يحاول متظاهرون من الشيعة في البحرين إعادة إطلاق الاحتجاجات ضد أسرة آل خليفة السنية الحاكمة، وذلك بعد أشهر من قيام قوات الأمن بإخماد حركتهم. ولم تتوقف التظاهرات داخل القرى الشيعية لكن بعض الشبان الذين لا شيء لديهم يخسرونه يحاولون على ما يبدو العودة الى وسط العاصمة المنامة. ولا يأخذ هؤلاء في الاعتبار التعهد الذي قطعته السلطات لتطبيق توصيات لجنة التحقيق المستقلة وخصوصا إفساح المجال بشكل أفضل أمام الشيعة الذين يشكلون الغالبية، ووضع حد للانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان. ويركز المتظاهرون نشاطهم على طريق البديع الذي يربط القرى الشيعية غرب البحرين وساحة اللؤلؤة في وسط العاصمة حيث أقام المعتصمون مخيما خلال شهري فبراير ومارس الماضيين. ويعتقد المتظاهرون أن ساحة اللؤلؤة مشابهة لميدان التحرير في القاهرة حيث أسقط الشبان نظام الرئيس السابق حسني مبارك بعد سقوط نظيره التونسي زين العابدين بن علي. وأزالت السلطات النصب من ساحة اللؤلؤة بعد قمع حركة الاحتجاجات منتصف مارس الماضي فتحول المكان الى تقاطع طرق باسم الفاروق تيمنا بثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب. ويقول الناشط يوسف المحافظة: إن "احتلال شارع البديع يمهد للتوجه الى دوار اللؤلؤة، حيث اعتصمنا مدة شهر وأصبح رمزا للديموقراطية والمنطقة التي سفكت فيها الدماء". ويضيف قبل أن تفرق الشرطة مجموعته بواسطة قنابل الغاز المسيل للدموع "لم يتوقف الناس عن التظاهر منذ هدم الدوار، ما يحصل هو إعادة إحياء الانتفاضة التي لم تتوقف يوما في القرى" الشيعية. وقد فقد العديد من الشيعة الذين شاركوا في تظاهرات الربيع الماضي وظائفهم في حين تعرض آخرون للتوقيف. من جهتها، تقول الناشطة فاطمة ابراهيم مرتدية عباءة سوداء اللون: "لا أحد هنا يخشى الموت فنحن لا نعيش كما يجب لأن الحياة مفقودة في البحرين". ويطالب المتظاهرون بإقامة ملكية دستورية مع رئيس وزراء منتخب بدلا من الشيخ سلمان آل خليفة عم الملك حمد بن عيسى، والذي تسلم منصبه قبل 42 عاما. وتحقيق هذه المطالب سيكون نهاية سيطرة آل خليفة وهم سلالة من العرب السنة الذين يحكمون البحرين منذ حوالى 250 عاما. وقد شكلت حركة الوفاق، كبرى الاحزاب الشيعية المعارضة، أبرز قوة سياسية في البرلمان (18 مقعدا من أصل 40) قبل أن يقدم نوابها استقالاتهم. ويقول النائب السابق عن الحركة هادي الموسوي: ان "مطالبنا ما تزال على حالها، يجب إقالة الحكومة وتغيير الدوائر الانتخابية". بدوره، يقول مطر مطر النائب السابق عن الحركة أيضا "ليس من ضمن الخيارات أن يعود الناس إلى منازلهم دون أن يحصلوا على شيء، إنه خيار من الصعب أن يقنع أحدا". ويتابع "أصبحت منطقة الدوار رمزا والوصول اليها يعبر عن الاستمرار. فالناس تنتظر أي مساحة ترغب في استغلالها للتعبير عن المطالب السياسية". ووفقا للجنة التحقيق المستقلة، فقد قضى 35 شخصا إبان حركة الاحتجاحات بينهم خمسة من الشرطة كما أصيب مئات غيرهم بجروح. ولقي 11 شخصا مصرعهم منذ قمع التظاهرات. وتعرض أقل من ثلاثة آلاف للاعتقال ما زال حوالى 700 منهم قيد الاحتجاز. ويضيف مطر الذي أمضى فترة في السجن "هناك رغبة في الانتقام من الذين شاركوا في التظاهرات". لكن رجل الدين السني النافذ عبد اللطيف آل محمود الذي حشد أوساط السنة ضد المتظاهرين يعتبر التظاهرات الحالية "محاولات للتأزيم ودلالة على أنهم لا يريدون أن يشاركوا أهل الوطن الرأي بل يريدون فرض الرأي على الوطن كله". ويضيف آل محمود "نحن مع مشاركة جميع مكونات المجتمع للتوصل الى حل سياسي للخروج من الأزمة". في المقابل، يعتقد الموسوي أن ما "حدث هو قوة شعبية يجب أن تبقى وتستمر يجب ألا نتراجع فما قامت به السلطة نعتبره اقصى شيء يمكن ان تفعله ولم يعد مفيدا". لكنه أقر بأن المتظاهرين لا يرفعون شعارا "هناك من يقول بإسقاط النظام وإقامة جمهورية بعد استفتاء شعبي وهناك من يقول بملكية دستورية". ويختم قائلا: "لكنهم جميعا لا يعترضون على المبدأ الديموقراطي وعرض الأمر على استفتاء" حول هذه المسألة.