مازالت ثقافة الحكومة فى التعامل مع آثارنا العظيمة لا ترقى لأهمية وقيمة هذه الكنوز، ودورها فى تغيير خريطة مصر السياحية أو إعادة تأهيلها لجذب السياحة لتحريك المياه الراكدة بها، وثقافتها لا تزيد على ثقافة موظفيها والعاملين بالمناطق الأثرية على كونها مجرد مكان أو أثر يحقق دخلاً لهم قبل دعم خزانة الدولة، وربما تكون هذه الثقافة أحد أهم الأسباب التى تسهم فى الصورة السلبية عن سلوك العاملين فى هذا المجال عند السائحين والتى اتخذتها السينما المصرية مادة خصبة للتندر. وهذه المشاكل السلوكية تظهر بوضوح فى مناطق الآثار المفتوحة مثل منطقة آثار الأهرامات التى يعتبرها السائح بجانب كونها زيارة تاريخية لمشاهدة إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة وهى الأهرامات وخاصة الهرم الثانى أنها زيارة ترفيه واستجمام واستمتاع بالمكان والزمان والتاريخ. من هذا المنطلق فكرت وزارة الآثار عام 2009 قبل خروج فاروق حسنى من الوزارة ومجيء الوزير «زاهى حواس» الذى اعتبره كثيرون المنفذ لآثار مصر، وخروجه من الوزارة عقب الثورة فى وضع نواة مشروع طموح لتطوير هضبة الأهرامات، وكان من المفترض أن ينتهى 2012، لكن ثورة 25 يناير جعلت المشروع يسير بطء شديد، وتعاقب أكثر من وزير للآثار بعد «حواس» وخروجه بعد توصله لفك شفرة العمل بالوزارة وتغييره، ما أدى لتعثر المشروع أيضاً، بخلاف عدم وجود تمويل كافٍ للانتهاء من المشروع الذى تصل ميزانيته ل350 مليون جنيه، وخصت منها الدولة 150 مليون جنيه، ويتبقى 200 مليون جنيه عجزت الدولة عن تدبيرها فى ظل ظروفها المالية الصعبة، والتى لم تكن أصعب من وقف حال السياحة، واستمرار الصورة السلبية والفوضوية حول أهم منطقة أثرية ليس فى مصر فقط بل فى العالم، وهى منطقة الأهرامات. وتشجيعاً لإنجاز المشروع، واستكمال ما يسمى «المثلث الأثرى السياحى الحضارى»، وافقت وزارة السياحة بدعمه ب51 مليون جنيه ليتبقى من قيمة التكلفة 150 مليون جنيه تعجز الدولة عن تدبيرها حتى الآن رغم الزيارات المتكررة لوزير الآثار الدكتور خالد العنانى ووقوفه على الحالة المتردية بالمنطقة، وكان آخرها منذ أيام وبصحبته قيادات وزارة الآثار والسياحة واللواء كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة التى ستسهم بدورها فى تنفيد المخطط. الدكتور الحسين عبدالبصير، مدير منطقة آثار الأهرامات كشف عن ملامح المشروع، وأهميته فى الحفاظ على القيمة الأثرية والسياحية كأهم آثار العالم. فى البداية أكد الدكتور الحسين عبدالبصير، أن المشروع من المفترض أن ينتهى بنهاية هذا العام، ويتضمن تطوير وتعديل مسار المداخل والمخارج من منطقة الأهرامات، بحيث يتم إلغاء المداخل الحالية أمام السيارات والأتوبيسات السياحية، ويكون المدخل الجديد من ناحية طريق الفيوم الغربى والمخرج أيضاً وربط المدخل ب«طفطف» من أول الطريق يصل حتى الهرم الثانى للحد من دخول السيارات والأتوبيسات لتلافى تأثير عادمها على الأثر، ويستخدم فى تشغيل الطفطف، الطاقة الشمسية أو الكهرباء ويصل أيضاً حتى المتحف الكبير بعد إلغاء المرور من ميدان الرماية، وتطوير محاور مرورية عن طريق استخدام أنفاق أرضية وعمل مسطح الأرض للمشاة والأتوبيسات السياحية الداخلة لمنطقة الأهرامات والمتحف الكبير فقط، وسيتم نقل منطقة البازارات والخيالة والجمال إلى منطقة الظهير الصحراوى، وربطها بالطفطف أيضاً، وسيتم إنشاء مزار سياحى ومركز للزوار يتضمن قاعة سينما ومطاعم وكافيهات حديثة على غرارها ما هو موجود فى المتاحف العالمية مثل متحفى اللوفر والمتحف البريطانى ب«لندن». وأشار عبدالبصير إلى أن تطوير منطقة آثار الأهرامات بالتزامن مع الافتتاح الجزئى للمتحف الكبير عام 2018 بعد نقل أكثر من 5 آلاف قطعة من آثار الفرعون الذهبى «توت عنخ أمون» إلى القاعة المخصصة لذلك بالمتحف سيتم استكمال أهم مثلث سياحى فى مصر والشرق الأوسط فى القرن ال21 بعد ربطه بالمتحف القومى للحضارة بالفسطاط الذى يضم مومياوات ملوك الفراعنة فى عصر الدولة الحديثة، وتفريغ المتحف المصرى بالتحرير بمنطقة وسط العاصمة لتخفيف العبء المرورى والزحام وبذلك نكون قد توصلنا للمفهوم العالمى للمتاحف، والذى يحتوى على مزارات تاريخية ومناطق ترفيه واستجمام وعمل منطقة متكاملة تسهم فى زيادة دخل الدولة من السياحة وزيادة دخل وزارة الآثار، لكن المهم استكمال السيولة اللازمة للانتهاء من المشروع والذى يسعى فيه جاهداً وزير الآثار دكتور خالد العنانى بدعم من رئيس الوزراء والقوات المسلحة. وأشار مدير آثار الأهرامات إلى أن هذا المشروع المهم يتبعه تطوير العقول والمنظومة الإدارية التى ستعمل فيه لتتماشى مع فكرة تطوير وتأهيل هذه المنطقة الأثرية وتدريب وتأهيل العقول وتنمية مهاراتهم فى كيفية التعامل بفكر وعقل حديث مع المنظومة السياحية والأثرية الجديدة التى ستكون عليها المنطقة.