فرضت الأجهزة الشرطية بمدينة الأقصر، تدابير أمنية مشددة، فى محيط المنشآت الفرنسية والأجنبية، ومقار القنصليات والبعثات الأثرية الأجنبية، العاملة فى شرق المدينة التاريخية وغربها، وذلك على خلفية الحادث الإرهابي الذى أودى بحياة العشرات فى مدينة نيس الفرنسية، مساء الخميس. وفيما أعلنت اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية، التي تضم أطيافا من القوى السياسية والوطنية فى الأقصر، والصعيد، وقيادات بحزب الوفد وحزب الشعب الجمهوري، فى الأقصر، عن إدانتهم لحادث نيس، ومطالبتهم بتضامن الجهود الدولية للقضاء على الإرهاب، عمت حالة من الحزن فى مناطق عدة فى الأقصر، ارتبط سكانها بعلاقة خاصة مع الفرنسيين، العاملين ضمن بعثات المركز المصري الفرنسي للآثار، مثل منطقة الكرنك التي تشتهر بمعابدها التى يعمل بها علماء مصريات وباحثون وطلبة فرنسيون منذ عشرات السنين، ومنطقة البعيرات، حيث مقر البعثة الأثرية الفرنسية فى غرب الأقصر، والرامسيوم، حيث يعمل الفرنسيون فى مشروع ضخم لترميم لإعادة جمع وتركيب وترميم تمثال هو الأضخم من نوعه، داخل معبد الرامسيوم، الذى كان شيده الملك رمسيس الثانى قبيل ألاف السنين. وعبر مواطنون فى الأقصر، وأثريون وعاملون بالقطاع السياحى، عن تضامنهم مع الفرنسيين، وسكان مدينة نيس، مؤكدين قدرة شعوب العالم، على التصدى للإرهاب، مهما كان حجمه وموقعه، مذكرين الفرنسيين، بحادثة معابد الكرنك، وبتصدى سكان الكرنك فى الأقصر، للإرهابيين، وانتصارهم عليهم، ودحرهم، وحماية ضيوفهم من سياح العالم، من خطر هؤلاء الإرهابيين، الين أرادوا الفتك بزوار الأقصر، وتدمير معالم معبد الكرنك، وأن الإرهاب ضعيف إذا قوبل بقوة الشعوب، وليس الحكومات فقط. يذكر أن مدينة الأقصر التاريخية، بصعيد مصر، تمثل حالة ولع فرنسي لكثير من السياح وعلماء المصريات، ويرتبط العشرات من سكانها بعلاقات صداقة، وزيارات متبادلة مع مواطنين فرنسيين، ويقول حسن مراد، أحد سكان قرية البعيرات، إنه يقوم بزيارة سنوية لفرنسا بدعوة من صديق فرنسى، وأن علاقتهما توطدت خلال عمل صديقه الفرنسى فى الأقصر، وروى كيف حمى أبنا منطقته مقر البعثة الأثرية الفرنسية القريبة من منزله، إبان حالة الانفلات الأمنى التى صاحبت الأيام الأولى لثورة يناير المجيدة، مشيرا إلى أن حالة من الحزن تعم كل الأقصر، بعد فاجعة مدينة نيس بفرنسا. ولا يتعجب كثيرون حين يروى عالم المصريات ومدير المركز المصري الفرنسي للآثار فى الأقصر، كريستوف تيير، عن أنه رصد خلال عمله فى معابد الكرنك فى شرق مدينة الأقصر، امتزاج العادات والموروثات الشعبية المعاصرة فى مصر بسحر وغموض مصر الفرعونية وما تركه الفراعنة من أساطير يتوارث المصريون تفاصيلها حتى اليوم , وأن هناك عشرات النساء الباحثات عن حلم الامومة المفقود ومن اصبن بالعقم أو فقدن القدرة على الحمل والولادة يلجأن إلى زيارة آثار فرعونية بعينها أملا فى أن تحل عقدهن وأن يتحقق لهن حلم الأمومة المفقود حيث يحرصن على زيارة تمثال للآلهة سخمت زوجة بتاح فى الكرنك لتحقيق هذا الغرض حتى اليوم، وهى رواية يرى فيها عالم المصريات الدكتور محمد يحيى عويضة، بأنها تعبر عن مدى تعمق الفرنسيين فى تتبع ودراسة تاريخ المصرىين، وموروثاتهم الشعبية، ويشير إلى مدى صدقية ما رواه الفرنسى " روبير سوليه " فى كتابه « مصر ولع فرنسى»، عن مدى تعلق الفرنسيين بمصر، ومدى عمق علاقة المصريين بأصدقائهم الفرنسيين. ويشير عويضة إلى تلك العرقة التى ربطت بين الرئيس الفرنسى الأسبق فرانسوا ميتيران، وأحد مشايخ العمال المصريين بالبعثة الأثرية الفرنسية العاملة بمعابد الكرنك، والزيارة الأكثر جدلا، التى قام بها الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزى، برفقة عشيقته – آنذاك - عارضة الأزياء ومغنية الأوبرا الإيطالية كارلا بروني، والتى اختار فيها الرئيس الفرنسى الأسبق، مدينة الأقصر، لتكون أول محطة ظهور علنى له مع كارلا برونى. وكانت سلطات مدينة الأقصر، وقبل 48 ساعة فقط سبقت حادثة نيس، تدرس فى اجتماع حكومي وشعبي، كيفية الاستفادة من التجربة السياحية والجمالية لمدينة نيس، وسبل نقل تلك التجربة لمدينة الأقصر، وسط مطالب طرحها مشاركون فى اجتماع كان يعد لحملة نظافة شعبية فى الأقصر، بالسعي لتوقيع اتفاقية تآخٍ بين مدينتهم ومدينة نيس الفرنسية، والتى لم تمضى أيام حتى تعرضت لحادث إرهابي، غادر، أودى بحياة العشرات من سكانها وزوارها.