حتى شعار ثورة 1919 لم يسلم من فتاوى السلفيين التكفيرية، بالطبع تذكرون جميعا الشعار الذي رفع فى ثورة 1919، الهلال والصليب، وتذكرون أيضا أن تلاميذ المدارس والكليات والفتيات والسيدات والعمال والفلاحين والموظفين، فى المدن والقرى ، كانوا يرفعون هذا الشعار فى وجه الاحتلال الانجليزي للتأكيد على وحدة الشعب بمسلميه ومسيحييه، خاصة بعد أن حاول قادة الاحتلال زرع الفتنة بين المسيحيين والمسلمين، لكن الشعب العبقري انتبه للفخ والتف حول قيادات الوفد. هذا الشعار الذي عاش فى قلوب المصريين منذ ثورة 1919 حتى اليوم، ما يقرب المائة عام (92 سنة)، الشيخ ياسر برهامى قائد الجماعة السلفية وأحد رموز حزب النور أفتى بحرمانيته، وحذر الشباب السلفي من حمله أو حتى وضعه على صفحاتهم بالفيس بوك، الشيخ يحاول أن يمحو تاريخ الوفد، يحاول بفتاواه المجانية أن يسقط تاريخ مصر الحديث من ذاكرة المصريين، الشيخ استند فى فتواه إلى الصليب، فهو فى رأيه شعار ديانة كافرة، ولا يجوز للمسلمين أن يعظموا أو يحملوا أو يتبعوا أو يسيروا خلف من يحملون شعار الكفار. الفتوى بدأت بسؤال طرحته إحدى فتيات الجماعة السلفية قالت فيه:” بعد أحداث تفجيرات الكنيسة الأخيرة رفع كثير من المسلمين على الإنترنت شعار الهلال مع الصليب تضامنًا مع النصارى، ومحاربة للإرهاب، وانتشر الأمر بصورة كبيرة، بل قام البعض بما يشبه الحملات للدعوة إلى رفع هذا الشعار. فما حكم رفع هذا الشعار في هذه الظروف؟ وما حكم رافعه؟ رد عليها الشيخ قائلا:” قال الله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ النساء157)، وفي الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: “أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلا نَقَضَهُ” (رواه البخاري)، وفي حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه صليب من ذهب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني)؛ فكيف لمسلم أن يرفع شعارًا فيه تكذيب القرآن العظيم، وثبت في الحديث تسميته: بال”وثن”؟!، ونحن رغم إدانتنا للحادث لا يمكن أن نقبل ما يخالف نصوص الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة، واعتقاد مساواة الملل تكذيب للقرآن؛ قال الله تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ آل عمران:85)، ولا يوجد شيء اسمه: “صلاة مشتركة” أو “لنصل معًا”، ونحن نريد أن يعيش المسلمون وغيرهم في ظل الإسلام وشريعته، في أمن وسلام في بلادنا، وسائر بلاد المسلم”. هذا نص الفتوى التي أفتى بها الشيخ ياسر برهامى أحد قيادات الجماعة السلفية وأحد رموز حزب النور السلفي، والشيخ رضي الله عنه بفتواه هذه أراد أن يسقط راية ثورة 1919، وأن يضرب تاريخ مصر الحديث في مقتل، وذلك بتحريم شعار هذه المرحلة، كما أنه بفتواه هذه يضرب وحدة هذا الشعب، ويشجع الشباب السلفي على الانقسام ورفض التعامل مع أبناء الوطن من المسيحيين لأنهم من الكفار. لا أظن أن الشيخ برهامى كان يجهل كل هذا عندما تلقى السؤال، ولا أظن انه غاب عنه أن هذا الشعار التاريخي هو شعار حزب الوفد، وهو كذلك الشعار الذي يرفعه كل المصريون خلال أزماتهم، وفى وجه كل من يحاول زرع الفتنة والبغضاء بينهم، لكنني أظن أن الشيخ لا يعلم أن هذا الشعار قد صنعته خيرة سيدات مصر السيدة صفية زغلول حرم الزعيم سعد زغلول، وزوجتا سينوت حنا ومرقص حنا، وقد شاهد الكاتب مصطفى أمين هذا الشعار خلال تصميمه، فقد كان الزعيم سعد باشا زغلول خال والدته، وكان ساعتها في منزله، وذكر أن السيدة صفية هي صاحبة فكرة تصميم هذا الشعار، وقد صنعت العلم بيدها في بيتها، وكان مصنوعا من الحرير، وقد اشتركت فى صنعه عدد من السيدات بينهن زوجتا سينوت حنا ومرقص حنا”. لا أظن أن الشيخ يهمه أن يعرف هذا، وأظن كذلك أنه لن يتوقف أمام هذه الترهات، لأن الشيخ يحاول أن يشوه تاريخ مصر ويسقطه.