كان لمصر وسوريا الاهتمام الابرز لدى الصحف العربية الصادرة اليوم الاربعاء ، ونشرت تقارير ومقالات لكبار الكتاب تتحدث عن تضييق الخناق على النظام الحاكم في دمشق بالاضافة الى مخاوف حكم الإخوان لمصر والحديث عن وجود مخطط لتقسيمها مثل السودان. بديع هو الحاكم وتحت عنوان "الانتخابات من خلف حجاب" طالعتنا صحيفة "الشرق الاوسط" بمقال للكاتب طارق الحميد ويقول الكالتب "كثير الذي قيل، ويقال، عن الربيع العربي، وحضور الإخوان المسلمين القوي فيه، وعبر صناديق الاقتراع، إلا أن هناك أمرا مهما يتم إغفاله وهو أن فوز الإخوان بالانتخابات دائما ما يتم من خلف حجاب! فما لا يتنبه له البعض أن قوائم، ومرشحي، الإخوان تتقدم بانتخابات ما بعد"الربيع العربي"، لكن من يتم انتخابهم ليسوا هم من يحكمون فعليا، بل يدارون من الخفاء، ومن أناس لا يتحملون عواقب الفشل. قد يقول قائل: كيف؟ فلو تأملنا تعامل "الإخوان" مع الانتخابات عموما، فسنجد، مثلا، وقبل "الربيع العربي"، أن أهل غزة صوتوا لحماس، لكن من يحكم غزة فعليا هو خالد مشعل، وليس إسماعيل هنية! وهذا ما يحدث بمصر اليوم، فأيم كان الفائز بالانتخابات البرلمانية من "الإخوان"، وحتى من يفوز غدا من "الإخوان" بالرئاسة المصرية، فإنهم ليسوا الحكام الفعليين، أو من يملكون القول الفصل، بل إنه المرشد العام ل"الإخوان" المصريين، محمد بديع، الذي قال مؤخرا إن منصب المرشد أهم بكثير من منصب رئيس الجمهورية بمصر! والأمر نفسه يحدث بتونس اليوم، فأيا يكن من يمثل حركة النهضة "الإخوانية" بالدولة الجديدة، إلا أن الأمر كله بيد السيد راشد الغنوشي، الذي يقال إنه سيعين صهره وزيرا للخارجية، والسؤال هنا: وما الفرق إذن بين بن علي والغنوشي؟ أمر عجيب! والانتخاب من خلف حجاب بالنسبة ل"الإخوان" ليس بالدول المذكورة أعلاه وحسب، بل ويحدث بكل دولنا التي يوجد بها انتخابات، ول"الإخوان" حضور فيها، فمن يفوز بأصوات الناخبين لا يحكم فعليا، بل إن مرشده هو الذي يتولى الأمر، وهناك بيعة! وبالنسبة للدول العربية التي لا يوجد بها مرجع ل"الإخوان" فهناك شيخ من لا شيخ له، أو مرجع من لا مرجع له، وهو خميني السنة الدكتور يوسف القرضاوي، وها هو يزور ليبيا، برفقة الغنوشي! باكستان مستقبل مصر ويتساءل الكاتب مامون فندي في مقاله الذي نشرته "الشرق الاوسط" ايضا " هل باكستان هي مستقبل مصر؟ .. ويقول الكاتب" ثلاثة لاعبين أساسيين في تشكيل المشهد المصري الراهن، متمثلين في رأس الحكم والسفارة الأميركية والجماعات الدينية، مدعاة لأن نتأمل مصير مصر المستقبل؛ فمعظم المؤشرات في مصر لا تشير إلى تركيا كنموذج تتجه إليه مصر إنما إلى باكستان". باكستان هي مستقبل مصر لأن كل اللاعبين الأساسيين يعدون أنفسهم للتعامل مع الحالة الباكستانية في مصر لا الحالة التركية، على الأقل خلال السنوات العشر المقبلة. فكل اللاعبين الأساسيين في الداخل وربما في الخارج محكومون بالتجربة الباكستانية على الرغم من أن أمنيات بعضهم هي الوصول إلى النموذج التركي. باكستان أساسية مثلا في تجربة الرجل الأول في النظام المصري الآن، وهو المشير حسين طنطاوي، الذي عمل ملحقا عسكريا في باكستان ولم يخفِ إعجابه، حسب بعض المصادر، بالعلاقات المدنية العسكرية في سياقها الباكستاني؛ حيث يرى أن السياسة للسياسيين، لكن للعسكر كل الحق في تغيير المعادلة متى ما شاءوا، وذلك لأن الدول أهم بكثير من أن تُترك تماما للمدنيين. بالطبع كما يعلم الجميع حدث أكثر من انقلاب عسكري في باكستان، الأول قاده الجنرال ضياء الحق، ومن بعده انقلاب الجنرال مشرف. الجيش في المعادلة الباكستانية هو العامل المرشد للسياسة. هذه التجربة أساسية في تفكير الرجل الأول في حكم