البورصات الأوروبية تغلق على تباين مع استيعاب المستثمرين لبيانات التضخم الأمريكية    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لاستقرار العراق والأردن ضد محاولات النيل منهما    رئيس بولندا يؤكد دعم بلاده لتوسيع عضوية الاتحاد الأوروبي    عاجل:- دخول جماهير الأهلي مجانًا لنهائي دوري أبطال إفريقيا في ملعب رادس    ضبط شخص بالمنوفية لقيامه بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب    5 معلومات عن إميلي شاه خطيبة مينا مسعود.. تعشق الرقص والسفر    تعرف على القطع الأثرية المميزة لشهر مايو بالمتاحف.. صور    بعد تصدره مؤشر جوجل.. أعمال كريم قاسم الفنية    قبل البيرة ولا بعدها؟..تعليق علاء مبارك على انسحاب يوسف زيدان من تكوين    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    بسبب تأكل المواسير| تسرّب في خط الوقود الرئيسي المغذي لمنطقتي المنيا وأسيوط    المشدد 3 سنوات ل6 أشخاص بتهمة حيازة أسلحة واستعراض قوة بشبرا الخيمة    جامعة حلوان تنظم ورشة عمل للتعريف باختصاصات عمل وحدة مناهضة العنف ضد المرأة    وزارة الأوقاف تفتتح 12 مسجدًا الجمعة القادمة    5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر |إنفوجراف    بيخوفني.. لهذا السبب كريم قاسم يتصدر مؤشر جوجل    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    بعد تصدرها التريند.. ما هي آخر أعمال نسرين طافش؟    مفاجأة كبرى.. ديبالا في مدريد هذا الصيف    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية الهندسة    دولة أوروبية تنوي مضاعفة مساعداتها للفلسطينيين 4 أضعاف    الجنائية الدولية: نسعى لتطبيق خارطة الطريق الليبية ونركز على تعقب الهاربين    وزيرة الهجرة: للمجتمع المدني دور فاعل في نجاح المبادرات القومية الكبرى    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    «على قد الإيد».. أبرز الفسح والخروجات لقضاء «إجازة الويك اند»    برلماني: مصر قادرة على الوصول ل50 مليون سائح سنويا بتوجيهات الرئيس    نائب محافظ أسوان تتابع معدلات تنفيذ الصروح التعليمية الجديدة    كورتوا على رادار الأندية السعودية    أخبار الأهلي : مروان عطية يثير القلق في الأهلي.. تعرف على التفاصيل    الشيبي يظهر في بلو كاست للرد على أزمة الشحات    وزير التعليم يفتتح الندوة الوطنية الأولى حول «مفاهيم تعليم الكبار»    لماذا أصبح عادل إمام «نمبر 1» في الوطن العربي؟    أشرف عطية يتفقد الأعمال الجارية بمشروع محور بديل خزان أسوان الحر    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    «الزراعة»: مشروع مستقبل مصر تفكير خارج الصندوق لتحقيق التنمية    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    مقبلات اليوم.. طريقة تحضير شوربة الدجاج بالمشروم    «صحة النواب» توصي بزيادت مخصصات «العلاج على نفقة الدولة» 2 مليار جنيه    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    التشكيل الرسمي لمباراة الاتحاد السكندري وسموحة في الدوري    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    مهرجان الإسكندرية يعلن تفاصيل المشاركة في مسابقة أفلام شباب مصر    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    وزير الدفاع البريطاني: لن نحاول إجبار أوكرانيا على قبول اتفاق سلام مع روسيا    داعية إسلامي: يوضح ما يجب على الحاج فعله فور حصوله على التأشيرة    أحمد الطاهرى: فلسطين هي قضية العرب الأولى وباتت تمس الأمن الإقليمي بأكمله    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    فى أول نزال احترافى.. وفاة الملاكم البريطانى شريف لوال    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين 25%    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    «الأونروا»: أكثر من 150 ألف إمرأة حامل فى غزة يواجهن ظروفا ومخاطر صحية رهيبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. ليلى أبوالمجد:"الهيكل اليهودى".. معبد مصرى قديم
نشر في الوفد يوم 23 - 06 - 2016

ليس غريباً أن نجد اليهود يصرون على استغلال الدين لخدمة مصالحهم السياسية، أو نراهم يشنون حملات شعواء من أجل بناء «الهيكل اليهودى» على أنقاض المسجد الأقصى، بدعوى أن هذا البناء سيعجل بمجىء المسيح المخلص، الذى سيقيم مملكة الرب على الأرض، إيذاناً ببدء الألفية السعيدة!
