فى خبر كان.. هكذا أصبح حال التعليم فى مصر.. ولم يعد لدينا هكذا لا تربية ولا تعليم، والدليل مهزلة تسريبات الثانوية وتوابعها، التى تعكس الحال المتردى للتعليم فى مصر باعتراف كل العالم ومنظماته. لقد أصبح التعليم حقل تجارب لكل وزير تبنى مسمى تطوير التعليم وآخر المفاجآت المرتبطة بالتعليم والثانوية قرار المجلس الأعلى للجامعات بقبول 50٪ من طلاب الثانوية العامة والشهادات العربية والأجنبية والفنية بإقرار المجلس بنظام الانتساب الموجه. هذا القرار وصفه خبراء التعليم بالكارثى، مؤكدين أنه فى غير صالح التطوير المزعوم للتعليم وتساءل الخبراء: كيف كان الاتجاه من قبل لإلغاء هذا الانتساب الموجه واليوم يتوسعون فى تطبيقه.. وإذا كان عدد طلاب الثانوية يزيد على 500 ألف طالب وطالبة، فهذا معناه إمكانية قبول 25 ألف طالب على الأقل سيحصلون على مؤهلات عليا دون تعليم جامعى جيد، مما يؤدى فى النهاية إلى مخرجات تعليمية غير جيدة لا تؤثر فيها الكفاءة ومن ثم تؤثر سلبًا على سوق العمل. الشكوى من تزايد عدد الطلاب الملتحقين بالجامعات مع ضعف الإمكانيات التعليمية، وما يترتب عليه من مستوى متدن للخريجين فاقد لأبسط مهارات وقدرات العصر كان يستدعى الاتجاه للحد من تلك الأعداد المتزايدة، والعمل على أن تكون القدرات هى السبب الرئيسى للدراسة والالتحاق بالجامعات، ففى الوقت الذى ينبغى فيه الحد من التوسع فى القبول بالجامعات يأتى الانتساب، ليزيد الطين بلة وتصبح الشهادة الجامعية مجرد جواز مرور لإكمال الوجاهة الاجتماعية. فعدد الجامعات الحكومية المصرية يصل إلى 26 جامعة، من بينها الأزهر بالإضافة إلى 20 جامعة خاصة، ويبلغ عدد المقيدين بالتعليم العالى والجامعى نحو 2 مليون طالب وطالبة موزعين بين المعاهد والجامعات خلال الفترة فى العام الماضى. وأصبح التعليم فى مصر وبشهادات ذات محلية ودولية منخفض الكفاءة والجدوى معًا وهو ما أكدته دراسة عن واقع التعليم فى مصر أعدها محمود خليفة جودة، مدير المشروعات البحثية والتدريب، والتى أشارت إلى أن التعليم هذا هو الذى يتاح لأبناء الفقراء فى الكليات النظرية عمومًا وبعض الكليات العملية التى يعانى خريجوها من تضخم أعدادهم وقلة فرص العمل أمامهم، ومنها كليات الزراعة بحسب الدراسة، وكلام الدكتور أحمد مراد، أستاذ المحاصيل، مدير معهد تكنولوجيا الأغذية الأسبق، واللذين اتفقا أيضًا على مجمل عدد من المشكلات التى تعانى منها الجامعات المصرية وتحول دون تحقيق أهدافها.. كالنمط السائد القديم لطرق التدريس رغم تزايد أعداد الطلاب الملتحقين بالجامعة.. كذلك رغبة الحكومة فى توفير مكان لكل ناجح بالثانوية العامة بالجامعات والمعاهد العليا ولو بالانتساب بأشكاله المتنوعة، وهو ما كان سببًا فى إهدار طاقات شبابية هدفهم فقط الحصول على شهادة ليس لها قيمة فى سوق العمل، مما أدى أيضًا لتفاقم مشكلة وظاهرة الدروس الخصوصية فى الجامعات المصرية وخاصة بين المنتسبين. كذلك ضعف تمويل الجامعات وعدم قدرتها على دفع رواتب مجزية للأعضاء بهيئة التدريس أدى لتدهور نوعية التدريس وجميعها مشكلات وأسباب وراء تدهور مستوى الخريجين تتعاظم بين المنتمين للجامعات بنظام الانتساب الموجه الذى هدف الحكومة فى التوسع فيه مادى بامتياز للتغلب على نقص تمويل الجامعات، وهو ما ليس فى صالح النظام التعليمى فى مصر ولا فى صالح مستوى الخريجين ومتطلبات سوق العمل بل ونهضة المجتمع ككل. الانتساب.. نوعان ورغم تأكيد الخبراء والمختصين أن التوسع