انتشرت صناعة القبقاب في البلاد العربية والإسلامية، وتعتبر دمشق من أشهر المدن التي عُرفت بصناعة القبقاب، وكان لها سوق مخصوصة تعرف بسوق "القباقبية" ومن هذه السوق العريقة كانت تُحمل مصنوعاته الخشبية المختلفة، وخاصةٌ القباقيب إلى مصر وبيروت وإسطنبول، رغم وجود الحرفيين المهرة بتلك الدول ولكنهم ليسوا بحرفية ومهارة الدمشقيين. وعادةً ما يستعمل في صناعة هذا المداس الخشبي خشب الجوز والمشمش والتوت والصفصاف والزان؛ يقطعونه شرائح على أشكال أسافين ويرسمونه على قدر قدم الإنسان حسب المقاس، وبعدها تأتي عملية التفكيك، وفيها إزالة الزوائد الخارجية من الجانبين، ثم النشر بعملية اللف وهي إزالة الزوائد الأمامية والخلفية، ثم تأتي عملية التقدير، وهي تشكيل كعب القبقاب، فيأتي دور التنعيم أي حفُّ القبقاب تمهيداً لِطَلْيهِ، وأخيراً يركب عليه السيّر، وهو قطعة من الجلد تثبت على مقدمة القبقاب بمسامير خاصة تسمى "مسامير قباقبية" ويكون السير بألوان مختلفة وأحياناً يُطعم بالصدف والعظم، وتُمَدُّ فيه أسلاك من القصدير، أو الرصاص. ومن الطرائف عن القباقيب؛ قصة "شجرة الدر" التاريخية المعروفة بِضَربها بالقباقيب حتى موتها كما أن القبقاب كان يستخدم كعقوبة معنوية؛ فيعلق في عنق المشهر به ويطوف به الحمار وسط الناس. و في شوارع مصر العتيقة وخاصةً منطقة "الغورية" التقت كاميرا "الوفد" الحاج عبد العظيم محمد صانع القباقيب الذي روى أنه بدأ هذا العمل منذ 25 عام عندما تعلم صناعة القبقاب من محترفي هذه الصناعة في مصر قديمًا، ثم قام بالاستقلال بها في محل خاص به ليصنع فيه القبقاب بجانب تصليح بقية الأحذية. ولفت "عبد العظيم" إلى أنه يصنع القبقاب من خشب التوت أو المانجو، وأن الجلد الذي يصنع منه الحزام مصنوع من كاوتش السيارات. وأضاف صانع القباقيب أن الرواج يزيد على شراء القباب في ثلاثة أشهر هي رجب و رمضان وشعبان؛ حيث يتوافد المشترون على شراء القباقيب والتبرع به كصدقة جارية في الجوامع، وفي بقية الأشهر يتوافد الأفراد أيضًا لكن بنسب ضئيلة إذا ما أرادوا استخدامه كبديل للحذاء البلاستيك بالمنازل. فيما أشار أيضًا إلى أن تصليح الأحذية هو عمله الأساسي أما القباقيب فهي صنعة أوقات الفراغ، ولكن مع غلاء الأسعار والخامات المصنعة له أصبحت تكلفته مرتفعة ولا تحقق مكاسبها. ويري "عبد العظيم" أن تلك الصناعة لن تعود كسابقها وأنه من الصعب أن يقوم الأشخاص بالتطوير من القبقاب في أشكال وألوانه وذلك لعدم الإقبال عليه وخوفًا من أن يرفضه المشتري إذا ارتفع ثمنه.