الغريب حقاً هو ما كشفته د. ليلى أبوالمجد، أستاذ الدراسات التلمودية بجامعة عين شمس فى حوارها ل«الوفد» حول هذا الهيكل المزعوم، حيث أكدت أنه عبارة عن معبد مصرى قديم، لا يمت للنبى «موسى» بأى صلة!!
«أبوالمجد» فجرت العديد من المفاجآت حول مساعى الصهيونية العالمية، تجدها فى هذا الحوار:
ماذا يقصدون بالألفية السعيدة وما علاقتها ببناء الهيكل؟
- الألفية السعيدة حسب التقويم العبرى تبدأ مع بداية الألفية السابعة، فطبقاً للتقويم اليهودى نحن الآن فى الألفية السادسة أى فى عام 5776 إذاً باقى على الخلاص الذى سيأتى مع بداية الألفية السابعة 224 سنة، فحسب العقيدة اليهودية الكون سيعمر 6 آلاف عام، وفى نهايتها ستأتى كوارث تمهيداً لمجىء المسيح، ومع بداية الألفية السابعة، أو كما يطلقون عليها الألفية السعيدة سيأتى المسيح ليخلص اليهود، كما يعتقد اليهود أنه يمكن التعجيل بالخلاص عن طريق عدة أمور أو أفعال من بينها بناء الهيكل. وهذه الرؤية تتبناها المسيحية الصهيونية أيضاً.
متى بدأت إسرائيل فى الترويج لبنائه؟
- مع بداية الألفية الثالثة عام 2000 زادت الجهود المحمومة من أجل التعجيل بمجىء المسيح المخلص وذلك عن طريق فئة من الصهاينة تؤمن أنه من الممكن استعجال الخلاص ونزوله واستعجال الإرادة الإلهية وذلك عن طريق هجرة يهود العالم وتجميعهم فى فلسطين وإعادة بناء الهيكل لثالث مرة.
لكن هل لموسى عليه السلام علاقة بهذا الهيكل من قريب أو بعيد؟
- هذا الهيكل الذى يزعمون ويدعون أنه يجب بناؤه من أجل مجىء الخلاص لا أساس له فى شريعة موسى عليه السلام، فهو نبىّ بنى إسرائيل الذى جاء بالتوراة، فكان يتخذ خيمة الاجتماع مكاناً للعبادة وينزل عليه الوحى فيها، وكان ينصبها فى أى مكان يرتحل إليه بنو إسرائيل، إذاً لم يبن موسى معبداً، فالمكان المقدس هو الذى يحل فيه الرب وهو ما يحدث فى الخيمة، وأسفار التوراة تحفل بالمواضع التى نزل فيها الرب وكلامه لبنى إسرائيل، إذاً فى عهد موسى عليه السلام لم يكن هناك مبنى أو مكان لعبادة الرب، لذلك لا وجود لهيكل فى شريعة موسى عليه السلام وهو المرسل لبنى إسرائيل.
بعد وفاة موسى عليه السلام وفى فترة «التيه» دخل بنو إسرائيل إلى أرض كنعان بقيادة يوشع بن نون، هل بنى الأخير هيكلاً لكى يتعبد فيه اليهود؟
- لم يدخل موسى عليه السلام أرض كنعان ولم تطأ قدماه فلسطين حيث مات هو وهارون أثناء «التيه» فى أرض مؤاب فى الأردن. وبعد دخول اليهود أرض كنعان بقيادة يوشع بن نون عام 1450 قبل الميلاد تقريباً، بنى خيمة أيضاً فى منطقة شيلوة والتى تقع فى جنوب نابلس أى ليس فى «أورشليم»، وظل ينزل عليه الوحى فيها وكذلك المن والسلوى، مما يعنى أنه لا علاقة بين الوحى والهيكل أو العبادة والهيكل.
