ندرك جميعاً أن هناك من اعتصم في ميدان التحرير، على حق كانوا أم مأجورين.. لكن هل يدرك مجلسنا العسكري أو حكومتنا "الفاضلة" ما الذي حرك تلك الجموع لميدان التحرير، وما الذي حركها في باقي محافظات مصر.. هاهو مشهد الثورة يتجدد.. وكارثة الكوارث ألا يدرك هؤلاء حقيقة الموقف.. فمجددا الاستفزاز سيد الموقف .. لم يستعب أحد الدرس.. شعب ثائر يرفض "الاستحمار"، وسلطة لا تكترث لما يجيش في نفوس الشعب.. فمن الذي سعي لإحباط الثوار ورسخ في أذهانهم أن "المليونيات" هي السبيل الوحيد للزحف خطوة واحده نحو مطالب الثورة.. ومن الذي أهان وضرب أمهات الشهداء.. ومن الذي ترك قتلة الثوار طلقاء أحرار، بل يهددون أهلهم بالويل إن لم يتنازلوا عن دماء أبنائهم.. ومن وراء الانفلات الأمني المتعمد، ومن لقن العديد من منسوبي الشرطة ردا واحداً لكل البلاغات" خللي الثورة تنفعكوا".. وحينما طالبنا بالضرب بيد من حديد لحفظ الأمن.. لم توجه هذه اليد إلا لأصحاب الرأي.. لم نر أثراً لها على من أفسدوا البلاد بالأمس ويصرون على حرقها اليوم.. فكثرت الحفلات.. "حفلة السفارة".. "حفلة ماسبيرو".. وأصحاب الحفلات معروفون وأدلى البلطجية بأسمائهم ومكان اجتماعهم في مساكن شيراتون والمبالغ التي يدفعونها لتخريب مصر.. ولم تمتد لهم يد..كثرت الحفلات وزاد اللغط، وزاد التمسك بفلول النظام الفاسد في كل المراكز القيادية.. وطلع علينا أبناء الفساد بكل فجر وبجاحة بدلا من أن يتواروا يخرجون ألسنتهم لنا في كل مكان من الإنترنت بل و تلفزيون الدولة يهددون بحرق البلد.. لم لا وقالها أبوهم من قبل، ورددها ابن المخلوع.. وجهر بها أذناب الفساد حتى داخل قاعات المحاكم ولم تمتد لهم يد، ولم يحاسب من أتاح لهم الفرصة.. فمن سمح لهم.. من جرأهم، بل شاهدناهم داخل محاكمة المخلوع يرفعون صوره، بينما محامي الشهداء وأهليهم منع أغلبهم من دخول قاعة المحكمة.. فمن منع ومن سمح.. وبأي صفة تسرب هؤلاء لقاعة المحكمة.. وهو ما دفع الكثيرون للقسم بأنها تمثيلية هابطة، وأنها محاكمات صورية.. بل قال أحدهم إن احتجاز رموز الفساد ليس إلا نوع من توفير الحماية لهم لحين كسر شوكة الشعب.. وعلى الجانب الآخر هناك من يعملون في أمان تام لإثارة الفتنة والمطالب الفئوية غير المبررة دون أن تمتد لهم يد.. من وراء ذلك اللغط والتصرفات والقرارات غير المحسوبة.. بل من وراء قانون السلطة القضائية الآن بصورته التي زادت الطين بله.. وهل قمنا بالثورة من أجل السادة القضاة والمحامين ومن منهم يفرض سطوته على الآخر.. لغط وفشل وتشتيت عن الطريق الصحيح كي لا تقف مصر على قدميها من جديد.. كم مره طالبنا بمنع أذناب الفساد من ممارسة السياسة نهائياً فضلا عن اعتقالهم بقانون الطوارئ ومرجعية الثورة.. وكانت الإجابة منعهم لمدة خمس سنوات فقط.. قبلنا بالقليل.. فتطور الأمر إلى منحهم حق الترشح في الانتخابات .. لجأنا للقضاء.. فجلس قضاتنا في معزل عن مصر وثورتها ينظرون قوانين فتحي سرور، ليخرجوا علينا بأنه لا يجوز منع باشاوات الفساد من العودة لفسادهم.. وحين قضت محكمة المنصورة بمنعهم تم هدم حكمها في 24 ساعة فقط.. ما هذه الهمة التي لم نرها إلا ضد الشعب وكل ما يريده.. لم نر تلك الهمة في محاكمات الفاسدين