شهدت تركيا في الساعات الأولي من ليل أمس السبت، ليلة دامية وسط أجواء مشحونة بالرعب والفزع التركي والترقب العالمي، بعد ما أعلن مجموعة صغيرة من عناصر الجيش التركي الانقلاب على حكومة رجب طيب أردوغان للإطاحه به. وعلى الرغم من فشل محاولة الانقلاب العسكري بالإطاحة بحكومة رجب طيب أردوغان، إلا أنها خلفت ورائها خسائر فادحة، منهم 60 قتيلًا من المدنيين واعتقال 754 عسكريًا وإقالة 5 جنرالات و29 ضابطًا برتبة كولونيل من مهامهم بحسب وكالة الأناضول للأنباء المؤيدة للحكومة. بحسب التاريخ التركي، لم يكن الإنقلاب العسكري الذي شهدته تركيا أمس هو الأول من نوعه، وإنما قد شهدت تركيا أربعة انقلابات على مدار الخمسة عقود المنقضية أي منذ 56 عامًا، أولها انقلاب 27 مايو 1960، تاليها عام 1971، ثم عام 1997، وفي عام 1980. انقلاب 27 مايو 1960.. بحسب ما أوردت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، ينسب تاريخ 27 مايو 1960 لأول إنقلاب عسكري في تركيا، قام به مجموعة من ضباط القوات المسلحة التركية خارجين عن قيادة رؤساء الأركان، ضد الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا لحزب الديمقراطية. وقع الحادث في وقت من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والمصاعب الاقتصادية، حيث كانت المساعدات الأمريكية حسب مبدأ ترومان ومشروع مارشال نفدت، ومن ثم كان رئيس الوزراء، عدنان مندريس، يخطط لزيارة إلى موسكو أملاً في وضع خطوط بديلة للائتمان. واجبر الحكم العسكري 235 قائدًا وأكثر من 3000 ضابط مكلف على التقاعد، وقمع أكثر من 500 قاض ونائب عام، و1400 من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، واعتقال رئيس هيئة الأركان العامة التركية والرئيس ورئيس الوزراء وغيرهم من أعضاء الإدارة، وتبع ذلك تعيين رئيس أركان الجيش، القائد جمال جورسيل، كرئيس للدولة ورئيس للوزراء ووزير للدفاع. وانتحر وزير الداخلية، نامق جيديك، أثناء احتجازه في الأكاديمية العسكرية التركية، وتم عرض الرئيس، محمود جلال بايار، ورئيس الوزراء، عدنان مندريس، وعدد من أعضاء الإدارة الآخرين للمحاكمة أمام محكمة كانجاروو التي عينتها الخونتا في جزيرة ياسيادا في بحر مرمرة. الانقلاب العسكري التركي 1971 يعد هذا الانقلاب ثاني انقلاب عسكري في تركيا، بعد أحد عشر عامًا من سابقه الذي حدث عام 1960، وعُرف باسم "انقلاب المذكرة"، حيثُ قام رئيس هيئة الأركان العامة التركية، ممدوح تاجماك، في 12 مارس بتسليم رئيس الوزراء مذكرة تصل لحد إنذار أخير من القوات المسلحة، طالب فيها "بتشكيل حكومة قوية ذات مصداقية في إطار المبادئ الديمقراطية، تضع حدًا للوضع الفوضوي الحالي وإنهاء الفوضى وحالة والصراع بين الأشقاء، والاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية" ووجه له إنذار بأن إذا لم تتم تلبية تلك المطالب فإن الجيش سوف "يمارس واجبه الدستوري" ويتولى السلطة. انقلاب تركيا 1997 عرف انقلاب 1997 بانقلاب ما بعد الحداثة، في يوم 17 يناير، خلال زيارة إلى هيئة الأركان العامة التركية، طلب الرئيس التركي سليمان ديميريل إحاطة بشأن ما يزعج الجيش، وقد سرد إسماعيل حقي قرضاي، رئيس هيئة الأركان العامة التركية، 55 بندًا، وصفت ب "الرجعية"، وقال ديميريل، إن نصفها مبني على الشائعات، وشجع قرضاي على التواصل مع الحكومة، وتخفيف صياغة المذكرة. وفي يوم 31 يناير عام 1997، نظمت احتجاجات بواسطة بلدية سنجان في محافظة أنقرة ضد انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان الذي يحدث تحت ستار الليل في "القدس" وقد امتلأ المبنى الذي تم فيه الحدث بملصقات لحركة حماس وتنظيم حزب الله. وفي يوم 28 فبراير 1997، قدم الجنرالات وجهات نظرهم حول القضايا المتعلقة بالعلمانية والإسلام السياسي في تركيا إلى الحكومة. وأصدر مجلس الأمن القومي عدة قرارات خلال هذا الاجتماع، وأجبر رئيس الوزراء نجم الدين أربكان من حزب الرفاه على التوقيع على القرارات التي تهدف لحماية الفكر العلماني في تركيا منها، حظر الحجاب في الجامعات، اغلاق مدارس تحفيظ القرآن، ثماني سنوات للتعليم الابتدائي وفقا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية. انقلاب تركيا 1980.. شهدت تركيا في 12 سبتمبر 1980 انقلاب عسكري تزعمه الجنرال كنعان ايفرين مع مجموعة من الضباط، نشأوا على فكرة حماية المبادئ الأساسية للجمهورية التركية كما وضعها اتاتورك، وكان المبدأ الرئيس فيها الفكر الكمالي واعتقادهم بأن سبب تدهور الامبراطورية العثمانية وانحدارها عسكريا كان لارتباطها بالأقطار العربية والإسلامية. وكان الانقلاب مدعوما من الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي فقدت حليفها الرئيسي في المنطقة بعد الثورة الإيرانية عام 1979، فتلقت تركيا مبالغ كبيرة من المساعدات الاقتصادية، من قبل منظمة التعاون والتنمية، والمساعدات العسكرية من حلف شمال الأطلسي. وخلال الثلاث سنوات الأولى من الحكم العسكري بعد الانقلاب تم إعدام 50 شخصًا واعتقال 650.000 شخص ومحاكمة الآلاف، ووقوع 299 حالة وفاة بسبب التعذيب، و30 ألفا آخرون فضلوا المنفى. كان لهذا الانقلاب أثر كبير في الساحة التركية، فقد شكل ملامح البلاد لثلاثة عقود، كما يعتبر هذا الانقلاب الأكثر دموية.