إذاً ما حقيقة هذا الهيكل وكيف يزعم اليهود بوجوده أسفل المسجد الأقصى؟
- بعد دخول يوشع بن نون أرض كنعان لم يستطع أن يستولى على أورشليم التى كانت تسمى «أرض اليبوسيين» إذاً لم تكن لليهود سيطرة عليها على الإطلاق ولكن بعد القرن العاشر قبل الميلاد فى عهد داود وحروبه مع الفلسطينيين واستيلائه على أجزاء من أرض كنعان وفق الرواية التوراتية، طلب من النبى ناتان أن يبنى مكاناً للرب، فقال له ناتان إن الرب لم يوافق على بنائك بيتاً له لأن يدك ملطخة بدماء الفلسطينيين. وبعد موت داود تولى ابنه سليمان الحكم، وكان له 700 زوجة و300 من السرارى حسب رواية العهد القديم، ووقع سليمان معاهدات مع كل الملوك وتزوج بناتهم، حيث تزوج ابنة فرعون وابنة ملك مؤاب وغيرهم. وأهم جزء فى الهيكل كان مكان الذبح، لذلك لم تكن هناك قدسية للهيكل حيث تساوى مع باقى المعابد التى بناها لزوجاته غير اليهوديات، فبنى لابنة فرعون معبداً للآلهة المصرية وآخر لآلهة مؤاب.
هل يمكننا القول إن شرط الرب لبناء معبد له هو عدم الخوض فى الحروب مع الفلسطينيين؟
- نعم والدليل على ذلك أن الرائى ناتان قال لداود إنه سيجىء لك ابن يسمى سليمان، وهو الذى سيبنى للرب البيت لأنه مسالم ولم تلطخ يده بدم الفلسطينيين ومن هنا بدأ داود فى جمع الأدوات ومواد البناء اللازمة لسليمان والتى ستعينه على بناء بيت الرب.
لكن اليهود يزعمون أن داود عبد الرب على جبل موريا الذى يسمى بهضبة الحرم التى يقع عليها المسجد الأقصى حالياً؟
- هذا المكان كان ملكاً لأورنان اليبوسى، مما يخالف مزاعم اليهود فى أن ملك داود كان كبيراً، والدليل على ذلك أن داود لم يكن يملك بعض المناطق كجبل موريا وكان هذا المكان حرم لله من مئات السنين فذهب داود وطلب من أورنان اليبوسى أن يأذن له أن يذبح للرب فى هذا المكان، فأذن له وذبح داود للرب على صخرة طبيعية من الحجر ولم يبن أى معبد.
وما حقيقة الأوصاف التى وصف بها الهيكل فى أسفار العهد القديم؟
- وردت مواصفات وأبعاد الهيكل فى أسفار العهد القديم وبمطابقة هذا الهيكل بالمعابد التى بناها المصريون القدماء سنجد أنه معبد مصرى قديم، وهناك رسالة دكتوراه أثبتت أن هذا الهيكل الذى يدعى اليهود ما هو إلا معبد تم بناؤه للحامية المصرية، ويبدو أن كاتب العهد القديم رأى المعبد المصرى ووصفه على أنه هيكل سليمان، وبنى سليمان لنفسه قصراً وبنى معبداً للرب أصغر من قصره، تقدر بنصفه تقريباً وليس به أى عظمة أو فخامة كالتى اتصف بها قصره الذى كان أكبر وأفخم حيث استغرق فى بنائه ثلاث عشرة سنة، وأما بيته فبناه سليمان فى ثلاث عشرة سنة وأكمله كل بيته.. وبنى بيت وعر لبنان طوله مائة ذراع وعرضه خمسون ذراعاً وسمكه ثلاثون ذراعاً على أربعة صفوف من أعمدة أرز «سفر الملوك الأول الإصحاح السابع 3»، فهذا هو الهيكل ولكنهم بالغوا فى المواصفات فكل الأوصاف التى جاءت عن الهيكل الذى بناه سليمان فى العهد القديم هى أوصاف للمعبد المصرى.
