ربما يكون الفشل والانهيار الذي لحق بإعلام جماعة الإخوان وأبواقها في الخارج، هو الدافع الرئيسي وراء لجوءهم خلال هذه الفترة إلى حيلة جديدة، قد تضمن لهم البقاء والتعليق على المشهد السياسي والإعلامي في مصر، لاسيما مع حالة التدهور التي تواجهها قنواتهم الإعلامية. الحيلة التي لجأت إليها الجماعة هذه المرة هي الاتجاه لتأسيس شركة إنتاج إعلامي بالخارج، حيث أعلن «محمد العقيد»، عضو ما يمسى بمجلس شورى إخوان إسطنبول، أن الجماعة تؤسس الآن شركة للإنتاج الفني والإعلامي، وموقع يجمع كل المنتجات الفنية العالمية التي تخدم الفكرة الإسلامية والمشروع الذي تحشد الجماعة له. وكتب «العقيد» عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» قائلًا: «المشروع سيتضمن عمل مسلسلات وكرتون وبرامج، ويشارك أحد أعضاء الجماعة في إنتاج مثل هذه البرامج خلال الفترة المقبلة». فكرة تأسيس شركة إنتاج إعلامي خاصة بالجماعة، آثارت أزمة داخلية لها، حيث رفضت قيادات بالجماعة هذا الاتجاه؛ بسبب أن الإخوان ليس لديهم خبرة في الإعلام، واصفين الأمر بإهدار للأموال، إلا أن البعض الآخر أيد الفكرة. وشهدت الفترة الأخيرة، غلق الكثير من قنوات الإخوان في الخارج، وخسارتها للعديد من الأبواق الإعلامية الخاصة بها، ربما كان آخرها قناة «الثورة» الإخوانية التي أعلنت عن إغلاقها نهائيًا مطلع يوليو الجاري؛ بسبب أزمة مالية. وسبقها قناة «مكملين» التابعة للجماعة خلال عام 2015 الماضي، وأيضًا قنوات «الشرق ومصر الآن والحوار» خلال منتصف عام 2014، وكانت من قبلهم قناة «رابعة والجزيرة مباشر مصر» في عام 2013. وأرجع خبراء الشأن السياسي لجوء الجماعة إلى تأسيس شركة إنتاج إعلامي في ذلك الوقت، إلى ثلاثة أسباب هي: «الفشل الإعلامي وغلق قنواتهم، الاشتغال بعمل ما يغطي تكاليف معيشتهم، تعويض الخسائر». وفي هذا الصدد، أوضح هشام النجار، الباحث في الشؤون الإسلامية، أن اتجاه الجماعة إلى إنشاء شركة إنتاج إعلامي له علاقة بالفشل السياسي الذي لحق بها، وفشلها في القيام بالدور المُسند إليها في المشهد السياسي بالبلاد العربية سواء بمصر أو غيرها. وأكد أن وضع الجماعة وحلفاءها في الخارج يمر بحالة من الجمود؛ بسبب عدم مسايرتها للأحداث او تعاملها مع الواقع السياسي المتغير بما يقتضيها من مرونة وحسم وسرعة. ولفت إلى أن إتجاه الجماعة في تركيا لهذا النشاط جاء بسبب رغبتهم في غسيل سمعة الجماعة، بالاشتغال بعمل ما يغطى تكاليف معيشتهم؛ نتيجة المتغيرات على الساحة التركية، والخوف من مستقبل غامض للجماعة؛ بسبب التحولات الأخيرة في السياسة الخارجية بأنقرة. وأتفق معه سامح عيد، الباحث في الشؤون الإسلامية، مؤكدًا أن الجماعة بالفعل مشتركة في الكثير من قنوات الإنتاج الإعلامي، ولكن فكرة الاستقلال بشركة مستقلة جاء بهدف دعم القنوات الفضائية الخاصة بهم، كي لا تواجه أزمات مادية. ولفت إلى أنها محاولة إلى بث لون جديد من الموضوعات الإعلامية لجذب مشاهدين أكثر إلى قنواتهم الإعلامية، ودس أفكارهم في المواد الإعلامية التي تبث لإقناع الرأي العام بها، مشددًا على أن الإعلام الذي يستخدمه الإخوان سلاح حاد تعتمد عليه الجماعة منذ تأسيسها. أما عن إعلان الجماعة نيتها في بث بعض الأفلام الكرتونية من خلال قنوات هذه الشركة، أشار «عيد» إلى أن الجماعة تهتم بقطاع الأطفال وكانوا يطلقوا عليها اسم «الأشبال» قديمًا. وأوضح أنهم يتم تنشأتهم على أفكار الجماعة وطاعة ولي الأمر؛ لأن الطفل في صغره يكون سهل الإقناع والانقياد ويمكن ترسيخ مفاهيم عديدة داخله، لافتًا إلى أنه في مرحلة الشباب يكون الطفل كون أفكاره الخاصة التي يصعب تغييرها. وأوضح أنه يتوقع ألا تستمر الشركة كثيرًا، لأنها ستحتاج إلى أموال ضخمة وطرق دعم وتسويق معتمدة، وإدارة تستيطع تسديد النفقات المادية، حتى تأتي بعوائد وتغطي تكلفتها ألا ستلحق بالقنوات السابقة. وأضاف، أن وجودها خارج مصر يسهل على القائمين عليها الحركة والبدء في إنشاء القنوات أو المنتجات الإعلامية الخاصة بهم، ويضمن لها منافذ عديدة للتمويلات المادية.