نقلوا عن د. محمد سليم العوا المفكر الثبت مطالبته في ندوة عقدتها كلية الحقوق بجامعة الاسكندرية تحت عنوان «مصر إلي أين» الدولة بإغلاق مصانع الخمور!، وليسمح لي د. العوا المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية أن أبدي بعض الملاحظات علي مطالبته هذه تحديدا، إذ كنت أتمني أن تكون مطالبته للدولة بإغلاق مصانعها الشهيرة للدخان والسجائر!، ففيما أراه قد أصبح معلوما للجميع مضار التدخين من السجائر إلي المعسل والشيشة- المنتج الرئيسي لمصانع الدولة- وقد أصبح انتشار التدخين بين الكبار والصغار علي السواء مثار قلق الناس بالفعل!، خاصة أن السجائر لم تعد «كيف» التدخين الوحيد، بل تجاوز الأمر إلي انتشاره إلي الشيشة والمعسل بكافة طرق إدمانه!، وأصبح «مزاج» بعض السيدات والشابات لا يعتدل إلا بتدخين الشيشة!، ولا تكف وسائل الإعلام عن التحذير من مخاطر التدخين في ألوانه وطرقه المختلفة، ولكن إعلام التحذير هذا لا يلقي أذنا صاغية عند الدولة فلا نراها تحد من التدخين أو تلمح مجرد تلميح إلي إغلاق مصانعها للدخان!، أما الشركة التي تملكها الدولة فتخرج في وسائل الإعلام بين الحين والحين مباهية بازدهارها وتوسعاتها المختلفة والمقبلة باستثمارات هائلة حتي تلاحق التوسع في النشاط التجاري والربحي الذي تلاقيه منتجاتها عند المدخن المصري الكريم بلا حدود!، فلا يخفي علي أي مصري عند مطالعة هذه الإعلانات إلا أن يثق في أن الدولة لا تستطيع إغلاق مصانع الدخان التي تملكها لأنها مصدر إيرادات لا يستهان بها تحصلها الدولة علي هيئة متنوعات من رسوم وضرائب الإنتاج، وضريبة «الدورباك» بالذات علي الأدخنة المستوردة التي تشير إعلانات السجائر إلي أنها «توليفات من أرقي الأدخنة العالمية»!، وقد تتعلل الدولة بأن صناعة الدخان تستوعب في مصانعها طاقة عاملة ضخمة بخبرات متراكمة مما يجعل من إغلاق المصانع وتسريح عمالتها مغامرة خطرة!. فإذا تركنا مصانع الدولة للدخان التي يتعذر إغلاقها حتي الآن، فإن مصر لا تعرف صناعة الخمور بالمعني الواسع لهذه الصناعة، إن هي إلا بعض المصانع الأهلية الصغيرة، وشركة البيرة التي آلت إلي الدولة بالتأميم، ثم تخلصت منها في إطار الخصخصة فباعتها برخص التراب ليبيعها من اشتراها بدوره بعد أن شبع المشتري الأول من أرباحها، أما الخمور العالمية فهي مستوردة لتفي باحتياجات الفنادق والصناعة عموما، والبيرة المصرية يجري تصدير أضخم كمياتها إلي خارج مصر في دول عرفتها من سنوات طويلة وتبقي الشركة المنتجة لبعض منتجات الكروم التي يجري تصديرها للخارج، إلا من بعض المنتجات التي تباع داخل البلاد بكميات محدودة. من هنا.. يبقي في تصوري أن ما نسميه بمصانع الدولة للخمور والتي طالب الدكتور العوا بإغلاقها توحي بأن لدينا الطلب الشعبي الواسع علي الخمور!، وأن لدينا مصانع ضخمة للخمور تستحق الإغلاق للحد من هذا الطلب الشعبي الواسع علي استهلاك الخمور للحد من إدمانها غير الموجود! بل أولي بنا أن نلتفت إلي انتشار مختلف أنواع المخدرات وارتفاع معدلات إدمانها خاصة بين شبابنا الذي يعرف حاليا أخطر أنواع المخدرات التي يصبح بعضها من الأنواع التقليدية لا يجد مستهلكين!، ومخدرات الشم والحقن محل تجارة واسعة بكل ما يمثله هذا من مخاطر حقيقية علي التنمية وطاقات العمل، وهذا هو الذي أراه أجدر بمطالبات الدكتور العوا وغيره من المفكرين لوقف هذا الخطر مهما كلفنا ذلك، أما تناول الخمور فليس من العادات التي تتملك القطاعات الواسعة من شعبنا!، والتي قد تتمايل من الهموم والأزمات، لكنها ليست بالتأكيد «نشوانة» من إدمان خمور محلية أو مستوردة!.