لاتزال الصحف العربية الصادرة اليوم الجمعة تشغل حيزا كبيرا من اهتمامها حول توابع الانتخابات في مصر، ونشرت على صدارة صفحاتها الاولى تقارير ومقالات تتحدث عن بوادر صدام بين المجلس العسكري والاخوان المسلمين ، هذا فضلا عن اهتمامها بالازمة السورية التي تتصاعد يوما بعد يوم. نشرت صحيفة "الحياة" اللندنية تقريرا على صفحتها الاولى تحت عنوان "المجلس الاستشاري يفجر صدام بين الاخوان والعسكر في خضم الانتخابات، ويقول التقرير" لاحت بوادر صدام بين المجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر وجماعة الإخوان المسلمين التي تصدرت نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي تبدأ مرحلتها الثانية الأربعاء المقبل، إذ أعلنت الجماعة مقاطعتها مجلساً استشارياً شكله العسكر أمس، احتجاجاً على تصريحات مسئولين في المجلس العسكري لوسائل إعلام غربية قالوا فيها إن البرلمان لا يمثل الشعب المصري، وإن تشكيل اللجنة التأسيسية لصوغ الدستور رهن موافقة الحكومة الموقتة والمجلس الاستشاري اللذين شكلهما الجيش". ورفضت الجماعة تلك التصريحات وأعلنت سحب ممثليها من المجلس الاستشاري بعد مشاركتهم في اجتماعات خلال الأسبوعين الماضيين، معتبرة أن هذا المجلس يسحب من صلاحيات البرلمان المقبل. وكان عضو المجلس العسكري اللواء مختار الملا قد أكد لصحافيين غربيين أن المجلس الاستشاري سينسق مع القوى السياسية لوضع ضوابط تحكم تشكيل اللجنة التأسيسية، ما أعاد أجواء أزمة المبادئ فوق الدستورية مجدداً إلى الواجهة. وأصدر المجلس العسكري أمس قراراً بتشكيل "مجلس استشاري مدني" يتألف من 29 شخصية أفيد بأنه سيعقد او اجتماعاته الاحد المقبل وخصص له مقر في معهد اعداد القادة العسكري في حي العجوزة القاهري. ومن أبرز الشخصيات التي ضمَّها المجلس المرشحان المحتملان لرئاسة الجمهورية عمرو موسى وسليم العوا، ورؤساء أحزاب"الوسط" أبو العلا ماضي و"الوفد" السيد البدوي و"النور" السلفي عماد عبدالغفور، إضافة إلى الدكتور أحمد كمال أبو المجد، ونقيب المحامين سامح عاشور، ورئيس الوزراء السابق الدكتور عبدالعزيز حجازي، وعضو المكتب السياسي لحزب "المصريين الأحرار" أحمد خيري، ونقيب الممثلين أشرف عبدالغفور، وعصام النظامي، وعبد الله المغازي، وزياد محمد وفيق، وحنا جريس، وشريف زهران. ورأى الدكتور سعد الكتاتني الأمين العام لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان انه لم تكن هناك ضرورة أساساً لتشكيل مجلس ووضع قانون وصلاحيات له، خصوصاً أنه حدد شخصيات بعينها وكأنها تمثل كل القوى السياسية. وأوضح أنه "كان الأولى بالعسكر الاجتماع بكل أطياف المجتمع للتشاور في أمور البلاد من دون تشكيل مجلس أو غيره". التفاؤل الحذر وتحت عنوان "التفاؤل الحذر من الانتخابات العربية" طالعتنا صحيفة "الشرق الاوسط" بمقال للكاتب امير طاهري يدعو خلاله لعدم التشاؤم مبكرا من الانتخابات التي جرت في الدول التي نجحت في الاطاحة بحكامها. ويقول الكاتب"إذا حكمنا بما تقوله وسائل الإعلام الغربية، فسنجد أن آمال العرب في إمكانية التحرك نحو الديمقراطية قد تحطمت، نتيجة فوز "الإسلاميين" في الانتخابات التي جرت بامتداد البلاد العربية من المغرب إلى مصر، حيث تتكهن افتتاحيات الصحافة الغربية بقدوم نوع من "شتاء الإسلاميين" يعقب "الربيع العربي". ويتساءل