أكد السياسيون والمتخصصون في الشأن الدولي على أن الهدف من رفض الكونجرس الأمريكي لنقض الرئيس باراك أوباما، الذي تقدم به الجمعة الماضية ضد مشروع قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب «جاستا»، هو ابتزاز السعودية واستغلالها من الناحية الاقتصادية في ظل ثرائها بالنفط. ويسمح هذا القانون لأهالي ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية ومسؤوليها، رغم أنها لم يكن لها دور لها في هذه الهجمات، ولكن بسبب أن هناك 15 شخصا من منفذي أحداث 11 سبتمبر يحملون الجنسية السعودية. وصوت بالأمس مجلس الشيوخ برفض نقض «فيتو» أوباما بأغلبية 97 شخصا مقابل واحد فقط ضده، كما صوت مجلس النواب برفض الفيتو أيضاً بنسبة 338 نائباً مقابل موافقة 74. واعتبر باراك أوباما أن رفض الكونجرس لنقضه سابقة خطيرة ووصفه بالقرار الخاطيء، قائلًا في تصريحات له :«إذا ألغينا فكرة الحصانة السيادية هذه فإن رجالنا ونساءنا من العسكريين حول العالم قد يرون أنفسهم عرضة لخسائر متبادلة». وأعلن البيت الأبيض بالأمس أن تجاوز مجلس الشيوخ الأميركي لحق النقض «الفيتو» الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما ضد مشروع قانون «جاستا» يعتبر الأكثر إحراجا للولايات المتحدة منذ سنوات. وفي هذا الصدد، رأى خالد رفعت، رئيس مركز طيبة للدراسات السياسية، أن إقرار الكونجرس الأمريكي لقانون ال«جاستا» ورفض نقض أوباما، سيكون له تأثيراته وتبعاته على العلاقات السعودية الأمريكية. وأكد على أن الهدف من اقرار هذا القانون هو ابتزاز السعودية والضغط عليها، خاصة وأن السعودية لديها نحو 750 مليار دولار في الولاياتالمتحدة، ويسعى الأمريكيون لتدميرها للحصول على كل أموالها وتحقيق استفادة اقتصادية من ورائها. وأوضح رفعت أن الصراع بين الرياضوالولاياتالمتحدةالأمريكية سيكون على الصعيدين السياسي والقانوني، فمن المؤكد أن السعودية ستلجأ إلى المحاكم الدولية للاعتراض على هذا القانون. وأشار إلى أنه تم رفض نقض أوباما باكتساح بنسبة وصلت ل 98% من أعضاء الكونجرس، وهو ما يحدث لأول مرة في التصويتات الأمريكية، التي عادة ما تشهد كتلة تصويتة من الديمقراطيين في مواجهة الجمهوريين أو العكس. وقال رفعت إن هناك اصرار على ابتزاز السعودية بتوجيه تهم مزعومة إليها، لأنه ليس من المعقول أن تحاكم الدولة ككل لخطأ بعض مواطنيها ومن يحملون جنسيتها في أحداث 11 سبتمبر، متسائلًا هل يمكن أن تُحاكم أمريكا بسبب ما فعلته في العراق والبوسنة وسجن أبو غريب وغيرهم؟. واستبعد تحرك العرب على أرض الواقع للرد على أمريكا وقانونها «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، أو المطالبة بمحاكمتها وتعويضها على غزوها للعراق وتدميرها لها. قالت نهى بكر، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، إن اقرار الكونجرس الأمريكى لقانون ال«جاستا» هي سابقة الأولى من نوعها، لأنه يمنح الحق للمواطنين في مقاضاة دولة تحت مسمى أن ذلك يحقق العدالة ضد الإرهاب. وتابعت، إن اعتراض أوباما عليه منبثق من اعتباره قانون يمس سيادة الدول وأن احترام سيادة الدول شيء متبادل، ووفقًا لهذا القانون فمن حق الدول الأخرى أن تطالب الولاياتالمتحدة بتعويضها عن الأضرار التى سببتها لهم. ورأت بكر، أن هذا القانون استمرار لتدهور العلاقات بين السعودية وواشنطن، الذي اعتبرته بمثابة لبنة جديدة في تدهور العلاقات بين البلدين، وخاصة وأن السعودية غضبت من قبل بسبب الاتفاقية بين إيرانوالولاياتالمتحدة. وأشارت إلى أن هناك مخاوف من أن تقوم أمريكا بتجميد بعض الأموال السعودية حتى تضمن تعويضات مواطنيها من ضحايا 11 سبتمبر، كما أن هناك مخاوف أخرى من قيام السعودية بسحب أرصدتها واستثماراتها في الولاياتالمتحدة، وهو ما يؤثر بالسلب على الاقتصاد الأمريكى وبالتالى اقتصاد العالم كله. توقع أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هذا القانون سيتم تنفيذه خاصة بعد رفض مجلس النواب والشيوخ الأمريكي لنقض أوباما، معتبرًا أن تطبيقه سيكون له تأثيراته السلبية على العلاقات بين واشنطنوالرياض وكذلك على النظام السعودي نفسه. وقال إن هذا القانون الذي يسمح بمسائلة الرياض، جاء بعد أن أصبح هناك اتجاه داخل الولاياتالمتحدة بتغيير وجهتهم عن دول الخليج وتحديدًا السعودية، واستبدالها بمصالحها، مشيرًا إلى أنه ربما تكون إيران هى قبلتهم القادمة. وأكد دراج، على أن الدول المتضررة من أفعال أمريكا وعلى رأسها الدول العربية لا يمكن أن تنتهج الأسلوب ذاته ضد واشنطن، فلا يمكنها الطلب بمحاكمة الولاياتالمتحدة بسبب غزوها للعراق، لأن معظم البلدان العربية معتمدة على أمريكا وحلفاء لها .