عليها. كما أفادت سامية خضر، أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، بأن ارتفاع نسبة الأمية تعد أحد العوامل الرئيسية المشجعة على ترويج الشائعات، لافتة إلى عدم قيام الإعلام بدوره الحقيقى، إذ إن هناك بعض القنوات الفضائية التى تقوم بتأجيج المشكلات وتفتعلها فهى تقع فى خانة الخيانة العظمى. وأشارت خضر إلى أن مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى لم تنجح معها محاولات إسقاط الربيع العربى، فضلًا عن أنها الدولة العربية الوحيدة التى تمتلك جيشًا قويًا، لذا يسعى الجميع لهدمها من خلال ترويج الشائعات المسيئة لها. وأضافت أستاذ علم الاجتماع أن عدم وجود مثل أعلى يحتذى به هو ما أدى إلى انتشار العادات السيئة فى المجتمع المصرى التى يأتى على رأسها ترويج الشائعات، موضحًا أن البلطجة والعرى أصبح المثل الذى يحتذى به وليس الأطباء والعلماء كالسابق. وتابعت أستاذ علم الاجتماع أن الحل الأمثل للقضاء على هذه الظاهرة هو نشر الوعى والثقافة فى المجتمع، مشيرة إلى ضرورة تعيين وزير ثقافة ووزير إعلام ذوى مهارة وخبرة واسعة من أجل القضاء على الظواهر السلبية كافة فى المجتمع، خصوصًا الشائعات.