هل نستطيع القول إن الهيكل كان فى الأصل معبداً مصرياً؟
- نعم.. لأن المصريين الفراعنة عندما سيطروا على أرض كنعان بنوا معبداً للحامية المصرية التى يتركونها هناك، فيبدو أن كاتب العهد القديم رأى المعبد المصرى ووصفه على أنه هيكل سليمان حيث وصفه بأنه يوجد به قدس الأقداس وخبز الوجوه ومذبح البخور ومغطس التطهير مثل البحيرة المقدسة فى الديانة المصرية القديمة والناووس تابوت العهد، ووصف الكاتب الهيكل بأنه يضم كائنات خرافية مجنحة مع أن الديانة اليهودية تنهى عن صناعة التماثيل والتجسيم. إذاً كل هذه أدلة على أن المواصفات ليست لها علاقة بالهيكل، ولكنها مواصفات للمعبد المصرى فى الديانة المصرية القديمة ووصفوه ونقلوه على أنه هيكل سليمان، فسليمان بنى لنفسه قصراً وبنى معبداً للرب أصغر من قصره وفق ما جاء فى العهد القديم. والهيكل بهذه الأوصاف التى وردت فى العهد القديم هو معبد مصرى، وكان يقع فى شمال فلسطين فى مدينة صفورية التى كانت مدينة للكهنة ويبدو أنهم مارسوا فيه طقوسهم. ويبدو أيضاً أن الأثر المصرى لم يقتصر على المعبد فقط ولكن أيضاً امتد ليشمل الطقوس والكهنوت.
وماذا عن استمرار الحفريات الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى بحثاً عن الهيكل؟
- المعبد الذى بناه سليمان يبدو أنه كان من الضآلة والبساطة لدرجة أنه لم يتبق منه أى أثر، ولذلك فإنه منذ الانتداب البريطانى لم تعثر أى حفرية من الحفريات التى خصصت لهذا الغرض على أى شىء تمت بصلة لهذا الهيكل فهم يريدون أن يهدموا المسجد الأقصى المبارك من أجل الهدم فقط.
متى قرر «داود» أن يذهب إلى أورشليم؟
- «داود» عندما تولى الحكم على بنى إسرائيل ظل فى جبل جرزيم فى نابلس لمدة ثماني سنوات، لقدسية هذا الجبل، حيث أمر موسى بنى إسرائيل عندما يدخلوا أرض كنعان أن يقفوا على هذا الجبل وأن يتلوا بعض البركات لمباركة الشعب. وعندما حارب داود الفلسطينيين واليبوسيين وهم شعوب سامية كانت تسكن فى أرض كنعان قبل سيدنا إبراهيم عليه السلام، ولكى يستولى داود على أراضيهم وجد أن أحصن وأمنع مدينة هى أورشليم وأحصن منطقة فيها هى جبل صهيون واتخذه مقراً للحكم وقاعدة عسكرية واختياره كان عسكرياً بحتاً ليس له علاقة بالدين.
إذاً هل هناك نصوص فى العهد القديم تثبت أن القدس مسلمة؟
- نعم، القدس مدينة مسلمة من قبل إبراهيم عليه السلام، هذا ما جاء فى سفر التكوين 14 /18. حيث كانت تسمى شاليم، وكانت مكاناً مقدساً وكان ملكها كاهناً يدعى «ملكى صيدق» وكان يعبد الله العلى مالك السموات والأرض، وبنى اليهود أحلاماً مزيفة حول أحقيتهم فى القدس، فعلى أى حق يبنى اليهود مزاعمهم؟ فكم عام عاشه اليهود فى هذه الأرض حتى تصبح ملكهم؟ فقد كان موطن «إبراهيم» هو أشور شمال العراق وكانت أرض فلسطين أرضاً مقدسة، وأمره ربه أن يخرج من أشور ويذهب إلى أرض الغربة «فلسطين» ولم يستمر بها فترة طويلة فعندما انتشر القحط ذهب هو وسارة إلى أرض مصر فقراء لا يملكون شيئاً.
وماذا عن الوعد الذى يتشدق به اليهود فى أرض فلسطين؟
- إذا نظرنا إلى الجانب الدينى، سنجد أن اليهود يدعون أن الله وعدهم فى التوراة بهذه الأرض، ولكن الله تعالى ذكر فى القرآن الكريم أن هذه الأرض وعدها الله لإبراهيم ولنسله من بعده ولم يخص بالذكر اليهود فقط فكلنا نسل إبراهيم، إذاً هى لأصحاب الديانات الثلاث فللمسلمين والمسيحيين أيضاً حق فى هذه الأرض.
هل هناك نصوص فى العهد القديم أو حتى التلمود تحث على إعادة بناء الهيكل؟
- التوراة كلها لم يوجد بها أى ذكر للهيكل، فالأسفار الخمسة الأوائل الخاصة بموسى تخلو من ذكر للهيكل ولا يوجد سند فى العهد القديم إطلاقاً للحث على بناء الهيكل الثالث، ولا يوجد أى أحكام تحث على إعادة بناء الهيكل حتى فى التلمود.