فى نظام وأعداد المنتسبين للجامعات فى غير صالح تطوير التعليم المنشود، فإنهم يتعجبون بالفعل من قرار المجلس الأعلى للجامعات بقبول 50٪ من الناجحين بالثانوية العامة بنظام الانتساب، مشيرين إلى أن المجلس لم يوضح أى انتساب يقصد.. الانتساب الموجه وهو عبارة عن نظام دراسى داخل الكلية يلتحق به الطلاب غير الحاصلين على تقدير الالتحاق بالنظام العادى، أو ما يطلق عليه وانتظام.. وهو انتساب ثم تطويره مؤخرًا بأن أصبحت محاضرات بطلابه 4 أيام أسبوعيًا بالإضافة إلى الكائن، مصروفاته تعدت مئات الجنيهات إلى الآلاف مؤخرًا للسنة الواحدة وهناك أيضًا الانتساب العادى، وهو ما يتيح للخريجين الحاصلين على مؤهلات عليا الدراسة فى إحدى الكليات للحصول على شهادة فى إحدى الكليات للحصول على شهادة أخرى.. بهدف تحسين بمستواهم العلمى، أو كحل يلجأ إليه عدد كبير من الموظفين للترفيه والتسوية بها وهو ما تم رفع رسومه أيضًا من مئات الجنيهات للآلاف. والحقيقة المؤكدة أن نظام التعليم بالانتساب أو حتى التعليم المفتوح لم يضف للتعليم إلا مزيدًا من التراجع بحسب الدكتورة زينات طبالة بمعهد التخطيط القومى.. والتى أوجزت تعليقها بالتوجه للانتساب بأنه غير مقبول.. متمنية من الله أن يعين مصر بحسب كلامها، وأنه لن يقيد العملية التعليمية على النحو المطلوب لدولة تريد أن تكون متقدمة.. والأجدى قبل التوسع، فى نسب التعليم بالانتساب بكافة أشكاله والانتساب الموجه على وجه الخصوص توفير التمويل اللازم والإمكانيات التى تجعل الخريج ذا مهارات وقدرات خاصة واستخدام لتكنولوجيا العصر بمختلف تطبيقاتها، وبما يتماشى مع سوق العمل والاحتياجات القصوى لأمن البلاد. العادى فاشل ويرفض الدكتور محمود كامل الناقة، الأستاذ بجامعة عين شمس، رئيس الجمعية المصرية للمناهج والتدريب التوسع فى نظام الانتساب والموجه على وجه الخصوص.. ويرى أن التعليم العادى بمصر فاشل، فما بالكم بالتعليم عن طريق الانتساب.. فأساس أى عملية تعليمية سليمة التواصل والتجربة وهو ما يفتقده طالب الانتساب المحدد له أيام فقط للدراسة والتحصيل.. ولذلك فإن نظام الانتساب والتعليم المفتوح ما هما إلا مجرد أبواب للتمويل الجامعى.. وعلى الدولة أن تعتبر التعليم قضية بناء بشر واعتبارها عملية إنتاجية للبشر تحدد لها ميزانيات عالية لا بد أن يكون التعليم مصدرًا للأموال فقط، لافتين إلى أن قرار ال50٪ لم يحدد على أى أساس سيكون الاختبار! رد.. لم يكتمل بعد عدة محاولات للاستفسار عن دوافع قرار ال50٪ انتساب من طلاب الثانوية الناجحين هذا العام.. أوضح الدكتور أشرف حاتم، أمين المجلس الأعلى للجامعات.. أن القرار قديم من العام الماضى ومن قبل مجيئه للوزارة، مبينًا أن الصحف تداولت الخبر بشكل غير سليم، موضحًا أن المقصود بال50٪ من النسب الإجمالية التى تستوعبها كل كلية من الكليات المتواجد بها نظام الانتساب وليس 50٪ من إجمالى الناجحين بالثانوية العامة وإنما وفقًا للأماكن المتاحة وأن الهدف ليس ماديًا، كما يقول البعض، وإنما رغبة فى حصول كل مواطن على حق كفله له القانون والدستور.. وهو الحق فى التعليم. ..ويبقى تعليق هذا الحق الدستورى فى التعليم.. ألا يعنى أيضًا الحق فى تعليم بمواصفات العصر.. تعليم يرفع من شأن خريجيه ويجعل البلد فى مصاف الدول المتقدمة، أم تعليم وخلاص والنتيجة تراجع لمركز التعليم فى مصر بين الدول ل139 وتراجع الجامعات وجامعة القاهرة ضمن أسوأ 500 جامعة فى العالم.. هل هذا هو التعليم المنشود؟!