استكملت قوات الاحتلال الإسرائيلي، خطة التهويد التي اتبعتها في الأراضي الفلسطينية، منذ احتلالها عام 1948 وحتى الآن، في كل قطاعات الضفة الغربية، وتحديدًا قطاع التعليم، حيث تعمدت قوات الاحتلال طوال هذه السنوات إصدار القرار تلو الآخر من أجل إحكام قبضتها على المنظومة التعليمية الفلسطينية ونشر الاستيطان الإسرائيلي بها. ولعل المشهد يتضح أكثر، في ضوء آخر قرار اتخذته سلطات الاحتلال، وبمعنى أدق شرط المُقايضة الذي وضعته من أجل ترميم المدارس الفلسطينية، حيث قايضت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، بتدريس مناهج إسرائيل للطلاب، مقابل ترميم مدارسهم، وإمدادها بالمساعدات المادية، وقررت أنها لن تقدم أي مساعدة في ترميم مدارس ومعاهد فلسطينية بمدينة القدس، طالما لم تعتمد هذه المؤسسات على المنهج التعليمي الإسرائيلي. وأعلنت وزراة التربية والتعليم الفلسطينية بالضفة الغربية، رفضها محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بترميم المدارس العربية وتأهيلها في القدس، باستخدام المناهج الإسرائيلية، داعية إلى إحباط محاولات التهويد والمقايضة الإسرائيلية بدعم المدارس المقدسية. «تاريخ التهويد الإسرائيلي للتعليم» تاريخيًا.. بدأت القرارات الإسرائيلية الهادفة إلى التهويد تغزو قطاع التعليم الفلسطيني، منذ عام 1967، حيث اتخذت حكومة الكيان قرارات عدة بشأن قطاع التعليم في مدينة القدس، ففي البداية سعت السلطات لفرض البرنامج التعليمي الإسرائيلي على التعليم مع تضييق الخناق على المدارس الخاصة التي تعرف باسم الأهلية. وجاء ذلك عبر إصدارها قانون الإشراف على المدارس رقم 5729 لعام 1969، والذي ألزم وجود إشراف إسرائيلي كامل على جميع المدارس بما فيها الخاصة بالطوائف الدينية والأهلية. ولكي تستمر هذه المدارس في مُمارسة نشاطها، فرضت عليها السلطات ضرورة الحصول على تراخيص إسرائيلية تجيز لها ذلك، وكذلك الإشراف على برامج التعليم ومصادر تمويل هذه المدارس. وعلى صعيد المناهج، فقد قررت السلطات الإسرائيلية في القدس قبل ذلك، حذف كل ما يتعلق بالهوية والحقوق الفلسطينية من المناهج، واستبدالها بما يتواءم والرؤية الإسرائيلية التي تفرض نفسها كدولة بالأمر الواقع في المدينة. ولم تكتف قوات الاحتلال بذلك بل عملت جاهدة على وضع العراقيل أمام الطلاب وزيادة معاناتهم لحرمانهم من التعليم، ببناء الجدار العازل، الذي منع نحو 20% من الطلاب الوصول إلى مدارسهم بسهولة نتيجة لبناء هذا الجدار، كما أن 30% من الطلبة يقطعون الحواجز الثابتة والمتنقلة يوميًا للذهاب إليها. ووفقًا لآخر الإحصائيات التي نشرها المركز المقدسي للتوعية والأرشاد، فإن قرابة ال 60٪ من المعلمين في مدارس القدس الخاصة والحكومية إسرائيليين وجنسيات أخرى غير الفلسطينية، حيث أصبح التحاقهم بصفوفهم مخالفة قانونية تعرضهم للملاحقة والاعتقال. ومثالًا على ذلك، فقد وصل عدد طلاب المدرسة الرشيدية، التي تعد من أعرق المدارس في فلسطين ومن أقدمها، خلال عام 1970 نحو 210 طالبًا، بفارق يبلغ نحو 500 طالبًا، عن تعدادهم قبل حرب 67، وواصل انخفاضه خلال عام 1971 إلى 70 طالبًا فقط. «قطاع التعليم يحتضر» وفي تقرير شامل لجمعية «حقوق المواطن وعير عاييم» عام 2014، رصدت خلاله وضع جهاز التعليم في القدسالشرقية، تحت يد الاحتلال، مؤكدًا أنه يعاني من مشاكل وإهمال إسرائيلي متعمد في الأبنية والغرف الصفية، وذلك لصعوبة الحصول على رخص لبناء مدارس من البلدية. وأشار إلى أنه بسبب عدم توافر أراض لبناء المدارس، تلجأ الوزارة إلى شراء أو استئجار مباني سكنية لاستعمالها كمدارس، وتكون غير ملائمة من الناحية التعليمية، وتؤدي إلى اكتظاظ الطلبة في الصفوف. ولفت التقرير إلى أن غالبية هذه المدارس تفتقر إلى الترميم والصيانة الدورية، خاصة المدارس الموجودة في البلدة القديمة، وتفتقر إلى الملاعب وساحات اصطفاف للطلبة، والمظلات الواقية والمختبرات العلمية والعلوم المنزلية.