إذاً من أين جاء اقتراح إعادة بناء الهيكل الثالث؟
- الفكرة اخترعها الاستعمار، وكان أساسها تهجير أهل البلد والإتيان بالموالين له، ومن هنا اخترعوا فكرة لتجميع اليهود من كل العالم، ولعبوا على ذكرياتهم الدينية فى فلسطين لتوحيدهم على فكرة فلابد من تجميعهم على عبادة معينة، لذلك ليس للفكرة سند تاريخى أو دينى على الإطلاق، ولكن هدفها استعمارى استيطانى بحت. ولا يوجد لها أى سند فى التوراة ولا العهد القديم ولا حتى فى التلمود.
طُرحت إقامة دولة لليهود فى بلدان عدة مثل الأرجنتين وأوغندا.. فلماذا وقع اختيار الاستعمار العالمى على أرض فلسطين؟
- الاحتلال كان بلورة لتصريح وعد بلفور وتزامن إقامة دولة لليهود مع نشأة التحرر والقوميات فى أوروبا بالقرن 19، ومع زيادة أعداد اليهود فى الاتحاد السوفيتى وغلق أبواب الدول الأوروبية أمامهم نشأت ما يسمى «المسألة اليهودية» أو «مشكلة اليهود» فى أوروبا، ومن هنا ظهرت الحركة الصهيونية التى اتخذت من اسم جبل صهيون اسماً لها رغم أنه اسم كنعانى يرمز إلى القوة المسلحة وحروب سليمان والقلعة التى كان يحارب منها وهى قلعة لليبوسيين، لذلك التقت الأهداف الصهيونية مع الأهداف الاستعمارية، وعندما عرضت كل هذه الأماكن على اليهود اختاروا فلسطين حتى يتمكنوا من الدعوة إليها باعتبار أن هناك ذكريات دينية مع هذه الأرض، علاوة على أن فلسطين بحكم مكانها المتوسط بين القارات الثلاث وبحكم كونها أرضاً ممكن دخولها من كل الاتجاهات والتنقل منها إلى كل الاتجاهات وموقعها استراتيجى بالنسبة للتجارة العالمية. حيث تعتبر البوابة التى من خلالها يتم السيطرة على العراق ومصر والشام، والاستعمار قام بزرع إسرائيل فى المنطقة ليسهل السيطرة على المنطقة بأكملها.
هل يوجد بالتاريخ ما يرجح نظرتك وقناعتك؟
- نعم، فالتاريخ القديم به أحداث تثبت أن التاريخ يعيد نفسه فالإمبراطورية الآشورية التى نشأت فى شمال العراق عندما فكرت فى تمددها والسيطرة على بلاد فارس والشام ومصر، سيطرت على فلسطين ثم قامت بنقل السكان المحليين إلى مكان آخر وأتت بأقوام موالين لها ووطنتهم فى هذه المنطقة الحساسة والاستراتيجية من العالم هكذا فعلت الإمبراطورية الآشورية عندما دخلت أرض كنعان فى القرن السابع قبل الميلاد، واستولت على الجزء الشمالى منها، ودمرت مملكة إسرائيل الشمالية وأتت بسكان موالين لها من آشور وأسكنتهم فى هذه المنطقة.
وبعده فى القرن الخامس قبل الميلاد قامت الإمبراطورية البابلية بقيادة نبوخذ نصر، وهاجم يهوذا، وهجر أهلها إلى بابل، وأتى بسكان آخرين أسكنهم مكانهم، وأيضاً قورش الفارسى، عندما أعقب الإمبراطورية البابلية قام بالعكس بعد نبوخذ بسبعين سنة وسمح برجوع اليهود وبناء معبد لهم. إذاً فالإمبراطوريات الاستعمارية لها استراتيجيتها القائمة على أنه عندما أريد أن أحقق السيطرة على منطقة الخليج العربى والعراق وإيران والشام ومصر لابد من السيطرة على فلسطين وهذا ما قرأه جيداً الاستعمار ولهذا زرع إسرائيل فى فلسطين.
