يعد مصرف بحر البقر المصرف الوحيد الذى يمتد من جنوبالقاهرة مرورا بمحافظات القليوبيةوالشرقية والإسماعيلية والدقهلية ليفرغ حمولته فى بحيرة المنزلة، ويبلغ طول المصرف حوالى 190 كيلو مترا ومن أخطر منابع التلوث التى تنقل الأمراض والأوبئة للمواطنين. تعود نشأة مصرف بحر البقر لعام 1914، وكان فى البداية مخصصا للصرف الزراعى فقط ولكن قررت الحكومة فى أوائل السبعينيات تحويله لاستقبال الصرف الصحى لسكان القاهرة الكبرى والمدن المطلة عليه، وبهذا القرار الحكومى ذهب سكان الدلتا إلى الجحيم لأن المصرف أصبح شريان تلوث يبث سمومه ويوزعها على سكان تلك المحافظات خاصة الشرقية التى تشطرها إلى نصفين، ولأنه مصرف مفتوح يستقبل مياه الصرف الصحى الخام والمعالج والصرف الزراعى والأسمدة والمبيدات والديدان والقوارض والأعشاب والحشائش وينشر الأوبئة والأمراض التى تصيب المواطنين بأمراض مختلفة. وتكمن خطورة هذا النوع من التلوث فى ظهور الأمراض الطفيلية والمتوطنة بين جموع المواطنين الذين يعيشون حوله، كما يصيب المصرف الأسماك الموجودة فيه بالطفيليات ويستقبل المخلفات الصناعية من المصانع المطلة على البحيرة التى تحمل معادن ثقيلة أهمها الرصاص والزرنيخ والحديد وتتركز هذه المعادن فى أنسجة الأسماك التى تعيش فى المصرف أو بحيرة المنزلة، حيث يصب المصرف مياهه الملوثة فيها، ويمثل ذلك مخاطر صحية للإنسان فى حالة تناول هذه الأسماك. كما أن المصرف يحمل تلوثا زراعيا ناتجا من مخلفات الرى الزراعى وتحمل هذه المياه بقايا مركبات المبيدات والأسمدة والمعادن الثقيلة، وقد أدى التلوث الشديد الناتج من مخلفات مصرف بحر البقر إلى انخفاض الثروة السمكية فى بحيرة المنزلة بصورة واضحة. وأثبتت الدراسات التى أجريت على مياه مصرف بحر البقر باعتباره أخطر مصادر التلوث إصابة الأسماك بأمراض مختلفة تصيب من يتناولها بحساسية فى الجهاز التنفسى والأمراض المتوطنة والفشل الكلوى والأمراض الجلدية المختلفة، كما أن الصورة العامة للدم تغير كثيرا جراء تناول هذه النوعية من الأسماك التى تتغذى على مياه مصرف بحر البقر، حيث أثبتت الدراسات إصابة هذه الأسماك بأنيميا حادة ما يشكل خطورة على من يتناولها. تلوث مصر بحر البقر ليس وليد اليوم ولكن عمره يمتد لأكثر من 90 عاما مضت ومع ذلك ما زالت الجهات الرسمية وغيرها تلقى بمخلفاتها داخل مياهه مما يزيدها تلوثاً، وكشفت العينات الدورية التى أخذتها الأجهزة والمعامل المختصة ارتفاع نسبة الحموضة فى مياه المصرف مما يؤكد قلوية هذه المياه، وتؤكد الأبحاث أيضاً ارتفاع نسبة الملوحة فى مياه المصرف إلى خمسة أضعاف ملوحة مياه نهر النيل، وتكمن الخطورة فى التجمعات السكانية التى تحيط بالمصرف والبحيرة والتى تعتمد أساساً فى غذائها على الأسماك مما يعرض حياة هؤلاء المواطنين للخطر المؤكد. أما فى فصل الصيف من كل عام فتشهد محافظة الشرقية وباقى المحافظات التى تطل على مصر بحر البقر انتشاراً للحشرات الزاحفة والطائرة الغريبة من نوعها والتى تزداد توحشاً ومنها الناموس كبير الحجم والذى يعانى منه جميع سكان مدينة فاقوس والحسينية وأبوحماد بالشرقية بوجه خاص والتى تنقل لهم الأمراض. الأدهى والأغرب من ذلك أن محافظة الشرقية والحكومة الحالية تقف مكتوفة الأيدى تجاه ذلك وتناست رش المصرف بالمبيدات الحشرية التى تمنع انتشار الحشرات وقتلها من منبعها الحقيقى، مثلما كان يفعل «النظام البائد» من حين إلى آخر. هذا ويعانى أّهالى مركز فاقوس بمحافظة الشرقية من وجود بحر البقر، وأبرز القرى التى تعانى قرى الطويلة والصوالح ومنزل نعيم وبنى صالح والنمروط والهيصمية والجعافرة والخطارة الصغرى والكبرى ورياض خليفة والعريفات والمراحلة والروضة والكثير من العزب الواقعة على مقربة من مصرف بحر البقر مصدر التلوث. ولا تعد فاقوس فقط أكثر المتضررين، فهناك مدن أخرى تعانى من نفس الأزمة مثل بلبيس والحسينية. وقال عبدالله عبدالمطلب أحد المزارعين فى قرية الخطارة الكبرى إننا نعانى من كثرة الناموس والذباب، حيث إنها تسبب أمراضاً خاصة فى فصل الصيف لقربنا من المصرف، وأضاف «عبدالمطلب» إن الدولة كانت تقوم برش البحر بواسطة الطائرات وكان ذلك يؤدى إلى قتل الناموس وإبادته ولكن توقف هذا الرش منذ عدة سنوات، وطالب عبدالله الدولة برش المصرف للقضاء على خطر الناموس. وطالب الأهالى باستغلال مساحة المصرف وتغطيته من خلال مواسير كبيرة واستغلال مسطح الأرض كطريق سريع يبدأ من القاهرة إلى بورسعيد لخدمة أهالى المحافظات الخمس وتحصيل رسوم تضاف إلى خزانة الدولة وتوفير مليارات الجنيهات لعلاج الأهالى من الأمراض التى يسببها وجود هذا المصرف. كما طالب الأهالى اللواء خالد سعيد محافظ الشرقية بالنظر إليهم بعين الرحمة و«رش» المصرف للقضاء على الحشرات التى تنقل لهم الأمراض والأوبئة المتواجدة بالمصرف مثلما كانت تفعل الحكومة فى العهد البائد للحفاظ على أرواح المواطنين.
