عندما تنحاز عين المشاهد وأذنه لعمل أو ممثل معين وسط هذا الكم من مسلسلات رمضان، فمن المؤكد أن هناك عوامل ربطت المشاهد بهذا المسلسل، خاصة بعد مرور أكثر من أسبوع على الماراثون الرمضانى، وهذا يكفى بأن يختار المتفرج العمل الذى أثر فى وجدانه واستمتع بأداء ممثليه، وربما يكون ممثلاً أو أكثر. ولا شك أن مسلسل «ونوس» للنجوم يحيى الفخرانى ونبيل الحلفاوى وهالة صدقى، تأليف عبدالرحيم كمال، وإخراج شادى الفخرانى، وكل نجوم العمل تسللوا وسط هذه الزحمة لعقل ووجدان المشاهد بتيمة درامية مختلفة وأداء تمثيلى رفيع يشبع رغبة الجمهور، ويملأ عقله وإحساسه بعيداً عن العضلات المنفوخة والصراخ والتمثيل على الجمهور من خلال المرض النفسى أو الأكشن والقتل الذى يغرق الشاشة دماءً. نجحت الفنانة هالة صدقى أن تكون رأس حربة وسط كتيبة موهوبين فى مسلسل «ونوس»، وقدمت شخصية «انشراح» بأداء رفيع يكشف عن تفاصيل ومحطات قادمة فى موهبتها التى بدأت تأخذ منحنى آخر بداية من حارة اليهود، ووصولاً ل«ونوس».. التفاصيل والتركيبة ورد الفعل، ومعادلات النجاح عند الجمهور كيف تراها هالة صدقى؟ بداية كيف لمستِ رد فعل الجمهور عن «ونوس» و«انشراح»؟ بصراحة شديدة وبعيداً عن تصنيفات الورق والتربيط، رد الفعل أدهشنى وغير متوقع، وأعتبره مفاجأة لى ولفريق العمل، خاصة ونحن نعبر الأسبوع الأول من العرض، وهو ما أعتبره أسبوع التتبع والاختيار. وأضافت: طبعاً متوقعة النجاح للعمل لوجود عوامل نجاح كثيرة، على رأسها المايسترو يحيى الفخرانى والقدير نبيل الحلفاوى وكتيبة «الرعب» من نجوم العمل إخراج وتمثيل وطبعاً تأليف. وكيف تعاملتِ مع «انشراح» لتصل بكِ لنشوة الأداء؟ - عندما عرض علىّ العمل انبسطت، وسعدت لمجرد الترشيح فى هذا العمل الكبير مع هؤلاء النجوم، وكنت متشوقة لدوران الكاميرا، وقرأت العمل كمشاهدة وبإحساس المتفرج قبل إحساس الممثلة، وتوقعت أنه سيكون «دور عمرى»، وكنت أبحث عن هذه النوعية لأستكمل «نيتى» فى تغير جلدى بعد دورى فى «حارة اليهود» الذى أصابنى من رعب رد الفعل، وقررت بعده أن أمشى فى خط التغيير، وكنت أبحث عن دور «فالن»، لكن «انشراح» فاق توقعاتى، ولمست فيه تركيبة صعبة تحتاج إلى طاقة تمثيل وموهبة، واستجمعت كل الطاقة التى بداخلى، وأمسكت بتفاصيل الشخصية وهى مكتوبة بحرفية ونعومة الحرير، ووصلت لنشوة التمثيل فيها لأننى «حسيتها بجد»، واستمتعت بها على الورق، والحمد لله قدمتها بنفس الإحساس أمام الكاميرا. وكيف دعم فريق العمل دور «انشراح»؟ - عملت مع يحيى الفخرانى فى أكثر من أربعة أعمال، وهو صديق قبل أن يكون مايسترو تمثيل، والوقوف أمامه يحتاج إلى احترافية شديدة؛ لأنه فنان يعلى من الممثل أمامه، وكنت أمثل معه و«أنا سايبة نفسى»، وهو ممثل يعطى كل حاجة للى أمامه، وعملت مع فريق عمل محترف وفاهم فى مباراة تمثيلية رائعة وجو فنى محترم، فخرج «ونوس» بهذا الشكل مع نجم كبير معتاد على النجاح. نوعية العمل يراها البعض مختلفة بعض الشىء لأن شخصية «ونوس» تحرك الضمير نحو الانحراف.. ما رأيك؟ - هناك توارد خواطر فى أكثر من عمل مثل المرض النفس، وجعلونا «نتجنن معاهم»، وكذلك شخصية العفريت أو الشيطان، وبالنسبة ل«ونوس»، فهو أكثر مسلسل رمضانى يخاطب الضمير والأذن، ويقول للناس إن الشيطان موجود بيننا باستمرار فى صورة بشر شياطين، وهو يوقظ الضمير ويقول للإنسان إن حولك مائة «ونوس»، لتأخذ بالك وكل من لا يملك ضميراً هو «ونوس» يتعامل مع الفساد على أنه حق مشروع، وبالتالى ما زال البلد يئن من الفساد وخربة من الداخل، يحضرنى مثال عن «ونوس» فى الواقع حكته لى صديقة ذهبت لقضاء مهمة فى مصلحة حكومية وطبعاً وضع الموظف أمامها العراقيل فأعطته 100 جنيه وشيكولاتة فأخذ ال100 جنيه، وأنهى لها الموضوع، ورفض أخذ الشيكولاتة لأنه صائم. هذا يعنى أن العمل به إسقاط سياسى أو دينى؟ - إطلاقاً العمل ليس به أى إسقاط سياسى، بل هو مسلسل اجتماعى يقول للناس: «إن الدين لله»، وهناك نوعية من البشر لا تعرف الدين ولا ربنا؛ لأنها تحلل الحرام، وتحرِّم الحلال لمصلحتها فقط، يمارسون الفساد ويتعاطون الرشاوى، ويقيمون الصلاة فهى مفارقة غريبة والعمل بمنطق «هوى النفس». وكيف ترين شكل الدراما من حيث المضمون والإخراج؟ - بصراحة أرى أن جرعة الألفاظ والتحرر «خفت شوية»، رغم استمرار الدم والقتل وزيادة جرعة الجنان و«العفرتة»، وهناك تشابه فى أعمال كثيرة لكن برؤى وشكل مختلفين فى التناول والتمثيل، وهناك منافسة ساخنة بين أجيال مختلفة، وسعيدة بالتنافس النظيف بين كل هؤلاء الكبار والشباب، والحمد لله الموسم يجمع كل نجوم مصر، وافتقدنا النجم الرائع نور الشريف، رحمه الله، وسعيدة بعودة ريادتنا ومتوقعة انحصار الدراما السنوات المقبلة فى تنافس أنظف وأرقى لصالح الجمهور مع استمرار تطور الصورة والإخراج ومباراة رائعة فى التمثيل مع نجوم ونجمات مسلسلات رمضان سواء فى «ونوس» أو أعمال أخرى مع وجود جيل عربى، أضاف جواً من الأداء المتميز. لكن لم نجد عملاً يقدم قدوة جيدة حتى الآن؟ - حالة الارتباك التى يعيشها المجتمع تدفع صناع الدراما للنزول لمستوى الواقع، وهو ما ساق الدراما للتركيز على مسلسلات الجريمة والقتل والأكشن والمرض النفسى، فهو واقع لكن فعلاً نحن بحاجة لدراما تدفع البلد للمستقبل، وتقدم نموذجاً جيداً للشباب وهذا الجيل، خاصة أننا عندنا رئيس يعمل ويجتهد ويفكر فى تغيير شكل البلد اقتصادياً وسياسياً بمشروعات كبيرة، لكن المسألة تحتاج إلى التركيز لدعم دور الفن فى مسايرة الواقع للأفضل وعندنا نماذج كثيرة وعظيمة يمكن أن نستلهم منها القدوة والنموذج ليدفع الشباب للعمل والانتماء والعطاء، وهو يحتاج لدور الدولة وجهاتها الإنتاجية التى غابت بشكل تشعر وأنه مقصود. هل تكتفى هالة صدقى بالدراما فقط الآن؟ - بالعكس أنا باموت فى السينما، وأبحث عنها كثيراً، لكنها تبحث فى اتجاه آخر لا يليق بنا وبجيلى، ولذلك رفضت ثلاث مسلسلات و4 أفلام بسبب مسلسل «ونوس» لأنه كان الأعظم فى مشوارى.