إذاً زرع فلسطين لم يكن هدفه الأساسى الاستيلاء على فلسطين فقط بل على المنطقة بأكملها؟
- نعم، زرع إسرائيل فى فلسطين كان مخططاً استعمارياً للسيطرة على المنطقة كلها، حيث إن إيران والعراق ليست لها منافذ على البحر فلابد من السيطرة على فلسطين أولاً لأنها البوابة التى من خلالها يتم السيطرة على المنطقة بأكملها، فالاستعمار اتخذ من التاريخ معلماً له وعرف أنه عندما يريد السيطرة على فلسطين وتهجير أهلها المحليين واستبدالهم بموالين له، وكان اليهود هم هؤلاء الموالين، ولهذا تم تهجير اليهود مكان الفلسطينيين لإحكام السيطرة على المنطقة بقيام دولة إسرائيل، لذلك اتفقت الأهواء والمزاعم الصهيونية مع المخططات الاستعمارية، فالاستعمار البريطانى لكى يزرع عنصراً موالياً له قرر زرع إسرائيل فى المنطقة، وصدر وعد بلفور «من لا يملك لمن لا يستحق»!
ما علاقة إعادة بناء الهيكل الثالث بشريعة البقرة الحمراء؟
- دأب بنو إسرائيل منذ تاريخهم القديم على استغلال الدين وتوظيفه بما يخدم أهواءهم وأطماعهم، وعلقوا إعادة بناء الهيكل الثالث على إقامة تلك الشريعة التى وردت فى سفر العدد الإصحاح التاسع عشر وتتلخص شريعة البقرة الحمراء فى أنه إذا مات إنسان فى خيمة فقد تنجست تلك الخيمة وتنجس كل ما فيها من أشخاص وأدوات ولكى يتطهر يجب أن ينثر عليه ماء مخلوط بتراب البقرة الحمراء، والنص كما جاء فى التوراة لم يشترط أو يحدد مكاناً بعينه لإقامة تلك الشريعة، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى أرض كنعان، بل بالعكس اشترط أن تقام بعيداً عن مكان السكن ولم يشر إلى خيمة الاجتماع إلا فى نقطة فرعية وهى أن ينثر الكاهن بإصبعه من دم البقرة فى اتجاه باب خيمة الاجتماع سبع مرات.
لماذا علق اليهود إذاً بناء الهيكل بإقامة شريعة البقرة الحمراء؟ ولماذا تذكروا الآن وبعد مرور ألفى عام على تدمير الهيكل أنهم نجسون؟!
- فى واقع الأمر لا توجد أدنى صلة بين موسى عليه السلام بأرض كنعان، وليس له علاقة بالهيكل أو بعقيدة الخلاص التى يؤمن بها اليهود الآن، ففكرة الخلاص أخذها اليهود عن الزرادشتية أثناء السبى فى بابل (586 ق.م) حين دفعتهم محنة السبى واليأس إلى التفكير فى الغيبيات فأضفوا على فكرة الخلاص الزرادشتية وهى فكرة لاهوتية طابعاً مادياً سياسياً للخروج من محنتهم ومع الحوادث الجسام التى تعرض لها اليهود إبان السبى البابلى أصبح حلم الأنبياء والمصلحين والكثرة الكثيرة من اليهود أن يأتى ملك فذ من نوعه مخلص معه القوة والبركة يعيد الأمجاد السالفة فيكون هو الملك بحق وهو المسيح.
أما الهيكل فقد ارتبط بناؤه بمفهوم «العودة أو الإعادة» الاستعمارى، فالملك قورش الفارسى هو الذى أصدر أوامره بإعادة بناء الهيكل الثانى الذى دمره نبوخذ نصر الملك البابلى كما قرر قورش إعادة آنية وأدوات بيت الرب التى نهبها نبوخذ نصر من أجل إعادة عبادة الإله «يهوا» وهو المعبود القديم الذى كان يعبد فى أورشليم. والحقيقة فإن الشعب الذى أعيد أو نقل لم يكونوا من بنى إسرائيل ورغم ذلك اعتبروا أنفسهم سكان إسرائيل العائدين إليها من منفى مرير بعد أن خلصهم منقذهم الملك قورش. ولقد قوبل هذا الاستيطان الاستعمارى الذى زرعه قورش بمقاومة شديدة مما دفع العائدين على التركيز من ذلك التاريخ على دور الهيكل فى الطقوس والشعائر من أجل تثبيت إقدام هذا الاستيطان الغريب.
