ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن الأديب العالمى نجيب محفوظ الذى احتفل المصريون والعالم بمئويته أمس كان ثوريا فى رواياته وهو ما عشقه المصريون فى أعماله. وأضافت الصحيفة أنه "في الثلاثية، التي تؤرخ لحياة أسرة مصرية خلال 3 عقود بدأتها بثورة 1919 ضد الاحتلال البريطاني، كانت الثورة نقطة محورية وفارقة، حيث قدمت الرواية رؤية واقعية للقاهرة، تستحق المقارنة بأدباء أوروبيين كبار مثل بلزاك وتولستوي وديكنز". وأشارت الصحيفة إلى قول محفوظ "إنه قرأ كثيرا من الروايات الأوروبية وأنه استمر في قراءتها كجزء من تكوين الكاتب والأديب"، لافتة إلي أمسياته حول الأديب الإنجليزي تشارلز ديكنز . وقالت الصحيفة إن محفوظ كانت لديه طاقة جبارة بالرغم من الهجوم الذي تعرض له في عام 1994 من أصولي والذي أسفر عن قطع أعصاب يده اليسري الإ أنه واصل كتابة الروايات. وأوضحت أن محفوظ استقال من عمله كموظف حكومي عام 1972 ، مؤكدا أن قمة سعادته كانت عند الجلوس للكتابه خلال الصباح حتي بعد الظهر ثم قضاء المساء مع أصحابه في المقهي. وقالت الصحيفة إن محفوظ -الذي فاز بجائزة نوبل في الأدب عام 1988 - كان أكثر من روائي وكاتب حيث تنوعت أعماله من الواقعية الاجتماعية إلي السرد الروائي المبدع وخاصة في "أولاد حارتنا " في عام 1959 التي كتبها علي خلفية الصراع الاسلامي المسيحي. وكانت الجامعة الأمريكية بالقاهرة قد قررت- في احتفالية الجامعة بمئوية الأديب العالمي - تخصيص 100 ألف دولار لترجمة الأدب العربي إلي اللغة الإنجليزية ومد جسور الروايات والأعمال العربية مع العالم ووضعه علي الخريطة العالمية وفتح جميع الشواطئ أمام الأدب العربي وإتاحته للقارئ الغربي وفي كل بقاع الأرض. وأعلن مارك لينز مدير قسم النشر بالجامعة أنه سيتم التوسع في مشروع ترجمة الأدب العربي والذي دخل مراحل كبيرة، حيث تم ترجمة معظم أعمال الروائيين العرب وفتحت هذه الترجمة المجال وشكلت دفعة لاقتحام الغرب والفوز بجوائز عالمية. كما قررت لجنة تحكيم الأدب الروائي لعام 2011 منح جائزة نجيب محفوظ لإبداع الشعب المصري في ثورة 25 يناير. وخلال الاحتفالية؛ أكد الأديب ابراهيم عبد المجيد- من أوائل الذين فازوا بجائزة نجيب محفوظ - أن أدب الثورة لم يظهر بعد وأن الشعر الذي تداوله وتناوله الثوار هو شعر الموقف واللحظة وليس شعر الثورة، موضحا أن أدب الثورة سيتأخر مشيرا إلي عودة الروح للأديب الكبير توفيق الحكيم التي كتبها في الثلاثينات من القرن الماضي عن ثورة 1919 أي بعد أكثر من 10 سنوات من الثورة. وأوضح أن الشكل الأدبي هو الذي يميز الثورات، وأن الأعمال الأدبية الكبري ظهرت بعد الثورات الكبري في العالم وأن الأعمال الأدبية تحولت لتقرير الواقع بسبب الطاقة النقدية الضعيفة الناجمة عن برامج التوك شو التي تفسح المجال لشعراء يهجون الرئيس والنظام. وأكد أن كل ما كتب عن الثورة مجرد يوميات ومقالات وليس أدبا من شعر ورواية، كما أن الجداريات وفنون الشوارع هى الأسرع في التعبير عن الثورة ثم بعد ذلك تأتي الأعمال الجماعية من سينما ومسرح التي تعتمد علي عوامل كثيرة منها التمويل . واعتبرت الأديبة والروائية هالة البدري أن إبداع الثورة أكبر من خيالها وهذا يفسر سر توقف نجيب محفوظ عن الكتابة بعد ثورة 1952، مؤكدة أن خيالها عاجز عن رصد ماشاهدته في ميدان التحرير مؤكدة أن الفنون التلقائية السريعة كانت واضحة جدا. وأوضحت أن رواية أولاد حارتنا كانت دعوة للثورة وكشفت مدى شجاعة محفوظ في إظهار الواقع المر للشعب وفي فتح آفاق الحرية وطرح الأسئلة المطلقة وعن سر الوجود والعلاقة بين الدين والسياسة والتمرد علي كل شيء ثابت . وأكد د.عماد أبو غازي وزير الثقافة السابق أن هناك من الأدباء الذين عبروا عن الثورات لكن أدب الثورة لم يظهر بعد وأن سيد درويش عبر عن الثورة ولكنه لم يكن فنان الثورة، كما أن المعارض الفنية التشكيلية وجرافيتي الشوارع هي التي عبرت عن ثورة 25 يناير ولم يظهر بعد عمل أدبي عبر عنها وعكس أحداثها، مؤكدا أن نجيب محفوظ في أعماله ورواياته كان مؤرخا لثورات الشعب وموثقا لأحداث ثورة 1919 ، وعكست رواية "كفاح طيبة " حركة المقاومة المصرية في مصر القديمة كما كانت "بين القصرين" الجزء الأول من الثلاثية الأكثر توثيقا لثورة 1919 بدقة شديدة، كما كشف تحويلها لفيلم سينمائي عن إبداع وعالم محفوظ وكانت نصوصها نفس نصوص ثورة 19. وأكد أن روايات الأديب العالمي كانت عاملا فاعلا ثوريا في المجتمع المصري عبر دعوته للدفاع عن الديموقراطية وحقوق الانسان وكرامة الانسان المصري وبناء دولة مدنية وهو ما نسعي إليه في الوقت الحالي. وقال الأديب حمدي الجزار إن نجيب محفوظ مازال حيا ولو عاش لحظات ثورة 25 يناير لانتابته مشاعر الابتهاج في نجاح الشعب في الإطاحة بالاستعمار الداخلي، كما أنه أول من رفع شعارات العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة. وأضاف أن محفوظ لو كان حيا كان سيسخر من تمسك العسكر بالسلطة وكان سيفرح بكمال عبد الجواد وأمثاله ال12 ألفا المعتقلين في السجون الحربية .