* الأزمات الاقتصادية وقود الثورات.. فاحذروا * رؤوس القوائم الانتخابية للأكثر مالاً والأعز نفراً! ** المجرم والمتمرد والثائر.. من منهم يحكم.. وأيهم يتحكم الآن في الشارع المصري؟ المجرم.. يخرق القانون من أجل مصلحته الخاصة ويوافق أو يقبل ببقاء القانون ولا يهمه أن تتغير أو تتبدل نصوصه لأنه لا يأبه ولا يكترث بأية قواعد قانونية ومصلحته في بقاء الوضع علي ما هو عليه. والمتمرد.. يخالف القانون لأسباب تفيده أو تفيد الآخرين في محيط دائرته وهو يرفض القانون ويطلب تغييره أو تعديل بعض نصوصه. موقف المجرم والمتمرد فردي بالأساس. أما الثائر فهو لا يسعي الي تغيير القوانين فحسب وإنما يطلب تغيير نظام الحكم والحاكم. الثائر.. لا يرضي بغير سقوط الحكومة.. الثورة موقف جماعي يهدف الي إحداث تغييرات جذرية وعميقة وشاملة في المجتمع تطال النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة. التمرد يكون علي القانون والثورة تكون ضد الحكومة.. التمرد.. أداة ضغط والثورة أداة تغيير.. التمرد.. يبقي علي القانون والحاكم والثورة تستحوذ علي القانون.. التمرد.. مقاومة دفاعية تضغط ليمنحها الحاكم الحق والثورة مقاومة هجومية تأخذ الحق لأن الحقوق تؤخذ ولا تمنح. في حالة الثورة.. الدولة تسقط والفوضي تنتشر وفي حالة التمرد.. تبقي الدولة ويبقي النظام مجروحاً الي حين قد تختلط فكرتا التمرد والثورة و تتداخلان وبجمعهما دافع الشعور بالظلم ويفصل بينهما الهدف والمصالح. ** بعد ثمانية أشهر كانت الثورة المصرية الراقية حاضرة في نيويورك حيث المئات من الطبقة العاملة والمتوسطة الذين زحفوا الي وول ستريت حيث تقع سوق الأوراق المالية ورفعوا شعار «احتلوا وول ستريت»، احتجاجا علي الأقلية الحاكمة المجرمة حسب وصف الخبير الاقتصادي مايك كريجر وانتشرت الحركة في سيكاغو وسان فرانسيسكو وواشنطن ولوس انجلوس هؤلاء المحتجون الذين يمثلون 46 مليون فقير في الولاياتالمتحدة استلهموا ميدان التحرير في احتجاجهم ضد 1٪ من المجتمع الأمريكي يستحوذون علي الثروة.. تبلر كومبليك المتحدث الرسمي باسم المحتجين يقول: «استلهمنا هذا من ميدان التحرير كفي» يعني كفي.. وقال آخر إن الاحتجاجات تذكرني بما شهده ميدان التحرير بالقاهرة.. احتجاجات وول ستريت استخدمت كل مفردات ثورة يناير في مصر. ورغم الربيع الذي شمل عدة دول عربية فإن الثورة المصرية ظلت الرمز الأكثر تأثيرا في وجدان العالم. ** وقبل ثمانية أشهر اختفي الثائر قسرا أو غفلة أو مؤامرة، وظهر المجرم البلطجي والمتمرد الفل.. حل العنف محل السلام.. وسادت الإثرة وتراجع الايثار للمصلحة العامة.. اختفت الفرحة وارتسمت القساوة والعبوس علي الملامح والجوه.. تحشرج الأمل في صدور المصريين كمن يلفظ أنفاسه الأخيرة وسري الاحباط في النفوس كالنزيف. كنا قدوة ومثلا للرقي الثوري وأصبحنا أضحوكة وطرفة يتندرون بها.. سطرنا اسم مصر في صفحة جديدة من كتاب التاريخ وسرعان ماعدنا إلي أميتنا وجهلنا وقلبنا الصفحة وأمسكنا الفرشاة لا لنرسم مستقبلنا الجديد وإنما أخذنا نشخبط كالأطفال أو الجهلاء أو المجانين.. الثوار كشفوا عن أفضل مافينا والبلطجية والفلول فضحوا عوراتنا وأسوأ ما فينا. ما كل هذا العنف؟ ولماذا كل هذا الانفلات الذي ساد مصر من صعيدها الي دلتاها؟ إنه الإحباط الذي استولي علي الشارع المصري وشعوره بأن فرصة الإصلاح أفلتت أو تكاد من بين يديه بفعل فاعل.. إنه البطء في الإصلاح الذي وصفته في شهر مارس الماضي بأنه تباطؤ يصل الي حد التواطؤ.. إنها القوانين والمراسيم التي وصفت ب «العك السياسي» منذ شهرين.. تلك الأسباب المسئول عنها سيادة المدير للمرحلة الانتقالية.. المجلس العسكري وحكومتنا الضعيفة. الضعف المقصود والمتعمد والممنهج من جانب المدير والحكومة أغري العامة والفلول بالانفلات والعنف. علينا أن نبحث عن المجرم الذي لا يهمه سوي مصالحه الخاصة ولا فرق بين مجرم يسرق سيارة أو حافظة نقود ومجرم يسرق وطنا فكلاهما يبحث عن مصالحه الخاصة.. الأول بخرق القانون والثاني بالسكوت والامتناع عن تطبيق القانون.. علينا أن نبحث عن أولئك المتمردين الباحثين عن مزايا فئوية وصاروا عبئاً علي الثورة والاصلاح أو الراغبين في الانقلاب علي الثورة. علينا أن نبحث عن الثوار الذين باتوا يعانون من الغسق الذهني فغمت عليهم الأمور وغامت الدنيا بعد أن استولي علي الميدان إخوان مصريون يريدون اختطاف الثورة لننتقل معهم من مرحلة التحرير إلي مرحلة التغرير باسم الدين.. دعوني أسألكم من يتصدر المشهد الآن المجرم أم المتمرد أم الثائر؟! ** الثورة ليست عصا سحرية تحل تلقائياَ وفورا كل المشاكل وتحقق كل الأمنيات والمطالب وربما لا يعرف البعض أن الثورة الفرنسية أعقبتها ثورتان بعد أربع سنوات فقط من اندلاعها. هما ثورتا المسعورين والمتساوين الأولي احتجاجا علي الغلاء الفاحش وارتفاع تكاليف المعيشة والبطالة، والثانية رفضا لبقاء رمز الفساد والطغيان في السلطة. قدرة المواطن علي تحمل الغلاء والأوضاع الأمنية مرهونة بشرط الإصلاح السياسي الحقيقي والديمقراطية فإن لم يتحقق هذا الشرط فإن الأسوأ قادم.. العنف قادم.. والثورة قادمة لا تبقي ولا تذر.. الأزمات الاقتصادية وقود الثورات فاحذروا. ** النظام الانتخابي بالقائمة يجعل الناخب يختار حزباً وبرنامجاً وليس مرشحا وعصبة ومالا.. الانتخاب بالقائمة يرتقي بالناخب والعملية الانتخابية برمتها.. .. الناخب يختار الحزب الأجدر بثقته والأقرب لفكره والأقدر علي تحقيق مطالبه ومصالحه. والحزب يختار المرشحين القادرين علي تنفيذ برنامجه، هعم واجهته وأدواته وفي الانتخابات السابقة اهتم الناخبون والأحزاب بمن يملك اسما ولو كان لصا أو يملك مالا أو نفوذا وعصبية. وفي الانتخابات الحالية لانزال نحتكم إلي نفس القواعد حيث يتصدر القوائم الأكثر مالا والأعز نفرا يساعدهم في ذلك قانون يقول للشرفاء والمحترمين والأكفاء: «ابتعدوا أنتم حمير عنب».