جددت الدفعة الثانية من صفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين مقابل الجندى الإسرائيلى جلعاد شاليط ، والمقرر بموجبها إطلاق سراح 550 أسيرا بعد غد الأحد الأفراح والأحزان فى الشارع الفلسطينى ، ففى الوقت الذى يستعد فيه ذوو المفرج عنهم لاستقبالهم والاحتفاء بهم وتعويضهم عن أيام السجن والاعتقال الطويلة ، يتألم آخرون لعدم شمول أسماء أبنائهم وأقاربهم فيها. وعلى الرغم من أحزان أهالى الأسرى الذين لم تشملهم الصفقة ، إلا أنهم شاركوا فى هذه الفرحة معتبرين المفرج عنهم هم أيضا أبناؤهم ، مطالبين المقاومة الفلسطينية بأسر المزيد من الجنود الإسرائيليين لتحرير باقى الأسرى. وقد تباينت ردود الأفعال ما بين مرحب ومنتقد لهذه الدفعة ، فمن جانبها أكدت فصائل فلسطينية أنه على الرغم من اقتصار الدفعة الثانية على أسرى من فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية وخلوها من أسرى حماس والجهاد الإسلامى إلا أن الأسير المفرج عنه هو فى النهاية فلسطينى بغض النظر عن انتمائه السياسى. ووصفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الصفقة بأنها "إنجاز وطنى"، وقالت إن التقليل منها يتقاطع مع سياسة الاحتلال. وقال المتحدث باسم حماس فوزى برهوم "إن من يريد التقليل من صفقة تبادل الأسرى التى أبرمت بين حماس والاحتلال الإسرائيلى عليه أن يأتى بما هو أفضل منها". ومن جانبه ، قال القيادى فى حركة الجهاد الإسلامى الشيخ خضر حبيب - لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط فى غزة - إنه رغم أهمية الصفقة وتحرير هؤلاء الأبطال إلا أن التفرقة الهائلة ما بين الضفة والقطاع فى أعداد المفرج عنهم يسعى الاحتلال من خلالها إلى تكريس الانقسام. وأضاف حبيب "رغم أننا كنا نأمل أن تشمل الصفقة كل الفصائل كما حدث فى الدفعة الأولى إلا أننا نسعى فى الوقت الحالى إلى وحدة الشعب الفلسطينى خاصة وأن إسرائيل تسعى بكل الوسائل إلى إحداث الفرقة"..متوقعا أن تؤثر هذه الصفقة سلبا على بعض الأسر بقطاع غزة التى كانت تعيش آمالا بقرب الإفراج عن أسراهم من السجون وتترقب المرحلة الثانية. وحول عدد أسرى الجهاد ، أجاب حبيب قائلا "إنهم يقدرون بالمئات..وكنا نأمل فى الإفراج عن بعضهم خلال هذه المرحلة الثانية". وعلى صعيد ردود الأفعال ، قال الباحث المختص بشئون الأسرى عبدالناصر فروانة إن إسرائيل وكما كان متوقعا لم تلتزم بالمعايير التى أعلن عنها عقب إتمام صفقة شاليط فى أكتوبر الماضى. ورأى فروانة أنه كان يجب مشاركة الجانب الفلسطينى فى تحديد أسماء المفرج عنهم حتى لا تتفرد الحكومة الإسرائيلية بها الأمر كيفما تشاء ، موضحا أن 85% من إجمالى القائمة كان من المفترض أن يتحرروا فى موعد أقصاه نهاية العام 2014 كما يوجد 66% قد شارفت محكومياتهم على الانتهاء ولم يتبق لهم سوى أيام أو بضعة أشهر. وتشمل الدفعة الثانية 550 أسيرا من بينهم 55 طفلا أسيرا تقل أعمارهم عن 18 عاما ، و6 من الأسيرات من أصل 11 أسيرة ، بينما لم تشمل ثلاث أسيرات من داخل أراضى 48 وهن : خديخة أبوعياش ، ورود قاسم ، ولينا جربونى المحكومة بالسجن لمدة 17 عاما. ومن بين الأسرى الذين سيتحررون 40 أسيرا من غزة ، و506 من الضفة الغربية ، و2 من الأسرى الأردنيين هما (صالح عارف ووائل حورانى) ، و2 من أسرى القدس .. كما أن 113 منهم اعتقلوا خلال عام 2011 ، و109 العام الماضى..وأعلى حكم من بين المحررين لا يزيد على 18 عاما. ووفقا للأسماء المعلنة فإن 172 أسيرا اعتقلوا ما بين عامى 2008 و2009 .. و99 خلال (2006 و2007) .. و19 ما بين (2004 و2005) .. و26 خلال (2002، 2003)..