في مقعد صدق بمجلس الشعب كان مكاني، اشتقت إليه لأرفع راية الحق والعدل والقانون، آملاً أن يكون المجلس القادم حاملاً معه تلك القيم وفي اصلاح البلاد والعباد.. «علماً بأن مجلس الشعب هو عقل الأمة وقلبها الدفاق». هي ظاهرة تستحق الدراسة وتستحق الاشادة وتستحق التحليل والبيان، ممثلة في الإقدام من شتى الجبهات أحزاباً ومستقلين إقداماً منقطع النظير لدخول مجلس الشعب من أجل صالح الشعب ذلك المجلس المسمى باسمه.. وفي دراسة سابقة حاولنا من خلالها أن «نحلل تلك الظاهرة اللامسبوقة» نحو الترشح لمجلس الشعب.. وانتهينا في دراستنا الى أن هناك أملاً يناجي كل القلوب والعقول في تقديم مجلس يليق بالتطور الفكري والسياسي في مصرنا المعاصرة، ومن هنا سوف يفتح المجلس - لا ريب في ذلك - أبوابه الى من سيختاره الشعب والشعب - الآن - بفطرته وذكائه قادر على حسن الاختيار. إذن نطالب وعندنا الأمل والعزيمة في محاولة تشكيل مجلس شعب متجانس ومثالي ولا يدخله إلا أصحاب العقول الناضرة والقلوب العاشقة في حتمية إضافة الجديد في تحقيق رسالة مجلس الشعب، إذ إن هذه الرسالة لا تقف عند حدود «صناعة التشريع وصياغته بأسلوب جديد» ليصبح القانون هو صوت الحق والعدل، وإعطاء كل صاحب حق حقه دون الافتئات على حقوق الغير، ومن ثم تكون المساواة بين الناس جميعاً، وحين يعم الخير يكون لكل نصيبه متساوياً مع أخيه وصاحبته وبنيه، والنتيجة أنه «لا ظلم اليوم» ومن هنا يكون الحديث منطقياً عن «دور مجلس الشعب» في حياتنا: ليست السياسة فحسب وإنما كل الظواهر الطبيعية السياسية جنباً الى جنب مع التشريعية والاجتماعية والاقتصادية بل وكل شئون الحياة، ومن هنا لابد من «الاختيار الطيب المتأني، والدقة والتدقيق في اختيار المرشحين الذين سيكتب لهم النجاح» لأن القاعدة الدستورية تنص على أن «عضو المجلس لا يمثل دائرته الانتخابية فحسب، وانما يمثل الأمة جميعاً» ومن هنا كان لابد من التأني في الاختيار حتى يتحقق الأمل في مجلس يليق بتاريخ مصر الحضاري، وما وصلت إليه مصر في عالم التشريع منذ فجر التاريخ. نريد مجلساً مثالياً نباهي به بين الأمم، ولا يتأتى ذلك إلا من قبل - حسن الاختيار - الذي أشرنا اليه، والعضو المنتخب بجانب ما يتمتع به من «شعبية» أن يكون قادراً على حمل أمانة التمثيل النيابي خلقاً وعلماً ولا يضع أمامه إلا «صالح البلاد والعباد». والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف نصل الى هذا المرام الذي يتمناه الجميع مجلس شعب مثالي، قادر على «إيجاد حلول» لما أصاب البلاد أخيراً من دمار اجتماعي واقتصادي وأخلاقي، فقد كثرت مشاكلنا وتعقدت ولا ملجأ للأمة إلا «أبناؤها القادرون على قيادة سفينة النجاة»، ومن هنا كان لابد أن يكون الميزان عادلاً في «الاختيار» بعيداً عن «العواطف» واضعاً كل عضو أمامه قائمة العمل الجماعي من خلال لجان المجلس: لجنة التشريع والقانون الذي هو «فن الخير والعدل» اللجنة الاقتصادية وحل مشكلة البطالة، واللجنة العربية وكيف تعود الأمة العربية الى وحدتها المفقودة وتتناسى خلافاتها وتعود الى ليس نشيداً عربياً وإنما «وحدة من أجل صالح الأمة: أمجاد وأمجاد» وتحقيق فكرة «البرلمان العربي، والاقتصاد المشترك - تيمناً بالسوق الأوروبية المشتركة Le marche commun. إذن هي فرصة قائمة أن يقدم الشعب المصري بكل إرادته اختياراً موفقاً ليكون الأعضاء المنتخبون انتخاباً حراً نزيهاً عادلاً «في بوتقة نور تضئ ظلمات حياتنا التي نحياها وفي دروبها الظالمة المظلمة» اختيار بالعقل والضمير وليس اختياراً عشوائيا يأتي بمن لا يستحق أن يحمل رسالة الدفاع عن أمته دفاعاً مدعماً بالهمة والعمل للصالح العام وليست للمصالح الخاصة والأعمال الذاتية.. هي فرصة حالة أن نكتب تاريخنا التشريعي من جديد، ومعه تنتهي مقولة: «ترزية القوانين، وفتح باب القوانين سيئة السمعة على مصراعيها».. هي مناسبة حتمية أن نقدم ما نستطيع من قيم ليعلو شأن الأم الصابرة صبر السنين والقرون، مصر في حاجة الى المزيد من همة وحماس أبنائها ولتكن البداية السارة مع «مولد مجلس شعب حقيقي، ذلك المجلس الذي اشتقنا إليه وعنوانه: «الحرية - حقوق الانسان - العدالة - التشريع في ثوبه القشيب (فن العدل)» Jus est Ars Bonei et Aeyqui كما يقول بحق عظماء الفقه والقانون.