مصر. وفي نهاية المقال يقول الكاتب " باكستان هي المستقبل وليست تركيا، وحتى يظهر ما يشير إلى غير ذلك على كل من يفكرون في مصر بشكل جاد أن يتدارسوا النموذج الباكستاني وتنويعاته التي قد تحدث على الأرض بدلا من مضيعة الوقت في نموذج تركي هو ضرب من ضروب الخيال". مخطط للتقسيم من جهتها نشرت صحيفة "الرأي" الكويتية تصريحات مثيرة لمفتي سوريا يتحدث فيها عن مخطط لتقسيم مصر كالسودان ويقول المفتي العام للجمهورية العربية السورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون إن لديه معلومات عن مخطط لمصر مشابه للمخطط الإسرائيلي الذي نجح في تقسيم السودان إلى شمال وجنوب، وقال ان ضمن المعارضين السوريين حاليا من كان يطبل للرئيس بشار الاسد، "فلماذا لا يكونون معتدلين اليوم؟". وقال حسون في حديث ل"الراي" في دمشق أمس ان فصائل من المعارضة السورية عرضت عليه الاستقالة من منصبه مقابل المال، بينما رد هو عليهم بطلب إعطائه برنامجهم الإصلاحي كي يقدمه للرئيس بشار الأسد، "وإذا لم يطبقه فسأقول إن الرئيس لم يطبق البرنامج الإصلاحي، لكن أحدا لم يعطني شيئا". واعترف حسون بوجود أخطاء، لكن ضمن صفوف المعارضة الحالية كان هناك من كان "يطبل للرئيس بشار سابقا"، متسائلا: طلماذا اليوم لا يكونون معتدلين؟!". وعبر حسون عن مخاوفه لما قال إنه يدار لمصر في الخفاء، مشيرا إلى "معلومات لديه عن مخطط مشابه للمخطط الإسرائيلي الذي نجح في تقسيم السودان إلى شمال وجنوب". سوريا بلا أصدقاء ونشرت صحيفة "القدس العربي" مقال خاص بها اليوم تحت عنوان "التدويل يتسارع للازمة السورية" ، ويقول المقال "يضيق الخناق يوما بعد يوم على النظام الحاكم في دمشق، حيث يقف وحيدا دون اصدقاء فيالجامعة العربية باستثناء دولة لبنان، فحتى السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراقبدأ يتخلى عن دعمه له، ويطالبه بالوقوف الى جانب الشعوب". هناك من يقول بان موقفالسيد المالكي جاء كعربون يدفعه مقدما قبل زيارته الى واشنطن ولقاء الرئيس باراكاوباما، ولكن مع اكتمال انسحاب القوات الامريكية من العراق بنهاية هذا العام، فانهيتخوف وهو الذي يتربع على قمة نظام طائفي، من مواجهة حرب اهلية مماثلة، بطريقة اوبأخرى، لما يواجهه النظام السوري، ولهذا يريد السيد المالكي ان ينأى بنفسه عن سفينةجيرانه التي يرى الكثيرون في المنطقة بانها على وشك الغرق. وتابع المقال "التمهيد لتدويلالازمة السورية بدأ قبل اجتماع الجامعة العربية يوم السبت، عندما اعلنت مفوضة الاممالمتحدة لحقوق الانسان وصول عدد القتلى في سورية الى 5000، واتهام فرنسا لسوريةبالوقوف خلف عملية اطلاق النار على جنودها العاملين في اطار قوات الطوارئ في جنوبلبنان، ولذلك فان الايام المقبلة سيكون عنوانها الابرز هو التصعيد". الحكومةالاردنية نفت ان تكون قوات تابعة لحلف الناتو قد انتشرت على طول الحدود الاردنية السورية، واكدت انها تعارض اي تدخل خارجي، ونفي الحكومات مثلما تعودنا في تجاربسابقة ليس له اي ثقل حقيقي، فغالبا ما تثبت الايام ما هو معاكس له تماما. ففيالازمة الليبية ادعت الدول المتورطة عسكريا فيها انه ليس هناك اي قوات عسكرية تابعةلها على الارض، لنكتشف ان وحدات عسكرية اردنية وقطرية وبريطانية وفرنسية شاركت فياقتحام طرابلس وقاعدة العزيزية مقر قيادة العقيد معمر القذافي. نظام الرئيسالعراقي صدام حسين واجه مخططا مماثلا، ولكنه كان يحارب امريكا بصورة مباشرة، اماالنظام السوري فيحارب شعبه او قطاعا عريضا منه وبعض المنشقين عن جيشه ودون اصدقاءعلى المستوى الرسمي تقريبا والقليل منهم على المستوى الشعبي، وهنا تكمن مأساتهالحقيقية التي لا يريد ان يعي تفاصيلها وخطورتها.