واثنان فقط منذ عام 1999 .. و7 منذ عام 2001. وبعد إتمام الدفعة الثانية ، سيبقى فى سجون الاحتلال 4500 أسير فلسطينى بينهم (123) أسيرا من الأسرى القدامى وهم المعتقلون منذ ما قبل أوسلو بينهم (52) أسيرا من عمداء الأسرى وهم الذين أمضوا ما يزيد على 20 عاما فى السجون و(23) أسيرا مضى على اعتقالهم ربع قرن أقدمهم الأسير كريم يونس من قرية أراضى عام 48 وهو يعتبر عميد الأسرى. ولايزال فى سجون الاحتلال 24 نائبا ووزيران سابقان هما وصفى قبها وعيسى الجعبرى ، كما سيبقى 5 أسيرات فى السجون. وعلى الصعيد الرسمى الفلسطينى ، حمل وزير شئون الأسرى الفلسطينيين عيسى قراقع المسئولية التامة لمفاوض حركة حماس على آلية الاتفاق على الدفعة الثانية من صفقة التبادل حيث تركت للجانب الإسرائيلى اختيار أسماء المفرج عنهم. وأوضح قراقع - فى تصريح له - أن الصفقة حسب ما أعلن عن أسماء المفرج عنهم شكلية وصورية واستهتار فظيع بالمفاوض الفلسطينى ، حيث أن 70% من المفرج عنهم أحكامهم ما بين شهر إلى خمس سنوات. وأشار إلى أن 336 أسيرا من المفرج عنهم كان سيطلق سراحهم خلال هذا العام والعام القادم من بينهم 24 أسيرا كان من المقرر الإفراج عنهم هذا الشهر و72 أسيرا من المقرر الإفراج عنهم الشهر القادم. وكشف قراقع أن الأسرى وعائلاتهم أصيبوا بصدمة من هذه الإفراجات التى اعتبروها تكريسا للمفاهيم والشروط الإسرائيلية التى تتعامل مع الأسرى بشكل عنصرى وبتمييز وإجحاف. ومن جهته ، قال رئيس لجنة أهالى الأسرى والمحررين فى القدس أمجد أبوعصب إن نصيب المدينة من هذه الدفعة هما محرران فقط صلاح الحمورى ورانيا صبيح ، موضحا أن الحمورى قضى فترة محكومتيه كاملة وانتهت فى 28 نوفمبر الماضى فيما أمضت صبيح 9 شهور من أصل عام. وأضاف أبوعصب - فى تصريح لموفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى رام الله - أنه لا يجب التقليل من شأن هذه الصفقة فهى تستحق التقدير خاصة وأنها كسرت المعايير الإسرائيلية وشملت الإفراج عن أسرى مقدسيين. أما مدير مؤسسة (يوسف الصديق) لرعاية السجين فى الداخل الإسرائيلى المحتل فراس العمرى فقد وصف الدفعة الثانية من الصفقة بأنها "باهتة" خاصة وأنها لم تشمل أى أسير من عرب 48 علاوة على أن الأسيرات تم استثناؤهن. وقال العمرى وهو أسير محرر - لموفدة الوكالة - إن إسرائيل تعتبر عدم الإفراج عن الأسرى من عرب 48 بالشأن الداخلى ، معاتبا حماس بقوله "كنا نتوقع التزاما بالمعايير التى وضعتها الحركة لأنها تعلم جيدا أن اليهود ينكرون العهود". ومن جهتها ، قالت الناشطة فى قضايا الأسرى وفاء يوسف زوجة الأسير عاهد أبوغلمة "إننا مصابون بحالة من الاحباط والاكتئاب إزاء الدفعة الثانية من صفقة التبادل ..وكنا نأمل أن تشمل جميع الأسيرات بما فيهن أسيرات الداخل خاصة وأنه لا أمل بالإفراج عنهن إلا من خلال الصفقة". وطالبت أبوغلمة بضرورة تحسين الظروف المعيشية للأسرى الذين مازالوا يقبعون فى السجون الإسرائيلية والضغط من أجل إطلاق سراح عدد أكبر منهم. وشددت الناشطة فى قضايا الأسرى على ضرورة إخراج جميع المعتقلين المرضى والتعامل معهم كحالات إنسانية ، وطرح هذه القضية فى كافة المحافل الدولية حتى يحصل هؤلاء على حقوقهم والتعامل معهم كأسرى حرب. والأسير عاهد أبوغلمة محكوم بسبعة مؤبدات على خلفية اتهامه بقيادة خلية تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قامت باغتيال وزير السياحة الإسرائيلى المتطرف رحبعام زئيفى فى 17 أكتوبر 2001 ردا على اغتيال الأمين العام للجبهة أبوعلى مصطفى.