بلغ الحد بعقوق الوالدين مداه بسبب التفكك الأسرى، وابتعاد الأبناء عن الدين والتقرب إلى الله عز وجل. فقد ازداد العقوق فى هذه الأيام بشكل مرعب ومخيف، فهناك من يتطاول على والديه سواء باليد أو بالتلفظ، والبعض الآخر من يذهب عنهم ويتركهم. وتسجل دولة الكويت آخر ما لا يتخيله عقل من عقوق. عندما توفيت سيدة مسنة بقيت جثتها على سريرها نحو 8 شهور، دون علم ابنتيها اللتين يقيمان معها فى شقة واحدة حتى باتت جثة والدتهن متحللة بالكامل ولا يكسو هيكلها العظمى سوى ثوبها فقط. اكتشفت المأساة إحدى ابنتى المتوفاة التى كانت ترقد عدة شهور فى مستشفى الطب النفسى، عندما طلبت رؤية والدتها، فكان لها ما أرادت حتى ذهبت إلى مسكن والدتها ودخلت غرفتها ورفعت عنها الغطاء فأصابها الذهول لما رأته، فلم تكن والدتها إلا هيكلاً عظمياً يكسوه ثوب فقط. أسرعت الفتاة بإبلاغ الداخلية، وتوجه رجال الأمن والمباحث إلى المكان ليصاب الجميع بحالة من الذهول لما شاهدوه. وبالتحقيق مع ابنتى السيدة المتوفاة، أكدتا أنهما اعتادتا الذهاب يومياً منذ الصباح للبحث عما يسد رمقهما، وأنهما أهملتا رعاية والدتهما المريضة أصلاً، فلم تكونا تدخلان غرفتها منذ شهور مضت ولا تعرفان أحوالها الصحية إذ كانتا تظنان أنها تنهض بعد خروجهما وتعود بعد ذلك إلى سريرها لتنام كعادتها يومياً قبل عودتهما. لم يصدق أحد ما قالته الفتاتان فى التحقيقات، حتى برأهما تقرير الطب الشرعى الذى حدد فترة الوفاة للجثة التى عثر عليها داخل شقة بمنطقة الفروانية، والتى تقدر بنحو 8 شهور تقريبًا، كما جاءت تحريات رجال المباحث التى استبعدت الشبهة الجنائية تماما فى هذه القضية لتبرئهما أيضًا. وبعد التأكد من تحريات المباحث استبعدت الشبهة الجنائية وكذلك تقرير الطب الشرعى الذى أكد أن وفاة والدتهما طبيعية أخلى سبيل ابنتيها. وإذا كان تقرير الطب الشرعى قد برأ الفتاتين، فإن الأديان السماوية والأخلاق يرفضان تصرف الفتاتين اللتين أهملتا أمهما، وفى هذا الصدد نجد أن أحاديث كثيرة تؤكد ضرورة البر بالأم والأب، ونذكر على سبيل المثال منها مَا رَوَاهُ الْبُخَارِى وَغَيْرُهُ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضى الله عنه عَنْ النَّبِى (صلى الله عليه وسلم) قَالَ {إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأمهات وَوَأْدَ الْبَنَاتِ، وَمَنْعًا وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ: وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ}. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِى وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِى بَكْرٍ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) {إلا أنبِّئُكُمْ بِأكبر الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا؟ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ}. وَالْبُخَارِى عَنْ عبداللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضى الله عنهما عَنْ النَّبِى (صلى الله عليه وسلم) قَالَ {الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ}.