ذكرت أن هناك توافقاً بين اليهودية والمسيحية الصهيونية فى رؤيتها حول فكرة الخلاص فكيف تدعم المسيحية جهود اليهود لبناء الهيكل؟
- هناك تزايد فى نشاط الجمعيات الداعية إلى إقامة الهيكل، حيث تعمل عشر هيئات فى مجال الإعداد للهيكل ومنها منظمة تسمى «أمناء جبل الهيكل»، وتعمل هذه الهيئة خارج سيطرة المنظمة العليا ويتلقى رئيسها مساعدات من طوائف مسيحية بروتستانتية فى أمريكا وهى الطوائف التى تؤمن بأن حرب يأجوج ومأجوج وإقامة الهيكل مرحلة لاهوتية لابد أن تحدث قبل قيامة المسيح عليه السلام، وقد كشف رئيس الهيئة أنه فى الآونة الأخيرة انضم لتلك الحركة مسيحيون من جميع أرجاء العالم بما فى ذلك دول إسلامية، مثل مصر وإندونيسيا وبلدان أفريقية وبلغ إجمالى الأعضاء عشرة آلاف شخص، أما فى إسرائيل فيبلغ أعضاء هذه الحركة نحو عشرة آلاف.
هل هناك معارضة داخل إسرائيل نفسها للمنظمات الداعية لبناء الهيكل؟
- نعم، هناك جهات تحارب الجهود التى تقوم بها الجماعات الدينية المتطرفة فى إسرائيل من أجل بناء الهيكل لأغراض سياسية ومنها مركز يسمى «مركز الحفاظ على الديمقراطية فى إسرائيل» الذى حذر المنظمات المتطرفة من خطورة تماديها فى سعيها لبناء الهيكل، وشبه ما تقوم به تلك المنظمات بما قامت به الجماعات اليهودية المتطرفة التى عاصرت السيد المسيح ومنها جماعة «القناءون» التى اشتهرت بالغلو والقسوة فى تطبيق الشريعة واللجوء إلى استخدام العنف والإرهاب، حيث كانوا يفضلون الموت لهم ولذويهم على الانصياع إلى الآخر المخالف لهم فى العقيدة.
وما خطورة العنف الذى انتهجته هذه الجماعة على الوجود اليهودى فى فلسطين؟
- تسببت تلك الجماعة ومن انتهج نهجها فى العنف والتطرف الدينى فى القضاء على الوجود اليهودى فى فلسطين، وذلك عندما قام القائد الرومانى تيتوس بالانتقام منهم كرد فعل لما قاموا به من جرائم وفظائع وقام بتدمير الهيكل الثانى سنة 70 ميلادياً، وطرد البقية الباقية منهم من فلسطين وتشتتوا منذ ذلك التاريخ فى سائر أرجاء المعمورة، وظلوا هكذا حتى منحهم الاستعمار البريطانى «وعد بلفور»، وتحالف مع الصهيونية حتى تم تنفيذ هذا الوعد بإقامة إسرائيل على قسم من أرض فلسطين، وقد قرع مركز الحفاظ على الديمقراطية ناقوس الخطر وأكد أن أى محاولة لهدم وتدمير المساجد الإسلامية الموجودة على جبل المكبر من أجل بناء الهيكل الثالث وإقامة دولة دينية تحكم بالشريعة فى إسرائيل ستهدد ليس فقط الديمقراطية فى إسرائيل ولكن ستهدد وجود كيان الدولة ذاته.
حدثينا عن جهود مركز الحفاظ على الديمقراطية فى إسرائيل لمنع بناء الهيكل؟
- استشعر هذا المركز الخطر الحقيقى ويتمثل فى أن الجماعات الدينية المتطرفة لا تقبل الآخر بمفهومه الواسع الذى يشمل المخالف فى العقيدة والمخالف فى الرأى، ويخشى هذا المركز أن يعيد التاريخ نفسه ويؤدى إرهاب الجماعات اليهودية الحالية إلى إنهاء الوجود الإسرائيلى فى المنطقة، وقدم المركز مقترحات للحكومة الإسرائيلية وللمسئولين والقيادات الدينية فى إسرائيل من ضمنها أن تكف الدولة عن تمويل المعاهد المؤسسات الداعية إلى إقامة الهيكل. وضرورة إشراك إسرائيل عناصر دولية فى المسئولية عن حماية الأماكن المقدسة الإسلامية، وأكد أنه فى حالة عدم وجود مثل هذه القوة الدولية وتعرضت المساجد الإسلامية لأى خطر فسوف تلقى المسئولية كاملة على إسرائيل ومن المحتمل أن يفجر هذا العمل حدوث حروب عظيمة وخراب ودمار هائل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.