المفكرون الغربيون قائلين: "ماذا نحن فاعلون؟". وإذا كان من المفترض أنه يتوجب علينا، كمحللين خارجيين، أن نفعل شيئا، فإن أول شيء ينبغي علينا فعله، هو معرفة ما حدث بالضبط. والشيء الأول الذي حدث هو تفكيك النموذج العربي للأنظمة الأمنية العسكرية، التي كانت وليدة الانقلابات العسكرية التي وقعت خلال الأربعينات والستينات، وإن كان هذا النموذج لا يزال يقاوم باستماتة في السودان وسوريا. ولكن تاريخ صلاحية هذه الأنظمة قد انتهى حتى في تلك البلاد. والشيء الثاني الذي حدث هو أن الشعوب العربية من المغرب إلى اليمن، مرورا بتونس ومصر والعراق، قد اتفقت فيما بينها، بشكل ضمني على الأقل، على أن الشرعية يمكن أن تستند إلى إرادة المواطنين، المعبر عنها من خلال الانتخابات. ويواصل الكاتب مقاله الى ان يصل الى الجواب على سؤال ماذا نحن فاعلون؟ الذي يطرحه الغربيون ويقول " هو أن يقوموا ببساطة بأخذ نفس عميق! حيث لا ينبغي اعتبار العرب مجرد أشياء تستخدم في صنع التاريخ، فقد أظهرت الانتفاضات العربية أن العرب يرغبون في أن يكونوا هم من يصنع التاريخ، وقد أصبحت الفرصة متاحة أمام الكثير من العرب الآن للسيطرة على مقدراتهم للمرة الأولى". وعلى الرغم من أنهم حتما سيخطئون وسيدفعون ثمن هذا الخطأ، فإن التشاؤم في هذه المرحلة المبكرة جدا من بداية هذه الملحمة سيكون بمثابة قتل اللاعبين حتى قبل أن يبدأوا اللعب. ونظرا لأن التاريخ لا يكتب مقدما، فإن المرء لا يمكنه أن يكون متأكدا مما سيحدث خلال الشهور المقبلة، ناهيك عن العقود المقبلة، ولكنني أنا شخصيا في الوقت الحاضر، لا أملك سوى أن أظل متفائلا بحذر. مصر البداية ام النهاية وفي مقال نشرته أيضا "الشرق الاوسط" للكاتب " توماس فريدمان" تحت عنوان "مصر البداية ام النهاية" يتساءل خلاله عن تبعيات فوز التيار الاسلامي في مصر في الانتخابات البرلمانية . ويقول الكاتب" فوز الإخوان المسلمين؛ بل وحزب النور السلفي الأكثر تطرفا، بنسبة 65 % من الأصوات في الجولة الأولى من أول انتخابات برلمانية حرة تجرى في مصر منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك، لم يكن مفاجأة غير متوقعة؛ فبالنظر إلى مدى هيمنة الأنظمة العسكرية في العالم العربي على كل الأحزاب السياسية المدنية المستقلة على مدار الخمسين عاما الماضية، نجد أنه كانت الفرصة ضئيلة بالنسبة لأية دولة عربية في الانتقال من عصر مبارك إلى عصر جيفرسون دون أن تمر بعصر الخميني". لكن إذا كانت تلك هي نهاية ثورة الديمقراطية المصرية، فلم يتضح بعد ما إذا كانت مرحلة منها، وهي مرحلة السياسة الدينية، سيتعين عليها التعايش مع الأجندات الإصلاحية العسكرية والعلمانية. إن قوانين الجذب، السياسية والاقتصادية، يجب أن تضع في اعتبارها من سيقود مصر، ولهذا فإنني الآن متخذ وضع الاستماع والمشاهدة، بطرحي تساؤلات أكثر مما أتلقى من إجابات. السؤال الأول: هل تعلمت الأحزاب الإصلاحية الأكثر علمانية، التي قادت ثورات ميدان التحرير في بداية هذا العام وفي الشهر الماضي من أخطائها؟ بحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة «تشارني» للأبحاث واستطلاعات الرأي لصالح معهد السلام الدولي، عندما سئل المصريون الشهر الماضي عما إذا كانت مظاهرات التحرير ضرورية لتحقيق أهداف الثورة أم اضطرابات لا داعي لها «في وقت تحتاج فيه مصر للاستقرار والانتعاش الاقتصادي»، فضلت نسبة تتراوح بين 35 و53 % التركيز على تحقيق الانتعاش الاقتصادي. السؤال الثاني: هل الأحزاب الإسلامية المصرية، التي يمكن أن تهيمن على مجلس الوزراء في المستقبل، لديها أدنى فكرة عن كيفية تحقيق نمو اقتصادي في وقت يغرق فيه الاقتصاد المصري؟ . غير أن محور تركيز السلفيين الأساسي ليس هو تعزيز الاقتصاد؛ إنما هو الفصل بين الجنسين وحظر المشروبات الكحولية وإلزام النساء بارتداء الحجاب. تعتبر جماعة الإخوان المسلمين أقل تشددا، ولكنها ما زالت بعيدة كل البعد عن الليبرالية. كيف ستكون الجماعة قادرة على توصيل قيم الأصولية الدينية والأعراف الاجتماعية، فيما يمكن أن يحرم ذلك مصر من أكبر مصدر للدخل، ناهيك عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمساعدات الخارجية المقدمة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. السؤال الثالث: هل ستتبع مصر نمط العراق؟ فقد اكتسحت الأحزاب الدينية والطائفية في العراق الانتخابات لأول مرة، وبعد أدائها السيئ، تحول الجمهور العراقي بعيدا عنها مفضلا الأحزاب العلمانية الأكثر تعددية. إن الناخبين العرب يرغبون في حكومة نظيفة تخلق فرص عمل وتحقق الاستقرار. ويثبت العراق أيضا أنه بمجرد توقف القتال وبدء السياسة، تبدأ كل أنواع السجال بين الأحزاب العلمانية والدينية. وفي مصر، يعتبر الإخوان المسلمون والسلفيون ألد الأعداء - ليس ثمة أي شيء مماثل للدخول في معركة حول الإيمان - لذلك لا أحد يعلم أي تحالفات أو ائتلافات يمكن أن تنبثق. وخلاصة القول أن الإخوان المسلمين والسلفيين كانوا يعيشون في قهر، ويركزون في الأساس على ما يقفون ضده معا، متحدين القمع الذي يمارس على آيديولوجيتهم المتمثلة في شعار «الإسلام هو الحل». أما الآن، فمع خروجهم من القبو العربي إلى الشارع العربي، لا يتعين عليهم تحديد وجهتهم فحسب، وإنما أيضا القيام بذلك في سياق اقتصاد عالمي عالي التنافسية سيترك 85 مليون مصري، ثلثهم أميون، في حالة أسوأ، ما لم يبدأوا في اتخاذ خطوات فعالة مؤثرة. سيتطلب ذلك حتما بعض التغييرات الآيديولوجية القوية من قبل الإخوان المسلمين والسلفيين لتحويل الأفكار إلى واقع ملموس. إنهم ما زالوا في بداية الطريق. الأسد والسهل الممتنع وتحت عنوان "السهل الممتنع" سخرت صحيفة "القبس" الكويتية من تصريحات الرئيس السوري بشار الاسد الاخيرة للتليفزيون الامريكي وقالت " الرئيس بشار هو في الوقت نفسه القائد العام للقوات المسلحة السورية". وأضافت: لذا عندما يقول إن من يقتل السوريين "ليست قواتي"، فالتفسير المعقول واحد من ثلاثة: 1- أنه لا يسيطر على قواته ويأمرها غيره، او أن قواته منشقة فيما بينها، والاحتمال الثالث أنه يستعين ب"قوات القوى الحليفة" في "جبهة الممانعة المشتركة"، إيران وحزب الله. اضراب مفتوح وأشارت الصحيفة الى الاحداث الميدانية في سوريا وقالت "دعت لجان التنسيق المحلية، التي تمثل حركة الاحتجاج السورية ضد نظام الرئيس بشار الأسد في الداخل، الى اضراب عام ومفتوح اعتبارا من بعد غد (الأحد)، وتصعيد ثوري يصل إلى العصيان المدني، وسط التحضير لتظاهرات اليوم (الجمعة)، أطلق عليها المحتجون تسمية جمعة إضراب الكرامة". وأضافت "في الأثناء، استمرت أعمال القتل والعنف والعمليات العسكرية التي تشنها قوات الأمن والجيش السوري وميليشيا