والقتلة.. فقط نراها ضد الثوار ورغبة الشعب.. وهل بالفعل لم تستعب وزارة الداخلية درس "أن المصريين لا يخشون الرصاص".. وهل فعلا لم يعلموا أن الأسلوب الذي انتهجوه مع عشرات المعتصمين سيحولهم إلى مئات الألوف.. ألا يعلم هؤلاء أن الشعب لم يعد يخشى "البلطجة" وأن الاحترام وحده وأداء عملهم كما تؤديه الشرطة في أي دولة أخرى هو السبيل الوحيد لفرض هيبة الدولة واحترام رجل الشرطة، ألم يدركوا أن العنف الذي فشلوا فيه سابقاً لن يجلب لهم إلا نكسة 28 يناير جديدة.. كل هذا ويخرج علينا من يقول لا ندري من هؤلاء الثائرون ولا ماذا يريدون، بل ومن يقول أن مسلحين غير معروفون يضربون النار على المتظاهرين وقوات الجيش والشرطة.. أحقاً لا تعلم سيادة الضابط من هؤلاء المأجورين ومن دفع لهم.. إنها مؤامرة حقيقة على مصر يقودها رموز الفساد من محابسهم وينفذها أذنابهم في الخارج وتدعمها دول حاقدة على مصر.. وما كان لذلك المخطط أن يحقق أي نجاح لولا الأداء الهابط والاستجابة المتأخرة لمطالب الشعب.. ياسادة اتقوا شر غضبة المصريين التي لن تترك أمامها أخضر ولا يابس في طريقها.. الشعب الآن بدأ يشعر بمرارة الفشل، ولسان حاله يقول.. أي ثورة تلك التي تبقى ذيول الفساد على رؤوس مؤسساتها.. أي ثورة تلك التي تتسول أهدافها، وتهان أمهات شهدائها.. ياسادة الخطر الحقيقي أن أغلب الشعب أصبح مقتنعاً الآن أن الثورات ولدت دموية و لا يمكن أن تنجح سلميا.. والتجربة خير دليل.. ولأن الجيش المصري هو العمود الوحيد الباقي في البناء المصري.. ولأني أرى بوضوح الآن أعداء مصر يوجهون له الضربة تلو الأخرى.. أتوجه بالحديث للمجلس العسكري و أقول أن المخرج الوحيد لمصر كلها هو انضمامكم للثورة، وتناسي قصة" التكليف".. فحين رفض الشعب المصري بدائل المخلوع.. رفض نائبه سليمان، ولم يرحب بشفيق، خرجت الجموع تهلل وترقص ل"تكليف" المجلس العسكري بإدارة شئون البلاد.. قبل المجلس ب"التكليف".. لكن الشعب فرح بقائد جديد لثورته.. فالشعب هو من ائتمنكم على ثورته ونصبكم قادة للثورة.. والشعب هو الذي تسمعون هتافاته اليوم في ميدان التحرير.. راجعوا مستشاريكم.. استبعدوا الفاسدين والخبثاء من أجل مصر.. فلا جدوى من مناداة الآخرين لتفريق المتظاهرين.. ولا جدوى من نسب الوثائق للسلمي أو الجمل أو غيرهما، فالشعب يرفض الاستحمار.. ولا قيمة لقانون العزل السياسي، بعدما ضجت الجماهير من المطالبة به حتى خرجوا مجددا لميدان التحرير وبدأ عداد الشهداء في الدوران من جديد.. لا جدوى من مستشاري مبارك ونهج أدى بصاحبه للخلع.. وسياسة قل ما تشاء ونفعل ما نشاء.. الوضع تغير.. كما لا جدوى من دور الكبير المحايد وسط معركة الشعب مع الفاسدين.. ياسادة قوة مصر في شعبها.. ومخرجها الوحيد في شعبها، أعطاكم كل شئ لتنفيذ مطالب الثورة البسيطة جداً فلا تخذلوه وتغامروا بمستقبل مصر من أجل لا شئ.. إن كان لديكم عجز في الرجال فما أكثرهم في مصر.. وإن أدركتم سوء المستشارين فما أكثر العقلاء الشرفاء غير المتورطين في حزب الفساد وغير الملوثين بالتمويل الخارجي والعمالة.. نحن وراءكم ندعمكم ونفديكم بأرواحنا.. فمصر أغلى بكثير من كلاب الفساد.. ومصر أقوى بكثير من فئران الخارج.. فقط عودوا للشعب.