«حكمت المحكمة بإجماع الآراء وموافقة فضيلة المفتى بالإعدام شنقًا على المتهمة صبر الجمال أحمد محمد أبودراع وشهرتها صابرين.. رفعت الجلسة»، هكذا قرأ المستشار عبدالعزير فاروق، رئيس محكمة جنايات سوهاج بصوت ثابت عالٍ على مسامع الحاضرين من المحامين والصحفيين وضباط الشرطة وبعض الأهالى الحكم الذى استقرت عليه محكمة الجنايات بعد جلسات عدة استمرت قرابة ستة شهور، فاتجهت الأنظار إلى تلك السيدة الموجودة فى قفص المحكمة، فبدت دميمة الجسم متوسطة الجمال، عيناها تنظر إلى الأرض فى وجوم، لم تبد قلقاً أو اهتماماً بهذا الحكم، فمن تلك السيدة؟ وما قصتها؟ وما أسباب الحكم عليها بالإعدام شنقًا؟ هى زوجة عامل بسيط، يسكن فى قرية السلامونى التابعة لمركز أخميم بسوهاج، يدعى طلعت رمضان، 38 سنة، ويقيم مع شقيقه عبدالنبى، 26 سنة الذى يعمل نقاشاً، ووالديهما، فى منزل متواضع متاخم للمنطقة الجبلية، ولقد رزقت «صابرين» 26 سنة بثلاثة أطفال على التوالى هم: بدر ومحمود وإيمان، خلال ستة أعوام، وكان زوجها أصابه المرض فى الشهور الأخيرة، فبدأ يعمل يوماً ويستريح يوماً آخر، فقد أنهكه المرض، ولم يكن يدور فى خلده أن علاقة عاطفة بدأت تأخذ طريقها إلى قلب زوجته تجاه شقيقه الأعزب سرعان ما استمرت وتحولت إلى علاقة آثمة بينهما، مستغلين غياب الزوج عن المنزل وأيضاً خروج والد الزوج كل يوم صباحاً والعودة فى المساء، كما أن والدته سيدة عجوز تقضى حاجاتها الضرورية يومياً بشق الأنفس، متنقلة بين المستشفيات تبحث عن دواء لعلاج أمراض السكر والضغط والشيخوخة. ولأن دوام الحال من المحال، فقد همس أحد أطفاله الصغار فى أذن الزوج بأن عمه يعود دائماً إلى المنزل بعد ذهابه للعمل بفترة قصيرة بدون سبب، فبدأ يضع زوجته وشقيقه تحت المجهر لعدة أسابيع، وقد لاحظت الزوجة هذا الأمر، فطلبت منه توصيلها لمنزل أهلها فى مركز أبوتشت التابع لمحافظة قنا لقضاء بضعة أيام هى وطفلتها الصغيرة إيمان، وكانت أضمرت فى نفسها التخلص منه، لتستريح من مرضه، ولتفوز بالزواج من أخيه. حملا طفلتهما وخرجا من المنزل ليلاً، تاركين الولدين مع الجد والجدة، وفى الطريق طلبت منه الجلوس بجوار شاطئ الترعة المحازية للقرية ليتناقشا فى الموضوع، ثم أخرجت حبل غسيل كانت قد أخذته معها، ولفته حول رقبته وقامت بخنقه وإلقائه فى الترعة، وتوجهت إلى منزل أهلها، وعندما لم يعد الزوج فى ليلته، سارع والده بالاتصال بزوجة ابنه وسألها عنه فأخبرته بأنه قام بتوصيلها إلى أهلها وتركها عائداً إلى منزله، فقام الأب بتحرير محضر غياب فى مركز شرطة أخميم. بعد ثلاثة أيام عادت صابرين إلى منزل الزوجية، وسألت عن زوجها فأخبروها أنه لم يعد إلى المنزل منذ أن قام بتوصيلها إلى منزل أبيها، ولم يكن عبدالنبى شقيق زوجها ببعيد عن المنزل، فأخبرته بما حدث وأنها سوف تتهمه بالاشتراك معها فى الجريمة لو أخبر أحداً، وأقنعته بأنها فعلت ذلك من أجله، ليتزوجا بعد أن يتم إغلاق هذا الموضوع، لدرجة أن أهالى مركز ساقلتة المتاخم لمركز أخميم عثروا على جثة شاب فى العقد الرابع من عمره فأبلغوا اللواء مصطفى مقبل مدير أمن سوهاج، وقامت الشرطة بتصويرها على مراكز وأقسام الشرطة لإبلاغ الأهالى الذين حرروا محاضر غياب لذويهم، لكن عبدالنبى رفض التعرف على شقيقه القتيل حتى لا يتعرض لملاحقات رجال المباحث، مما جعل النيابة العامة تأمر بدفنه فى مقابر الصدقة. بعد عام من غياب الزوج بدأت الزوجة تتجه إلى المحكمة لاستصدار الوثيقة التى بموجبها تستطيع الزواج من عبدالنبى، ولكن حماتها رفضت رفضاً باتاً، وأخبرتها بأنها كانت تشك فى علاقة آثمة بينها وبين شقيق زوجها، وبما أنهما ينويان الزواج فقد تحققت من شكوكها ولن تسمح بذلك أبداً ولو كان الثمن روحها التى فى جسدها النحيل، وبعد مشادة بينهما، وجدت صابرين آلة حادة ملقاة على الأرض فأمسكتها، وضربت بها حماتها عدة ضربات قاتلة، وتركتها غارقة فى دمائها ولاذت بالفرار. مباحث سوهاج بإشراف العميد خالد الشاذلى مدير المباحث وقيادة المقدم أحمد شوقى زيدان، مفتش المباحث كشفت خيوط تلك الجريمة البشعة، وتم القبض على الزوجة القاتلة واعترفت بقتل زوجها وحماتها، وقامت بتمثيل الجريمتين أمام النيابة العامة، فأمرت بحبسها على ذمة التحقيق، وأحالها المستشار محمد رمضان المحامى العام لنيابات جنوبسوهاج إلى محكمة جنايات سوهاج فقررت إعدامها شنقاً.