الشبيحة في مناطق سورية عدة، لا سيما حمص التي أعلن ناشطون فيها أن 13 مدنياً على الأقل، بينهم امرأة، قتلوا أمس، فيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن انفجارا وقع في خط أنابيب ينقل النفط من شرق سوريا إلى مصفاة في حمص". غارات غزة وعن الوضع في غزة نشرت صحيفة "القدس العربي" مقالا خاصا بها تحت عنوان "غارات على غزة اين الجامعة العربية". ويقول المقال "اقدام طائرة اسرائيلية على اغتيال الشهيدين عصام وصبحي البطش بصاروخ استهدف سيارةكانا يستقلانها وسط مدينة غزة هو محاولة استفزازية متعمدة لتفجير الاوضاع فيالقطاع، ودفع حركات المقاومة للاقدام على ردود انتقامية تنهي الهدنة الهشة التي جرىالتوصل اليها بوساطة من قبل السلطات المصرية في اعقاب انجاز صفقة تبادل الاسرى قبلشهرين". اسرائيل تتهم عصام البطش احد القادة الميدانيين لكتائب عز الدين القسامالجناح العسكري لحركة 'حماس' بانه يقف خلف العديد من العمليات التي جرى تنفيذهاضدها، ولكن هذا الاتهام اذا صح لا يبرر اغتياله بهذه الطريقة الدموية، وفي هذهالحالة تصبح عمليات اغتيال الجنرالات والجنود الاسرائيليين، والسياسيين الذينيصدرون لهم الاوامر بشن عدوان على الفلسطينيين في القطاع او الضفة اهدافا مشروعة،وليست عملا رهابيا مثلما يقول الاسرائيليون ويردد خلفهم العالم الغربي اقوالهم هذه. عندما تكون هناك هدنة، وبضمانة الحكومة المصرية، فان الالتزام بهذه الهدنةهو موقف اخلاقي قبل ان يكون موقفا قانونيا، ولكن حكومة بنيامين نتنياهو لا تعرفالاخلاق، ولا تحترم القانون، وضعيا كان او الهيا. الفلسطينيون الذين لا يشكلوندولة، ولا يعترف بسلطتهم أحد، ونحن نتحدث هنا عن حكومة حماس في القطاع، التزموابهذه الهدنة، وحرصوا على وقف اطلاق الصواريخ بالطرق والوسائل كلها، لتجنب اغضابالوسيط المصري اولا، ولعدم السقوط في المصيدة الاستفزازية الاسرائيلية، وهذا ضبطللنفس يحسب لهم في ظل ظروف الحصار الصعبة التي يكتوون بنارها. لا نعرف لماذااستأنف نتنياهو واجهزته الامنية والعسكرية الاغتيالات بهذه الطريقة الدموية البشعة،واختراق الهدنة المتفق عليها، وفي مثل هذا التوقيت، فهل يريد توتير الاوضاع لتبريراجتياح جديد لقطاع غزة في اطار مخطط اسرائيلي لضرب ايران وحزب الله وربماسورية؟ من الصعب الاجابة عن هذا السؤال، ولكن لا نعتقد ان مثل هذه الجريمة تأتيعفوية، وانما في اطار تصعيد محسوب، لان نتنياهو يدرك جيدا ان المجلس العسكري المصريالحاكم لا يمكن ان يقبل بمثل هذا الاحراج من قبل الاسرائيليين، لان علاقته مع حماسقوية اولا، ولانه يعتبر قطاع غزة جزءا لا يتجزأ من امن مصر القومي ثانيا، ولانالاسلاميين حلفاء حماس فازوا باكثر من ستين في المئة من الاصوات في الجولةالانتخابية البرلمانية المصرية ثالثا. لا نعتقد ان وزراء الخارجية العرب سيعقدوناجتماعا عاجلا لمواجهة هذا العدوان استجابة لنداءات حكومة 'حماس'، او ان يبادر منيقيم منهم علاقات مع اسرائيل على قطعها واغلاق سفاراته في تل ابيب على غرار مافعلوا في سورية، ولذلك على ابناء قطاع غزة ان يضعوا هذا في حسبانهم قبل ان يوجهوامثل هذه النداءات في المرة المقبلة، فارواح الفلسطينيين والعرب الذين لا ترضى عنهمامريكا باتت في ذيل اهتمامات جامعة الدول العربية ووزراء خارجيتها، هذا اذا كانتموجودة اساسا على هذه القائم.