عن دار روافد صدرت المجموعة القصصية "الرجل الذي يصعد إلي الطابق العاشر" للكاتبة عزة سلطان، تقع المجموعة فى نحو ثمانين صفحة من القطع المتوسط وتضم سبعة عشر قصة قصيرة وقصيرة جدًا، منها عن الاربعاء الذي يأتى متأخرًا، وفنجان قديم لا يجف، وليلة تُشبهني ومقابلة شخصية. في هذه القصص أجواء مختلفة قليلًا عن أجواء سلطان الابداعية، فهي تعني بالمرأة وبأطر المواجهة مع المجتمع، الموجعة أحيانًا والصادمة أحيانًا أخري، لكنها في هذه القصص تذهب نحو النساء المهمشات اللواتي يستكنا لأوضاعهن الحياتية، مزيدًا من الملل والصمت، حالات الوحدة وقسوة الاعتياد. ربات المنزل والموظفات تلك النسوة التي تعيش حيواتها في اعتيادية المسئوليات الاجتماعية والوظيفية، يتكتمن أحلامهن، ويقضون أوقاتهن الخاصة فى تفحص أشغال المنزل، حتي مساحات الرغبة لديهن مطفأة بفعل الروتين والانعزال. تسعي المؤلفة فى عملها لتقصي حيواتهن، هذا التداخل بين الحلم والواقع، حالات الحب المكبوتة، والتي لا ينبغي التصريح بها، حيث شرعت هؤلاء النسوة لاطلاق الرقيب الداخلي حتي على ذواتهن وأعماقهن. ويقول الناقد سيد الوكيل عن المجموعة " تنتظم قصص المجموعة كلها، وتكسبها ما يشبه الوحدة الموضوعية والشعورية. فعادة، بطلات القصص من النساء، إنهن محاطات بالوحدة والصمت،... ولأنها وحيدة تحكى لنفسها وعن نفسها وعن غياب شهريارعبر لغة مونولوجية أشبه بغناء حزين، الأمر الذي يكسب اللغة مسحة شعرية ناعمة... إن هذا الواقع الداكن الراكد يظلل المجموعة كلها، ويضع كل شخصياتها وكأنهم يتحركون ببطء في فيلم صامت( ليل/داخلي). إن هذا التعبير مناسب لمقاطع المشهدية البصرية التي ترصع بها الكاتبة المجموعة .. إن الحضور الرمزي في القصة متقن ودال بذاته، ولا يحتاج إلى تفسير" أما عزة سلطان فتقول عن عملها الجديد " لفترات طويلة أدعم تمرد المرأة، محاولات اكتشافها لذاتها، ودخول الوعي شريكًا فى السلوك، عنيت بقضايا الجسد فى الأعمال السابقة، لكن فكرة التمرد، والانحياز للوعي تتطلب أن نتعرف على فئة أخري من النساء، فئة نتحدث عنهن بسخرية، نستبعدهن من النقاشات، ونتعالي على مشاعرهن، حتي أننا نجمعهن فى سلة واحدة رغم التباينات المدهشة والمتعددة. تنحاز القصص للمستضعفين، المأخوذين فى دوائر الشقاء والاعتياد، الروتين الذي تتآكل بفعله الروح، ويفتر الطموح، وتتوجه التخطيطات نحو الأطفال ومستقبلهم كل حسب مستوي وعيه. المرأة التي توحدت مع الروتين والملل والوحدة، كيف تواجه الحياة، كيف تتعرف على روحها ومشاعرها، وكيف تري العالم، حتي الرجال الذين ظهروا كأبطال –رغم قلة القصص التي بطلها رجل- جاوءا من نفس فئة المستضعفين، والمنضمين لدوائر القطيع. هل الحياة تحولنا لكتلة من الملل والوحدة، اما ان ثمة جاذبية تجذبنا نحو تلك الدائرة فنتشكل كتل تعيش حياتها بالقصور الذاتي." ويبدو أن الكاتبة تنحاز لضعفاء المواجهة فى هذا العمل، حيث القصص التي جاء بطلها رجل جاء منسحبًا، يعيش نفس الحالة من السأم يمارس الحياة بالقصور الذاتي، فالرجل الذي يصعد الطابق العاشر تلك القصة التي تحمل المجموعة عنوانها، وبطلها ذكر، يتخلي عن حياتها الأكثر صخبًا وحياة ليندمج فى حياة القطيع. الانحياز لهذا الفئة من الضعفاء والمتخلين عن مغامرة الحياة يكشف عن مساحة مختلفة فى كتابات عزة سلطان التي اعتدت الصدام كما جاء في أعمالها السابقة "امراة تلد رجلا يشبهك – 1998) "أحمد رجل عادي جدًا – 2002" تمامًا كما يحدث في السينما – ط 1 – 2009" و "جسد باتساع الوطن – 2012" ثم روايتها التي أحدث جدلًا واسعًا "تدريبات على القسوة – 2014" فقد عنت على مدار تاريخها الابداعي بالانحياز لقضايا جسد المرأة وتعقيدات العلاقة بين المرأة والمرأة من جانب والمراة والمجتمع من جانب آخر. وتقيم دار نشر روافد والكاتبة عزة سلطان حفلا لتوقيع المجموعة بمكتبة ديوان فرع الزمالك يوم الأحد 7 أغسطس الساعة السابعة مساء ويدير حفل التوقيع الناشر شريف بكر