ليست فضيلة أتحدث عنها، علم الله تعالى، ولكنه أراه الواجب على كل صاحب قلم صادق يحترم دينه وربه تعالى، فما بين الحين والآخر غير البعيد أحرص على مراجعة مقالاتي في المواقع التي تشرفني بنشرها رغبة في قراءة تعليقات القراء ثم دراستها بتأني ما بيني وما بين نفسي أو فلأقل إضافة لما بيني وما بينها من مراجعات دائمة تعطيني كلمات القراء مؤشراً على ما يحبون من موضوعات، وجانب الرؤية الذي يعتقد كل منهم إنه مناسب، اما عن سبب هذه الكلمات قبل حديثي عن خطبة الجمعة الماضية التي خطبها فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، حفظه الله تعالى، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو ما يستدعي للذهن خطبته في الجمعة التالية على تنحي الرئيس الملازم للفراش مبارك، اللهم لا شماتة وإن كنت أتمنى إن كان قد ترك لنا فسحة لدعوة طيبة له للشفاء، منه لله تعالى لما فعله في نفسه من ظلم شديد فاحش لها قبل ملايين المصريين لا الأحياء اليوم فقط بل من ماتوا ضحايا الإهمال الذي ساد بلدنا في عهده من جراء تفشي للسرطان وسوء للمعاملة في الأقسام ونقط ومراكز الشرطة فضلاًً عن المستشفيات والوحدات الصحية، هذا غير من استسلموا لمستقبل لم يكونوا يتوقعونه أو يريدونه في تعليم أو غربة أو سفر نجوا من مغبة الرحلة نفسها فكم من زهرة شباب مصريين ماتوا أثناء تحقيقات ظالمة في مركز شرطة أو أمن دولة؟ وكم مات من زهرة شبابها في البحر الأبيض المتوسط رغبة في ترك بلدهم والفرار بأنفسهم منه؟، شفى الله كل مريض، على كل حال وعافى كل مبتل، وعوض كل من فقد نفسه أو بعض منها إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة، وأعان كل مخلص على إعادة بناء بلدنا هي وكل بلد في سبيله لأخذ خطواته على طريق النهوض من جديد، وهي مسيرة جد طويلة على من خلصت نواياهم للعمل الجاد فما بالنا بمن يقدمون قدماً ويؤخرون أخرى، ولهذا المجال حديث آخر، بإذن الله تعالى إن كان في العمر بقية. في الجمعة التالية للانتصار المبدئي للاسف للثورة المصرية جاء الشيخ القرضاوي لمصر خصيصاً ليخطب الجمعة في ميدان التحرير فهاج السادة بعض (الكتاب) وماجوا وقالوا وعادوا وزادوا من أن عودة الشيخ الفاضل ذكرتهم بعودة الخوميني لإيران عقب ترك الشاة لها، رحمهما الله تعالى على كل حال، وإن الشيخ القرضاوي عاد ليحكم مصر، ومنهم وفيهم من يصدق عليهم لفظ فلول بل أكثر، واحدهم رئيس تحرير جريدة متخصصة في الأدب سابق الآن، وقد كان من المقربين الذين لقوا مبارك منذ شهور قليلة قبل الثورة، واستلزم الأمر رد الكثيرين حتى تدخل الشيخ القرضاوي بنفسه ليقول إنه جاء بدعوة من الدكتور صفوت حجازي، حفظه الله تعالى، لا من الإخوان ولا من غيرهم، وإنه كعالم دين مسلم يرى جميع بلدان المسلمين وطنه فيفرح لفرحهم كما تألم لألمهم، ولم تغن كلمات الرجل عنه من مسلسل حقدهم شيئاًً حتى بعدما قال إنها أيام وسيغادر مصر من جديد إلى قطر التي تتشرف بإحتوائه ما بين جنباتها بعدما ضاقت به مصر في ظل نظام مبارك، بل قال عنه اللواء الراحل زكي بدر، رحمه الله تعالى على كل حال، وزير الداخلية الاسبق: (إنني مستعد لأن أعطيه سيارة بميكرفون ليخرج للبحر الاحمر فيقول له ما يريد ثم يعود بدلاً من .....)، وهكذا كان قدر علمائنا في مصر في أول عقد من حكم مبارك، فما بالنا بما تلاه من عقدين مريرين علينا جميعاً، اللهم إلا باعة الضمير من كل صنف ولون ومنهم الكتاب للأسف الشديد. واليوم يذهب الرجل نفسه لإخواننا في ليبيا مهنئاً بنصر ثورتهم المباركة التي طالما دعى لهم بالثبات قبل تحققه، بل أقسم ببصيرة ثاقبة إن ثورة مصر منتصرة، ومن بعدها ثورة ليبيا، مثلما يقسم اليوم إن نهاية الاسد قد اقتربت، وإن تمام ثورة اليمن قادم، فيما يكاد العقل يذهب من افعال حاكم سوريا لليوم وعدد شهداء كل يوم الذي يقدر بالعشرات، فيما هو يهزل في محل الجد، وفيما يشكك بكلماته الفارغة المعنى العالم في قدرته على فهم أو إدراك ما يدور من حوله، ولدينا صالح اليمن الذي لا يزال القتل في بلده حتى بعد قبوله بترك السلطة ولدينا القوات الموالية له تقتل للأمس القريب، وهو تعبير على سبيل الرغبة في حفظ دماء إخوتنا المبتلين هناك، فلماذا يصمت السادة ممن طبلوا وزمروا لعودة الشيخ لمصر حتى بعد ذهابه عنها من جديد قائلين إنه كان مؤشراًً لما هو قادم. لماذا لا يكتب احدهم كلمة مفسراً بها ذهابه لليبيا وخطبته في طرابلس حاثاً على وقف نزيف الدماء والمصالحة ما بين جميع ابناء ليبيا حتى من كانوا مع القذافي حتى كاد صوته يبح أهو الخوميني من جديد في ليبيا؟ احترمت الشيخ القرضاوي أكثر لما جاء لمصر، بالفعل، ليخطب في الجامع الأزهر يوم الجمعة 18 من نوفمبر الماضي فصمم على الاستئذان من شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب بنفسه، ولما قال الأخير له على الرحب والسعة، ولكن مشاركتك في الوقفة التي دعت لها جماعة الإخوان المسلمين فيما هناك مظاهرة لحفظ الثورة في ميدان التحرير وأخرى مع المجلس العسكري بميدان العباسية يجعلك خاصاًً بفئة من المصريين دون الآخرين وقد اعتدناك لكل المصريين كما في جمعة النصر.. واحترمت فضيلة الشيخ الدكتور القرضاوي لما اعتذر عن خطبة الجمعة بعد أن جاء لمصر مقتنعاًً بكلمات شيخ الأزهر، فالرجل لا يبحث عن دور وهمي، كما يظن من لا دور من الاصل لهم في الحياة، واحترمته أكثر وأكثر وأكثر لمواقفه من الثورات العربية حتى لكأنه عرابها لا الخوميني بزعم التافهين. أما شعوري تجاه (بعض) وكم تنجي كلمة بعض هذه من المهالك؟ أما شعوري تجاه كثير ممن يمسكون بالقلم ليكتبوا على المقاس فما يعجبهم ويخدم أفكارهم(شاطوه) وصدعوا رأس القارئ به، وأوهموا الشباب والفتيان والراهقين والمراهقات بصحة وجهة نظرهم، وبقية الصورة دائماًً ما يبلعوا ألسنتهم فيما يخصها، ولهذا الامر مقالي القادم مباشرة، إن أذن الكريم وأمدني بالعمر.